عروبة الإخباري –
واضح من تصريحات نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية أيمن الصفدي أن الأوضاع في المنطقة تتجه نحو التأزم وليس التهدئة، وهو ما يستدعي الوقوف اقتصاديا لمراجعة وتقييم كافة المؤشرات والاستعداد وفق مبدأ التحوط لما هو قادم بسيناريوهات واقعية.
حرب الإبادة التي يقوم بها كيان الاحتلال في غزة سيكون لها تداعيات اقتصادية وخيمة على المنطقة وتحديدا على الاقتصاد الأردني الذي تستعد فيه الحكومة أن تقدم لمجلس النواب مشروع قانون موازنة 2024 بالتزامن مع زيارة بعثة صندوق النقد الدولي للمملكة لإجراء المراجعة الأخيرة للبرنامج الاقتصادي الذي قارب الانتهاء، والبدء بالتفاوض لبرنامج تصحيح جديد للسنوات الأربع المقبلة. فهل ستأخذ الموازنة القادمة بالتحديات الإقليمية الراهنة، أم أنها ستكون تقليدية كالعادة؟
الحكومة مطالبة بإعداد موازنة طوارئ تتحوط فيها لكافة التحديات الراهنة والمقبلة، فالتحديات الاقتصادية ستكون باهظة الثمن على المملكة في حال استمرار حرب غزة.
من المهم أن يتم تخصيص موارد مالية كافية للدفاع والأمن الوطني، بما في ذلك تعزيز الجيش وقوى الأمن والاستخبارات، ويجب أيضًا توفير التجهيزات والمعدات الضرورية للجيش العربي وتمويل البرامج التدريبية وتطوير قدراتهم.
ومن الجدير بالذكر أن إعداد موازنة طوارئ يتطلب اعتبار عدة عوامل، بما في ذلك حجم وطبيعة التهديدات الأمنية التي يواجهها الأردن، وقدرة الحكومة على تخصيص الموارد اللازمة، والاعتبارات الاقتصادية والمالية العامة.
يعتمد تحديد موازنة طوارئ للأردن على تحليل شامل للتحديات والاحتياجات الأمنية والعسكرية والاقتصادية للمرحلة المقبلة، والعمل على تعزيز مبدأ التحوط بواسطة اتخاذ التدابير اللازمة وتخصيص الموارد المالية والمادية لمواجهة المخاطر والتحديات.
يمكن تحقيق مبدأ التحوط من خلال إعادة تقييم شاملة لكل بنود الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي واتخاذ التدابير اللازمة لوقف النفقات التي ليس لها ضرورة اقتصادية أو أمنية، وهي كثيرة خاصة تلك التي يتم رصدها لأغراض شعبوية لا أكثر، فالأمر بحاجة إلى حزم مالي واقتصادي يتناسب مع حجم التحديات القادمة، فهذا هو السبيل الوحيد لوقاية الاقتصاد من أي مخاطر أو انزلاقات غير رشيدة في المرحلة المقبلة.
من خلال تطبيق مبدأ التحوط في موازنته، يمكن للأردن تعزيز استعداده لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية في المستقبل.
نعم، من المهم أن يقوم الأردن بإعادة النظر في بعض بنود الموازنة العامة لجعلها أكثر واقعية ولتحتاط من تحديات المستقبل.
لا يمكن للحكومة أن تتقدم بموازنة اعتيادية للعام المقبل وكأنه لا يوجد شيء في الإقليم، فالتحوط وسيلة سليمة ورشيدة لتأسيس حماية وقائية للاقتصاد الوطني الذي هو عرضة لأي هزة مالية؛ بسبب ارتباطاته الإقليمية والدولية وموقعه الجغرافي الذي يجعله دائمًا في واجهة الأزمات الإقليمية والدولية.
إعداد موازنة طوارئ يتطلب تفهمًا عاليًا ليس فقط من الحكومة، وإنما أيضًا من السادة النواب الذين يجب عليهم أن يرفعوا من منصاتهم الإدراكية بحقيقة التحديات التي تحيط بالاقتصاد الأردني، وضرورة الابتعاد عن المطالب الشعبوية والخدمية التي لا تسبب سوى مزيد من العجز المالي والدين، فالتحديات القادمة تتطلب مسؤولية وطنية عالية من الجميع.