عروبة الإخباري –
بترا – إيمان المومني –
لكل أداة تكنولوجية فوائد عديدة إذا ما أحسن استخدامها وهو ما ينطبق على الذَّكاء الاصطناعي الذي يؤكد متخصصون وخبراء أن بالإمكان توظيفه لتحسين حياة الإنسان في مجالات البيئة والطاقة والزراعة والمياه وغيرها من المجالات التي أصبحت بحاجة الى حلول غير عادية.
ويرى هؤلاء الخبراء أن من الصعب تحليل الكم الهائل من البيانات الحاسوبية حول التغير المناخي والاحتباس الحراري وتداعيات ذلك سلبا على المياه والزراعة والبيئة والمساحة الخضراء بدون الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي من أجل ايجاد الحلول للمشاكل الماثلة.
تم استطلاع آراء هؤلاء المتخصِّصين الذين أجمعوا على أنَّ للذَّكاء الاصطناعي قدرات كبيرة لتحليل الكم الكبير من البيانات وتوفير تنبؤات مستقبلية قد تُساعد أصحاب القرار باتخاذ قرارات نوعية في عدد من القضايا التي تخص تداعيات تغير المُناخ وغيره من المجالات.
مدير مديرية التَّغير المُناخي بوزارة البيئة المهندس بلال الشقارين قال إنَّ تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم الآلي والتَّعلم العميق، تمثل قوة فاعلة في مجال مكافحة تغير المناخ وبما يؤدي إلى تحسين النَّمذجة والتنبؤ بالمناخ، وتحليل البيانات المناخية التاريخية والنماذج المعقدة لتقديم تنبؤات دقيقة واقعية حول سيناريوهات المناخ المستقبلية، ومن خلال هذه التنبؤات، يتسنى للعلماء وصانعي القرار اتخاذ قرارات واضحة وفعّالة فيما يتعلق باستراتيجيات التخفيف والتكيف.
وأضاف، الشقارين إنَّ الذكاء الاصطناعي يُعزّز الكفاءة والأداء لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها، حيث يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي التنبؤ بإنتاج الطاقة استنادًا إلى التوقعات الجوية وتحسين أنظمة تخزين وتوزيع الطاقة وفقًا لهذه التوقعات، ونتيجة لذلك، يتم توفير إمداد مستدام وموثوق به من الطاقة النظيفة.
وفيما يتعلق بكفاءة الطَّاقة وإدارة الطَّلب، أشار الشقارين الى إنَّ الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تُتيح مراقبة أنماط استهلاك الطاقة في المباني والعمليات الصِّناعية وأنظمة النقل، عن طريق تحليل هذه البيانات، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد فرص توفير الطاقة وتوفير توصيات بشأن استراتيجيات تحسين استخدام الطاقة.
وأوضح أنه ومن خلال الشبكات الذكية يمكن التحكم وإحداث توازن على الطلب على الكهرباء وتوفيرها بشكل أكثر كفاءة، ويشمل ذلك مراقبة تدفق الطاقة في الوقت الحقيقي، واستجابة الطلب، وتكامل مصادر الطاقة الموزعة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعزيز مرونة الشبكة.
وأكد أنَّه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً هاماً في تحديد المناطق المعرضة للمخاطر والسكان الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، من خلال تحليل البيانات المتعلقة بارتفاع مستوى سطح البحر والظواهر الجوية المتطرفة والتغيرات في النظم البيئية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة في تطوير استراتيجيات تكيفية فعالة، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل صور الأقمار الصناعية وبيانات أجهزة الاستشعار لمراقبة تغيرات الغابات واستخدام الأراضي وتدهور الموائل الطبيعية، حيث تساعد هذه المعلومات في الحفاظ على الموارد الطبيعية بشكل فعال وإدارتها بطريقة مستدامة.
