عروبة الإخباري –
موقع جسور – طارق أبو زينب –
كسرت الفصائل الفلسطينية هالة أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر وغيّرت قواعد اللعبة باقتحامها مستوطنات ” غلاف غزة “، لتضع الجيش الإسرائليي في حالة إرباك وخوف.
يومان متشابهان في تاريخ الصهاينة يوم السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وكذالك يوم السبت 6 تشرين الأول/أكتوبر 1973 و المفاجأة تتكرر بعد 50 عاماً حيث استطاع الفلسطينون رغم الحصار أن يحققوا فشلاً عسكرياً واستخباراتياً للجيش الإسرائيلي، الذي نام على أوهام القوة التي لا تقهر ولا تهزم واستفاق على تحول دراماتيكي سيسجله التاريخ.
عملت السلطات الإسرائيلية على إقامة حاجز بري ضخم حول قطاع غزة بطول 60 كيلومترا لمنع التسلل الى المستوطنات في غلاف غزة ،وفرضت عقوبات إضافية مسّت على نحو مباشر الحقوق الأسياسية للسكان، وعلى مرّ 17 عامأ عملت السـلطات الإسرائيلية علـى ترسـيخ سياسـة عزل قطاع غزة، وفصله عـن الأراضي الفلسطينية في الضفـة الغربية والقدس الشرقية، لكن الفلسطينيين وجدوا مسارات بسيطة لتجاوز الجدار ولم تتوقع القيادة الأمنية والسياسية الإسرائيلية أن تكون الخسائر والإصابات في صفوف الجيش الاسرائيلي والمستوطنين بهذه الدقة والفعالية وما جرى في المراكز العسكرية والمستوطنات خارج نطاق الخيال.
فحتى بدء بدأت عملية ” طوفان الاقصى “لم تملك القيادة الاسرئيلية أي إنذار واستطاع الفلسطينيون التسلل بالكامل الى داخل المراكز العسكرية الإسرائيلية ودخلوا غرف نوم الضباط والجنود وتواجهوا مع عدد كبير من الإسرائيليين ومن لم يقتل، وقع بالأسر بأيدي المقاومين وحتى المستوطنات الاسرائيلية لم تتخيّل يومًا أن يقوم الفلسطينيون بنزهة بين منازلها وأسر من فيها بهدوء تام.
تطرف الحكومة الإسرائيلية
الحكومة الإسرئيلية الحالية أكثر الحكومات تطرفاً دينياً وقومياً في تاريخ احتلال فلسطين، صمّت أذانها عن ما يسمى بحل الدولتين وإعطاء الفلسطينيين حقهم المشروع وإغلاق جميع قنوات الدبلوماسية للتفاوض وحاصرت ماليأ وسياسيأ السلطة الفلسطينية، ووضعت سياستها المتشددة والمتطرفة موضع التنفيذ، وقبل أشهر شنّت حرباً على “حركة الجهاد الإسلامي” في غزة وقامت بتصفية عدد كبير من قياداتها العسكرية وقصفت المدنيين الأبرياء، ومن ثم استتبعت ذلك بهجمات متتالية على كوادر الحركة في الضفة الغربية ومخيماتها، وسهلت إقتحامات المستوطنين والمتطرفين اليهود إلى المسجد الأقصى، في عمليات شبه يومية.
معركة طوفان الأقصى
أتت معركة “طوفان الاقصى 2023 ” بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة خلال فترة الحصار ، وكانت قد شنّت القوات الإسرائيلية ثلاث هجمات رئيسية على قطاع غزة في 2008 -2009 -2012 -2014. ووقعت هجمات جوية وبرية متفرقة بينهما ، عملية الرصاص المصبوب (2008-2009 ) و عملية الجرف الصامد (2014) و عملية حارس الأسوار( 2021) وعملية السيوف الحديدية (2023 ) أظهرت أن حسابات الحكومات الإسرائيلية المتطرفة السابقة والحالية بأنها خاطئة وتدحرج الطوفان إلى مناطق عدة في فلسطين المحتلة وتخوف امتداد الطوفان الى ساحات أخرى منها لبنان، لتجد إسرائيل نفسها أمام معادلات جديدة، و مهما كانت نتائج الحرب الدائرة في فلسطين ، ستسجل في تاريخها فشلا ذريعا للاستخبارات العسكرية الاسرائيلية .
المعركة تمتد الى لبنان
وبعد التصعيد غير المسبوق في قطاع غزة يتزايد الهاجس من امتداد الإعتداءات الإسرائيلية من قطاع غزة إلى لبنان كحرب تموز 2006 بدءاً من بوابة الجنوب في هذا الصدد، قال الباحث السياسي السعودي الدكتور لؤي الغامدي لـ”جسور” ، تتراكم المخاوف عند الأشقاء العرب ان يدفع اللبنانيون ثمناً باهظاً يُضاف إلى الأثمان التي يدفعها نتيجة الفراغ السياسي والمؤسّساتي والإنهيار المالي والفراغ الرئاسي .
