شحاده أبو بقر
عروبة الإخباري
أكثر من رائع أن تكاشف الحكومة وبمنتهى الشفافية شعبنا الكريم عما أنجزت خلال عام من التحديث الاقتصادي والإداري، برغم التحديات الكبيرة التي أكد رئيس الوزراء المثابر المتفائل دائماً، وأمام جلالة الملك، أنها موجودة، «ونحن قدها»، وهاتان كلمتان وطنيتان بامتياز، يبعثان مزيدا من الأمل والتفاؤل، لا بل كان لهما وقعٌ وطني إيجابي كبير في نفوس كل منتمٍ محب لهذا الوطن.
هذا المجهود الوطني التحديثي الإصلاحي، لا شك أن له أثره الطيب على الجبهة الوطنية الأردنية الداخلية، ولو من باب «تحريك» مشاعر العامة تفاعلاً نسبياً مع هذه الخطط والمنجزات، ومن ينكر ذلك، فهو إما أسير للسوداوية «إن جاز التعبير» بفعل تراكمات عقود عديدة مضت، أو هو رافض من حيث المبدأ حتى للاستماع والمناقشة وتقديم التفاؤل على التشاؤم، علَّ «الله» تعالى يأخذ بأيدينا إلى ماهو أفضل وأكرم، وسط تشابك واشتباك إقليمي وعالمي هو أشبه ما يكون بالدوامة والفوضى غير الخلّاقة.
لا علينا.. ليس هذا هو موضوع مقالي اليوم، وهو بالمناسبة اجتهاد شخصي يعبر عن وجهة نظر خاصة لا أكثر.
موضوعي هو «الجبهة الداخلية»، والتي باتت مفردات الشكوى والتذمر وتراجع منسوب الامل والثقة، هي العناوين الابرز لقناعاتها وأَحاديثها، تحت وطأة ما تتلقى من إشاعات ومعلومات وأنصاف معلومات وأخبار مسمومة عبر فضاء إعلامي يجسد طوفاناً عارماً من كل هذا، إلى الحد الذى غدا يصنع رأياً عاماً ملتبساً في بلدنا الصابر المصابر.
مؤسف، ومؤلم، لا بل ومحزن حتى، أن يكون هذا هو الواقع الافتراضي الماثل، في زمن اقليمي عالمي جد صعب، لا بل وخطير جداً، ينذر بمفاجآت وتقلبات على مدار الساعة لن ترحم أحداً يأخذها على محمل الاستهانة واللامبالاة.
بلدنا الاردن الحبيب اليوم، والله أدرى وأعلم، وحيدٌ في مواجهة تطلعات وطموحات ومطامع عديدة تأتينا من خلف الحدود، وجيشنا الباسل وقوانا الأمنية الساهرة، يتحملون أعباء كبرى لحماية بلدنا وحدودنا، من شرور ومكائد واضحة للعيان، ولها قطعاً ما بعدها في مخططات أصحابها.
أدرك جيداً أن ليس كل ما يُعرف قابل لأن يقال في شأن السياسة الخارجية وعلاقات الاردن بالآخرين، لكن من يقراً بعين المراقب مايجري في إقليمنا، وما قد ينتج عن ذلك من سياسات ومواقف وإجراءات ليست في صالحنا استراتيجياً، يقف أمام حقيقة وضرورة تمتين عرى جبهتنا الداخلية، لمواجهة أي طارئ من أي نوع، أو من أي مصدر كان.
دول الأقليم اليوم، تعمل فرادى وربما ثنائياً أحياناً، وهي تقول شيئاً وتفعل نقيضه في الوقت ذاته، والحرب الألكترونية اليوم على أشدها بين أطراف عدة، ولست أخال أن الاردن النقي الذي يريد الخير للجميع، بعيدٌ عن تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة.
الذين لا يترددون في إرسال طائرات «الدرون» الى بلدنا محملة بالمخدرات والسلاح، والذين يحاولون التسلل عبر حدودنا ومن كل الاتجاهات، والذين ينشرون أخباراً مسمومة ضد بلدنا، والذين يعيقون عودة اللاجئين إلى وطنهم الأم، والذين يحاولون تحريك مشاعر شعبنا لجهة قتل الانتماء، وإشاعة اللامبالاة، وتفريق صفنا الواحد.. كل هؤلاء، لا يريدون بنا وببلدنا خيراً، ولهم قطعاً أجنداتهم السياسية، وما هو أبعد من ذلك ضد الأردن الذي لم يكن يوماً سبباً في شقاء أحدٍ قطْ.
باختصار مهم جداً، فكما نعمل على الإصلاح والتحديث، فقد بات لزاماً وبأسرع ما يمكن، الاستدارة نحو العمل على توحيد صفوف شعبنا مع الدولة والوطن، وعبر المكاشفة غير الضارة، ولو بالاشارة الى من يعيق بناء تعاون بيننا وبين دول شقيقة حولنا، ومن يتعمد إيذاءنا بحرب الكترونية، ومن لا يتعاون معنا ويعمل ضدنا، ومن يخطط لإلحاق أذى بمصالحنا الوطنية الاستراتيجية.
الأردن أمانة في أعناق الجميع، وليس له من سند بعد الله سبحانه، إلا نحن شعبه، ولست أشك للحظة في أن شعبنا الكريم ومن كل المشارب، أكثر شعوب الأرض إخلاصاً وتفانياً في الدفاع عن وطنه، وعن فلسطين وقضيتها التي هي قضيتنا.. شعبنا متعطش للمكاشفة والمصارحة في كل هذا، وسترون عندها، كيف يتشكل رأي عام موحد هاجسه الوطن، والوقوف ببطولة مع الوطن، ضد كل مارق وحاقد وصاحب مكيدة أياً كان… حفظ الله الأردن من الأشرار.
الله من أمام قصدي.