وأشار الشقارين الى أنَّ هذا النَّوع من الذكاء يسهم في التأهب للكوارث والاستجابة لها وعمليات التعافي عن طريق تحليل البيانات في الوقت الفعلي من مصادر متعددة والتنبؤ بمسار الكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات.
ويرى المتخصّص بتكنولوجيا التعليم والباحث في استشراف المستقبل بجامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا الدكتور عدي الطويسي أنَّ نسب الاحتباس الحراري المتصاعدة واحدة من أكبر التحديات التي يواجهها العالم في هذا العصر؛ حيث يشعر بأثرها جميع سكان العالم.
ولفت الطويسي إلى أنَّه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج مناخية متخصصة للأردن والشرق الأوسط، تستطيع التنبؤ بموجات الحر والعواصف الرملية وأنماط الجفاف بدقة أكبر، ويمكن تحسين مصادر الطاقة المتجددة بشكلٍ أكبر من اي منطقة أخرى في العالم، لأن الأردن ومنطقة الشرق الأوسط لديها إمكانيات هائلة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وبين أنَّه يمكن للذكاء الاصطناعي المساهمة في تحسين وضع الألواح الشمسية وتطوير صناعة توربينات الرياح، وكذلك بناء خوارزميات إنتاج الطاقة استنادًا للظروف الجوية، وتعزيز حلول تخزين الطاقة، إضافة الى الزراعة الذكية وطرق الحفاظ على المياه، وغيرها الكثير من التقنيات الرائدة في هذا المجال التي يمكن للدول ان تستثمر فيها على المدى القريب والبعيد.
ويعتقد الطويسي بأنَّ استغلال الذكاء الاصطناعي في مواجهة الاحتباس الحراري يضيف شعلةً من الأمل، ليس فقط للأردن ولكن للعالم بأسره، من خلال تشخير قوة الخوارزميات لتسريع جهودنا نحو مستقبل مستدام، مخففين بذلك من الآثار السلبية للتغير المناخي وضمان التعايش المتناغم مع كوكبنا.
وقال الباحث والمتخصص في مجال تطوير الاصناف النباتية الدكتور اكثم ابو خديجة إنَّه ونتيجة لتوفر البيانات المناخية الدقيقة لأكثر من مئة عام واستمرار تدفق هذه البيانات اصبح استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورة لربطها مع انتاج الغذاء وبالتالي امكانية التنبؤ بتوفره بالمستقبل بظل معطيات وبيانات المناخ.
ولفت ابو خديجة إلى أنَّ الذكاء الاصطناعي يوفر فرصا للمزارعين لربط الحالات المناخية المختلفة بإمكانية التنبؤ بحدوث الامراض النباتية او انخفاض الانتاج ومن ثم تجنب الخسائر وتقديم الحلول لتعظيم الانتاج.
طالب الدراسات العليا في مجال الذكاء الصناعي عبدالله اخميّس قال إن التحذير من التغيرات المناخية في صفوف العلماء والسياسيين أصبح امرا شائعًا في الآونة الاخيرة خاصة فيما يتعلق بالانبعاثات الغازية وظاهرة الاحتباس الحراري التي كان لها اثر سلبي وخطير يهدد الحياة على كوكب الارض.
وأشار الى أن توظيف الذكاء الصناعي أصبح ضروريا للتعامل مع الكم الهائل من البيانات من اجل خدمة مصالح الانسان، ففي مجال البيئة قد يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهما في انقاذ الارواح والممتلكات في مجال مكافحة حرائق الغابات التي اودت بحياة أكثر من مليار كائن حي في حرائق أستراليا قبل بضع سنوات.
وبين أنَّه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الزراعة الدقيقة التي تعني المكان الانسب في الوقت الأنسب للمحصول الانسب ما يساعد في زيادة الانتاج والتقليل من الضغط على الموارد الطبيعية مثل الاسمدة والمبيدات الزراعية، والاستخدام الأمثل والرشيد للمياه التي أصبحت تحديا كبيرا للكثير من الدول.