عروبة الإخباري –
واصل سعر صرف الشيكل الإسرائيلي تكبد الخسائر الثقيلة خلال التعاملات الأخيرة، بعدما دخل في أطول سلسلة خسائر منذ 39 عاماً أمام الدولار الأميركي، وسجل سعر صرف الدولار الأميركي نحو 4.07 شيكل، وهو أدنى مستوى للعملة الإسرائيلية منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2014.
وفي السياق واصلت العملة والسندات الإسرائيلية انخفاضاتها حتى بعد أن أبقى بنك إسرائيل المركزي سعر الفائدة من دون تغيير عند مستوى 4.75 في المئة خلال اجتماعه قبل أيام، على رغم قلق المستثمرين من احتمال تصاعد الحرب وضرب الاقتصاد بصورة أكبر.
ومع تصاعد الخسائر بسبب الحرب القائمة في قطاع غزة، كان بنك إسرائيل المركزي خفض توقعات النمو الاقتصاد إلى 2.3 في المئة خلال 2023، في مقابل ثلاثة في المئة في توقعات سابقة، مرجحاً نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.8 في المئة في 2024، مشيراً إلى ظهور آثار اقتصادية مختلفة، على النشاط الحقيقي أو على الأسواق المالية.
في غضون ذلك أشار تحليل حديث لوكالة “بلومبيرغ” إلى أن التراجعات التي يشهدها الشيكل الإسرائيلي قد تستمر لفترة أطول، مع غياب أي حلول للحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
وقبل أيام حذرت وكالة “موديز” لخدمات المستثمرين من خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، بسبب خطورة التصعيد العسكري مع حركة “حماس” والفصائل الفلسطينية في غزة.
وقد يؤدي خفض التصنيف الائتماني إلى زيادة كلفة الاقتراض بالنسبة إلى إسرائيل في وقت تستعد فيه البلاد لما يمكن أن يكون حرباً طويلة الأمد.
وقالت الوكالة في مذكرة بحثية حديثة “أثبت الملف الائتماني لإسرائيل مرونته في مواجهة الهجمات والصراع العسكري خلال الفترات الماضية”، مضيفة “مع ذلك فإن شدة الصراع العسكري الحالي تثير احتمال حدوث تأثير ائتماني طويل الأمد”.
وذكرت أن مراجعتها ستركز على مدة الصراع وحجمه ومدى تأثيره في اقتصاد إسرائيل ومؤسساتها والمالية العامة، مشيرة إلى أن المراجعة قد تستغرق وقتاً أطول من فترة الأشهر الثلاثة المعتادة.
توسع الصراع يضع الأسواق على حافة الهاوية
في سوق العملات تحركت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات، إلى خمسة في المئة في التعاملات الأخيرة، مما أبقى الدولار مدعوماً على نطاق واسع من دون أن تدفعه إلى الارتفاع على نحو كبير، في حين تراجع الين الياباني لفترة وجيزة من دون 150 أمام الدولار في وقت مبكر من التداول.
ويترقب المتداولون أحداثاً عدة خلال الأسبوع الجاري، بما في ذلك بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي ومؤشر التضخم المفضل لبنك الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، لكن الخبر الأهم يتمثل في ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 5.02 في المئة، مما يعد أحدث مراحل الموجة البيعية القوية في أسواق السندات الحكومية، مدفوعة باستيعاب المستثمرين إبقاء البنوك المركزية على أسعار الفائدة المرتفعة، ولا سيما في الولايات المتحدة، وارتفاع المعروض من السندات واتساع فترة علاوة الأخطار، إضافة إلى ذلك فإن خطر اتساع حرب إسرائيل والفصائل الفلسطينية، إلى نزاع إقليمي يجعل الأسواق على حافة الهاوية.
زيادة المضاربات على الشيكل تضع “المركزي الإسرائيلي” في مأزق
في غضون ذلك استقر مؤشر الدولار عند 106.2 مع ارتفاع اليورو بنسبة 0.03 في المئة فحسب إلى 1.0596 دولار، فيما استقر الجنيه الاسترليني عند 1.2158 دولار.
وتعليقاً على ذلك قال الرئيس العالمي للأسواق لدى “آي إن جي” كريس ترنر، “ينبغي أن يكون أسبوعاً جيداً بالنسبة إلى الدولار، إذ يتوقع تجاوز الناتج المحلي الإجمالي الأميركي أربعة في المئة، إلى جانب استمرار ارتفاع مؤشر التضخم المفضل لـ’الفيدرالي‘”.
استمرار موجة هرب المستثمرين
ومع استمرار التصعيد العسكري وارتفاع حدة الخسائر التي يواجهها قطاع الأعمال في إسرائيل، فإن ذلك يعني استمرار موجة هرب المستثمرين إلى مناطق أكثر أمناً بعيداً من مناطق الحرب ومحيطها، كما تتراجع قيمة العملات وتتقلص الاستثمارات التي تعزز فرص النمو والتنمية.
وعلى رغم أن الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن مثل هذا الهرب، فإن مؤشرات الأيام الماضية تدق ناقوس خطر محدق باقتصادات منطقة الشرق الأوسط بسبب استمرار الحرب.
ويزيد من الأخطار معدلات النمو الضعيفة لدول المنطقة وشمال أفريقيا التي ستتراجع هذه السنة إلى اثنين في المئة مقارنة بأكثر من خمسة في المئة العام الماضي بحسب تقرير لصندوق النقد الدولي على هامش الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي في مراكش خلال النصف الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
ولولا تدخل بنك إسرائيل المركزي بحزمة قيمتها 45 مليار دولار لوضع حد لتقلبات أسعار الصرف لكانت الخسائر أكبر بكثير.
وفي تقرير حديث قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية “إن صناعة التكنولوجيا في إسرائيل تواجه أزمة ستؤثر سلباً في اقتصاد البلاد، مع تجنيد عدد كبير من الإسرائيليين الذين يعملون في هذا المجال في الخدمة العسكرية”.
وقبل أيام وضعت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني ديون إسرائيل طويلة الأجل تحت المراقبة السلبية، مما يعني أنها مستعدة لخفض التصنيف الائتماني، مشيرة إلى خطر انضمام جهات فاعلة أخرى معادية لإسرائيل، مثل إيران و”حزب الله”، إلى الصراع على نطاق واسع ارتفع بصورة كبيرة.
ولم تتمكن وزارة الاقتصاد الإسرائيلية من تقدير القطاعات الاقتصادية التي فقدت أكبر عدد من جنود الاحتياط، لكن معظم الذين انضموا إلى المعركة هم تحت سن الـ40.
ويلعب هؤلاء السكان الأصغر سناً دوراً كبيراً في اقتصاد التكنولوجيا الإسرائيلي الذي يمثل نحو خمس الناتج المحلي الإجمالي السنوي.