عروبة الإخباري –
تطورات إيجابية للغاية بدأت تظهر في ملامح البيئة الاستثمارية في المملكة بعد التطبيق الفعلي لقانون الاستثمار الجديد الذي بدأ سريانه بداية العام الحالي.
التطورات ظهرت فيما كشفت بيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي التي تتعلق بالتدفقات الاستثمارية الحقيقية التي تدفقت إلى المملكة فعلا كأموال، وليس فقط في التسجيل الذي يستفيد من الإعفاءات التي نصت عليها قوانين وأنظمة الاستثمار، والتي تعطي دلالة حقيقية ودقيقة عن حجم واقع الاستثمار الفعلي، حيث أشارت البيانات الأولية لميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي إلى أن إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى المملكة خلال الربع الثاني من عام 2023 بلغت 383.8 مليون دولار، بارتفاع نسبته 85.7 %، مقارنة مع الربع المقابل من عام 2022، مدفوعة بشكل أساسي بالأرباح المعاد استثمارها والاستثمارات الحديثة التسجيل لدى وزارة الصناعة والتجارة والتموين.
وكشفت الأرقام ذاتها أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى المملكة بلغت خلال النصف الأول من عام 2023 حوالي 776 مليون دولار، بارتفاع نسبته 20.9 % عن مستواها في الفترة المماثلة من عام 2022.
هذه الأرقام تدل بوضوح وتؤكد توقف عمليات الجمود الحاصلة في بيئة الاستثمار المحلية، والتي عانت الكثير من التراجع في السنوات الأخيرة، وصلت نسبته في بعض السنوات وتحديدا في عام 2018 إلى أكثر من 60 %، الأمر الذي كان يدل على وجود إشكالية قانونية وإدارية في جذب الاستثمارات للمملكة.
طبعاً، قانون الاستثمار، الذي أثار في بداية إقراره جدلا كبيرا من مختلف قوى المجتمع، بدأ مثله مثل قانون الضريبة الذي أقر في عام 2019، والذي كان محل اعتراض واسع، وها هو اليوم يثبت نجاعته وقوته وشموله في تعزيز عمليات الإصلاح الضريبي ومعالجة التشوهات والتهرب. والأهم من ذلك هو توسيع قاعدة الشمول الضريبي ودخول شرائح جديدة تحت مظلة الضريبة.
اليوم، قد تكون النتائج الأولية للتدفقات الاستثمارية مؤشرا على أن قانون الاستثمار الجديد يسير بالاتجاه الصحيح، والأرقام تثبت ذلك. وقد تكون المسألة فقط تحتاج إلى بعض الوقت، مصحوبة بجهود إدارية عالية المستوى لجذب المستثمرين إلى المملكة من خلال حملات الترويج والمشاركة في المعارض الدولية المزمع إقامتها في المرحلة المقبلة، والتي سيكون لها تأثير إيجابي كبير في الوصول لمراكز الاستثمار الباحثة عن مواطن لها في المنطقة. والمملكة إحدى أبرز هذه المواطن إذا ما أحسن توظيف الميزات التنافسية، أهمها من موقع جغرافي متميز، ونظام سياسي اقتصادي مستقر وموازن، وجهاز مصرفي قوي وتشريعات حديثة تتناسب مع متطلبات الحداثة.
كل ما ينقص الأردن في المرحلة الحالية هو مشروع استثماري عملاق أو حزمة مشاريع كبرى يجب أن تخرج من إطار المباحثات والمشاورات إلى النور والبدء الفعلي في تنفيذها، لتكون علامة تميز حقيقية في الاقتصاد وإطلاق مرحلة جديدة مع المئوية الثانية. فالاقتصاد بأمس الحاجة إلى مثل هذه المشاريع التي تخلق الأجواء الإيجابية في المجتمع، وتبعث رسائل اقتصادية نوعية للمستثمرين والمؤسسات الدولية والمانحين، إضافة إلى أنها تساهم في خلق انطباعات إيجابية يحتاجها الجميع بأمس الحاجة.