عروبة الإخباري –
الغد – د. نادية سعد الدين –
يطوق الاحتلال الإسرائيلي القدس المحتلة بأكثر من 41 مستوطنة متغلغلة في قلب المدينة وبين أحيائها العربية، مما سهل زيادة عدد المستوطنين الجاثمين فوق أرضها إلى حوالي 233 ألفا، مرشحين للارتفاع مع نهاية السنة الحالية في إطار مخطط تهويدها وتغيير معالمها وسلخها عن النسيج المجتمعي الفلسطيني.
وأمام وجود قرابة 3 آلاف مستوطن ضمن الأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة، من إجمالي نحو 320 ألفا ضمن أراضيها، فإنه من اليسير على الجماعات المتطرفة حشد أنصارها منهم بالمدينة لتنظيم اقتحامات جماعية ضخمة لباحات المسجد الأقصى المبارك، أمس ولليوم الثاني على التوالي لإحياء ما يسمى “عيد الغفران” المزعوم، مما أدى إلى حدوث الصدام مع الفلسطينيين.
ولليوم الثاني على التوالي، تواصل قوات الاحتلال إغلاق عدد من شوارع مدينة القدس المحتلة، ونصبت الحواجز في البلدة القديمة التي تحولت إلى ثكنة عسكرية، حيث وضعت الكتل الأسمنتية في شوارع رئيسية بالقدس، وفرضت إغلاقا وحصارا لتسهيل اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك ولساحة البراق، ضمن استغلالهم لموسم الأعياد اليهودية المزعومة.
واقتحم مئات المستوطنين المسجد الأقصى أمس، من جهة باب المغاربة، في وقت أبعدت فيه قوات الاحتلال عددا من الفلسطينيين عن المسار المعتاد للاقتحامات التي جاءت تلبية لدعوات من “منظمات الهيكل” المزعوم، وذلك بمناسبة “يوم الغفران” المزعوم.
وكثفت شرطة الاحتلال من انتشار عناصرها ووحداتها الخاصة في البلدة القديمة وباحات “الأقصى” وعند أبوابه، لتأمين اقتحامات المتطرفين، ونصبت الحواجز العسكرية في البلدة القديمة، ومنعت دخول الفلسطينيين للمسجد.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة أن مئات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى على شكل مجموعات، حيث نفذوا جولات استفزازية في ساحاته، وتلقوا شروحات عن “الهيكل” المزعوم، وأدوا طقوسا تلمودية في ساحات المسجد وقبالة قبة الصخرة، قبل أن يغادروا المكان من جهة باب السلسلة.
في حين يواصل الفلسطينيون دعواتهم للحشد والرباط في القدس و”الأقصى”، لإفشال مخططات المستوطنين ومساعي التهويد المستمرة والتصدي للاقتحامات الجماعية للمسجد خلال الأعياد اليهودية المزعومة التي تستمر حتى الأسبوع الأول من الشهر المقبل.
وفي الأثناء؛ اعتبرت ما يسمى “حركة السلام الآن” اليسارية الإسرائيلية المناهضة للاستيطان؛ أن اتفاقية “أوسلو” ساهمت بشكل كبيرة في زيادة عدد المستوطنات والمستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يوجد اليوم حوالي 465 ألف مستوطن في الضفة الغربية، يقيمون في حوالي 300 مستوطنة وبؤرة استيطانية.
ويبدو أن تضاعف أعداد المستوطنين في القدس المحتلة كان من نتائج اتفاق “أوسلو”؛ حيث بلغ عددهم عند توقيعه عام 1993 حوالي 140 ألف مستوطن، بالإضافة إلى نحو 100 وعشرة آلاف مستوطن في الضفة الغربية ضمن 128 مستوطنة، فيما تركز النشاط الاستيطاني بالقدس فيما بعد ضمن 12 حيا استيطانيا كبيرا.
واكتسب النشاط الاستيطاني قوة داخل الأحياء الفلسطينية والبلدة القديمة في القدس المحتلة من خلال استيلاء المستوطنين على أراضي ومنازل الفلسطينيين وطردهم منها بالقوة المسلحة وتحت حماية قوات الاحتلال.
ومن الناحية النظرية، تمنع اتفاقة “أوسلو” إقامة مستوطنات جديدة وإدخال أي تغيير على الواقع القائم على الأرض الفلسطينية، لكن من الناحية العملية، وعلى الرغم من المحظورات، ازدهر المشروع الاستيطاني على مدى السنوات الثلاثين الماضية.
من جانبها، نددت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بانتهاكات وجرائم قوات الاحتلال والمستوطنين وعناصرهم ومنظماتهم المسلحة المتواصلة ضد الفلسطينيين وأرضهم ومنازلهم وممتلكاتهم ومقدساتهم، أسوة بما حدث وسط الخليل وشرق وجنوب بيت لحم والأغوار، بالإضافة الى الاستهداف الإسرائيلي المتواصل للمسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي الشريف بهدف تهويدهما وفرض السيطرة الإسرائيلية عليهما.
كما أدانت الوزارة عمليات التطهير العرقي التي تمارسها قوات الاحتلال ضد الوجود الفلسطيني في القدس والمناطق المصنفة “ج”، حيث أخطرت بوقف البناء في 21 منزلا ومنشأة في قرية سرطة غرب سلفيت منها 17 منزلا مأهولا بالسكان، واستمرار مسلسل الاقتحامات لمناطق واسعة من الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس المحتلة وما يرافقه من اعتقالات وإصابات وتدمير للبنية التحتية والتنكيل بالفلسطينيين المدنيين العزل.
واعتبرت أن التصعيد الحاصل في جرائم وانتهاكات قوات الاحتلال ومستوطنيه جزءا لا يتجزأ من حرب الاحتلال المفتوحة على الشعب الفلسطيني وحقوقه، تندرج ضمن مخطط استيطاني إحلالي رسمي يهدف لاستكمال عمليات الضم التدريجي الزاحف للضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس المحتلة.
وحملت “الخارجية الفلسطينية” الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن موجات التصعيد المتلاحقة ونتائجها الكارثية على ساحة الصراع والمنطقة برمتها، وتداعياتها على فرص إحياء عملية السلام والمفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
وانتقدت فشل المجتمع الدولي في إجبار الاحتلال على وقف جميع إجراءاته أحادية الجانب غير القانونية، والاكتفاء ببعض البيانات والمواقف الإعلامية التي لا تجد أي صدى لها من الطرف الآخر ولا تترجم الى خطوات وأفعال عملية للجم العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد الشعب الفلسطيني وإجبار الاحتلال الانخراط في عملية سياسية تفاوضية حقيقية.
وطالبت “الخارجية الفلسطينية” المجتمع الدولي بوقف ازدواجية المعايير الدولية والتحلي بالجرأة والشجاعة في تطبيق القانون الدولي على الحالة في فلسطين المحتلة، بما في ذلك تنفيذ قرارات الشرعية الدولية بما يضمن وضع حد للاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين.