عروبة الإخباري –
صدر حديثا للناقدة للدكتورة سهى نعجة أستاذة النحو والصرف والمعجميّات في قسم اللغة العربيّة في الجامعة الأردنيّة كتاب جديد في المنطقة المعرفيّة الوسطى بين اللغة والأدب والنقد بعنوان «رواق العربيّة»، وذلك عن دار عالم الكتب الحديث في الأردن في طبعته العربية الأولى، وهو كتاب بينيّ استثمرت فيه الدكتورة سهى نعجة تخصصها في اللغة، وموهبتها في النقد الأدبي في تقديم منجز علميّ حديث في علم الخطاب وتحليل النصّ؛ لهذا جعلت له عنوانا فرعيّا دالا على هذه المنطقة الوسطى أو الوسيطة بين علوم اللغة والأدب، فكتبت أسفل العنوان العام: «عتبات في اللغة وتحليل الخطاب”؛ لأنَّه يجمع أعمالا لغوية ولسانية ونقدية أنجزتها الدكتورة سهى على مدى سنوات، ونشرت بعضها في أوعية علمية وثقافية مختلفة.
وافتتحت الكتاب بمقدمة علميّة عذبة بأسلوبها الأدبي الممتنع على سهولته، فقالت عنه إنَّه جسر يجمع اللغة إلى الأدب، كما يجمع مَرويّات التراث إلى مَرئيّات الحاضر في خطاب لغويّ أدبيّ، يتأبّى على أوهام الفصْل بين اللغة والأدب؛ لأنَّ رواق العربيّة يسع المعجميّين والنحويّين والصرفيّين والشعراء والأدباء والنقاد، فسارت وفق خارطة طريق من أبواب وفصول في اللغة إلى مراجعات في اللغة والأدب عبر فصول في تحليل الخطاب الروائي في الأردن، فافتتحت الكتاب بفصل يدلّ على رؤيتها للغة ومنجزاتها الإبداعية بعنوان: “المحميات اللغويّة؛ دراسة في التسامح اللغويّ” وهو في الأصل دراسة علميّة أنجزتها في سنة التفرّغ العلميّ التي منحتها لها الجامعة الأردنيّة، وهذا الفصل يؤكّد سَعة العربيّة وتسامحها في قبول الجديد ما دام منضبطًا بما قِيْسَ على كلام العرب بوجهٍ من الوجوه، ومؤدّيًا لمعنى لغويّ قَبِلَه التداولُ المعاصر الصحيح الفصيح في العربيّة.
ثمّ تحدّثت عن التعليم، وهو المقصد الأسمى في عملها الأكاديميّ؛ فبدأت حديثها بمقاربة تربوية بعنوان: “تعليم العربيّة بالأسوة” وهو في الأصل بحث مشترك مع الدكتورة حنان عمايرة أستاذة اللغة واللسانيات في الجامعة الأردنية، ثم قدّمت رؤيتها الوطنيّة الأردنية للكفاية اللغوية التي ينبغي توافرها لدى خريجي التعليم العام؛ لتصل إلى تقديم نموذج لنجاح الجامعة الأردنيّة في تخريج مبدعين معروفين متميّزين.
وانتقلت الدكتورة سهى بعد ذلك إلى ممارسة الإبداع النقديّ في ضوء علم الخطاب وتحليل النصّ، فحلّلت خمسة أعمال روائية أردنية، منها ما كان من إبداع الأديبة أماني سليمان، ومنها ما كان من إبداع الأديبة هيا صالح، وهي حسب رؤية الدكتورة سهى أعمالٌ أردنية هادفة، تجاوزت حالة النقد إلى حالة البناء، كما تجاوزت حالة الشكل إلى حالة المضمون، وحالة التجريح إلى حالة التطبيب في قراءاتها للرواية حين تكون يد بناء وعلاء، وحين تكون وقاية من الوقوع في المحظورات والمرذولات من الأقوال والأعمال، ولا سيما في اختيارها الروايات التي تقوم على معالجة مشكلات الشباب الذين هم بُناة الحاضر وأمل المستقبل.
ثم عادت الدكتورة سهى نعجة إلى المنجز الأكاديميّ، وذلك في مراجعتها لكتابين لافتين للأكاديميّ الناقد الدكتور محمد عبيدالله، أحدهما كتابه “الصناعة المعجميّة”، والآخر كتابه “مفاتيح التراث”؛ لتصل إلى ما يدلّ على نضج تجربتها في دراسة اللغة والأدب عندما قالت: إنَّ أبواب هذا الكتاب وفصوله تتآزر في كلمة واحدة، وهي “الخطاب”، وما أحوَجَنا إلى قراءة علمية موضوعيّة للخطاب أنّى كان جنسه، وكيف كان شكله ومضمونه ولغته؟ لأنَّ تحليل الخطاب قنطرة نحو فهمه.