وأضاف الغامدي: الاستهداف الإسرائيلي لبعض القرى اللبنانية الحدودية قد أظهر مدى هشاشة الأوضاع على الحدود وغياب قرار الحكومة اللبنانية وعدم تحمل مسؤولياتها بقرار الحرب والسلم ، إلاّ ان التحدي الأكبر كيفيه تعاطي الحكومة اللبنانية مع التهديدات الاميركية والإعتداءات الإسرائيلية مع هذا التطور، علما بأن لبنان يتعرض لتهديد جدي مباشر من الحكومة الاسرائيلية والادارة الاميركية وبعض الدول الغربية، لعدم السماح للفصائل الفلسطينية ولحزب الله بفتح جبهة جديدة انطلاقأ من الحدود اللبنانية الفلسطينية .
رسائل تحذير دولية
ورأى الدكتور الغامدي في عمليات إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه شمال فلسطين المحتلة والتي تخطت إطار رسائل التحذير، انطلاق مرحلة جديدة، عنوانها الإنقلاب الجذري على كل معادلات المنطقة القائمة والخطورة الأكبر، التي تتربص بالدولة اللبنانية ، تتجاوز الحرب والدمار إلى تهديد الكيان والوجود اللبناني المهدّد أساساً بسبب تدحرج لبنان كله إلى حرب يستحضر معها اللبنانيون مشاهد من الحرب، وتحديداً حرب تموز 2006.
إجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي
وسلّط الباحث السياسي الدكتور لؤي الغامدي الضوء على الخطوة الدبلوماسية السريعة لقيادة المملكة العربية السعودية للبحث مع قادة الدول العربية والاسلامية ومنطمة التعاون الاسلامي التصعيد والاعتداءات الاسرائيلية على قطاع غزة والتنبية من مخاطر الحرب في الشرق الاوسط وتجاهل القررات الدولية مشيرا الى أن المملكة العربية السعودية استشعرت الخطر بتغافل العالم عن ما يحدث في قطاع غزة من إبادة جماعية للفلسطينين في القطاع، واعتقد أنه يجب على لبنان عدم الانزلاق و الإنجرار لمعركة عسكرية ويمكن أن يمتد الطوفان الى عدم الاستقرار في الشرق الاوسط. كما دعت المملكة العربية السعودية لعقد اجتماع وزاري عاجل لمنظمة التعاون الإسلامي ودانت “العدوان على غزة”، محملة إسرائيل مسؤولية تجاهل القرارات الدولية.
مشاورات الرئيس الفلسطيني وولي العهد
وفي وقت سابق، شكر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، المملكة العربية السعودية على المواقف الثابتة والجهود التي تبذلها، للوقوف مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وتلقى رئيس مجلس الوزراء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، اتصالاً هاتفياً، من الرئيس محمود عباس في جرى خلاله بحث حالة التصعيد العسكري في غزة ومحيطها وتفاقم الأوضاع بما يهدد حياة المدنيين وأمن واستقرار المنطقة .
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أعلن وقوفه بجانب الشعب الفلسطيني ، ويبذل كل الجهود الدبلوماسية ويسخرها للتواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية لوقف أعمال التصعيد الجاري ومنع اتساعه في المنطقة، وتأكيد ضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني وعدم استهداف المدنيين، كما أكدت المملكة العربية السعودية بالاستمرار بوقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة في حياة كريمة وتحقيق آماله وطموحاته وتحقيق السلام العادل والدائم ونقل، عن الرئيس الفسطيني محمود عباس القول إنه يقدر عاليا الجهود التي تبذلها السعودية لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته .
تنسيق عربي مكثّف
مروحة اتصالات يعقدها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتأكيد الرؤية العربية بشأن القضية الفلسطينية، التي تتمحور حول تحقيق التسوية الشاملة والعادلة على أساس حل الدولتين، وفق مرجعيات الشرعية الدولية، كما بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأوضاع الخطيرة في غزة ومحيطها وذكر الديوان الملكي الأردني، أن الأمير محمد بن سلمان أجرى اتصالاً بالملك عبد الله الثاني، تم خلاله تأكيد ضرورة تكثيف التنسيق العربي، وتوحيد الجهود لوقف التصعيد، وتفادي تبعاته على المنطقة كلها .
وأكد ملك الأردن ضرورة إيجاد أفق سياسي للقضية الفلسطينية لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، ونيل الأشقاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، مشدداً على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين.
إيران تتنصل
هذا وأثيرت تساؤلات بشأن دور إيران في التخطيط ودعم حركة حماس والفصائل المقاومة الفلسطينينة، التي أعلنت مسؤوليتها عن بدء عملية “طوفان الأقصى ” ، ليأتي الرد من إيران، التي نفت عبر البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة ضلوع طهران، في هجوم “طوفان الأقصى”.