للمرة الأولى يتم إقامة حفل خطابي وموسيقي ومعرض للصور بمقر الجميعة العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهذا الحشد والمكانة للمناسبة الاستثنائية للمرة الأولى تأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيتنا العادلة والتي تحتاج إلى الإنصاف من قبل المؤسسة الدولية والتي صدر عنها مئات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي من قرار تقسيم 181، والذي يؤكد على الحقوق الثابتة لشعبنا الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ووفقا لهذا القرار 1947عام وبعد عام على النكبة 1948عام بصدور قرار 194، والذي يؤكد على حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى ديارهم وتعويض، ومنذ ذلك الوقت تتوالى قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن وللأسف الشديد فإن هذه القرارات حبيسة الأدراج، حيث لم تلتزم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشروط الاعتراف فيها كدولة عضوا في الأمم المتحدة، وهذا ما يسمى بازدواجية المعايير الدولية للأمم المتحدة، حيث لم يتم تنفيذ أي من هذه القرارات التي تتعلق في القضية الفلسطينية، وسبق للرئيس الفلسطيني أبو مازن قد خاطب دول وشعوب العالم من على منبر الأمم المتحدة مطالب دول العالم الإعتراف بدولة فلسطين، وبكل صراحة وبغض النظر عن رأي البعض بمواقف وخطاب الرئيس وخاصة الخطاب الأخير، فإن الرئيس استخدم الأسلوب الساخر والتهكم والخروج عن النص بمخاطبة الحضور ودول وشعوب العالم خلال الجلسة الافتتاحية لمناسبة مرور 75 عاماً على النكبة.
وللأسف تجاهل البعض مضمون خطاب الرئيس، وتم تسليط الأضواء على فقرة واحدة من الخطاب حين طلب الحماية الدولية، وتناولت هذه الفقرة وبشكل متعمد بطريقة ساخرة كما تحدث بشكل ساخر حين قال بأن “إسرائيل” تحتفل في عيد الإستقلال، وقال بشكل ساخر اسأل عمن استقلت “إسرائيل”؟ قال نحن أيها السيدات والسادة، لسنا ضد اليهود، ولسنا ضد الديانة اليهودية، ولكننا ضد من يحتل أرضنا، وينتهك حقوقنا ويعتدي على مقدساتنا، وأضاف ترتفع أصوات خطيرة متطرفة تنكر وجود الشعب الفلسطيني، وتنادي بارتكاب نكبة أخرى بحق الفلسطينيين، تحت سمع وبصر الحكومة الإسرائيلية، وهناك من ينادي صراحة بقتل الفلسطينيين وطردهم من ديارهم، وهدم بيوتهم وترحيلهم وهو ماتقوم به الحكومة الإسرائيلية نفسها التي يقودها نتنياهو ،سموتريتيش وبن غفير وغيرهم من غلاة التطرف والاستيطان، إن ما جرى في قرية حوارة من قتل وحرق للبيوت والممتلكات من قبل عصابات المستوطنين الإرهابيين بحماية الجيش الإسرائيلي، جيش دولة الإحتلال يثير الرعب ويعيد إلى الأذهان صورة حية لما جرى في النكبة عام 1948، وقال “يتوجب على المجتمع الدولي أن يتدخل ويردع العدوان ويوفر الحماية الدولية للشعب الفلسطيني”، في حين باتت مواقع التواصل الاجتماعي والجهات المعنية في تحريض والهجوم علي الرئيس وعلى السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية لم تتناول غير فقرة من مضمون خطاب الرئيس بما في ذلك BBC وإعلام حماس تلك الفقرة قال فيها، طلب حماية المجتمع الدولي وقال “نتعرض للقتل والذبح يومياً، أحمونا أحمونا، أليس نحن ببشر ، حتى الحيوانات يجب حمايتها”.
ولقد شاهدنا في العدوان الأخير على قطاع غزة وسبق ذلك العديد من العدوان على قطاع غزة لم نشاهد الحد الأدنى من الرد على العدوان بسحب السفراء أو التهديد بوقف التطبيع شاهدنا الكل يقوم بدور الوسيط مع الإحتلال الإسرائيلي وحين تتغير هذه المعادلة سوف تختلف لغة الخطاب، هذه هي الفقرة الوحيدة التي أصبحت وكأنها نكتة، الرئيس أبو مازن لم يصاب في الخرف أو الزهايمر هو يعي بما يقول، وقد تجاهل البعض حين قال لا يجوز أن يقبل أو يسكت المجتمع الدولي على افتراءات ومزاعم “إسرائيل”من المساءلة والعقاب، ولا يجوز أن تبقى “إسرائيل” دولة فوق القانون في هذا المجتمع الدولي والنظام العالمي، ولا بد لهذا المنظمة الدولية التي تعمل على تحقيق السلم والأمن الدوليين أن تحافظ على مصداقيتها، ولذلك فإن أول خطوة يتوجب على الحكومة الإسرائيلية أن تقر هي وشركاؤها بالمسؤولية عن هذه النكبة التي لا تزال تتنكر لها بالمسؤولية عن المذابح والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني وتشريده والاعتذار، وطلب الصفح وجبر الضرر وتنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة وما لم تقم “إسرائيل” ومن ساندها، وكذلك المجتمع الدولي بأسره بذلك فإن جذور الصراع ستظل قائمة وسنبقى نطالب بحقنا أمامكم وفي كل مكان بما في ذلك المحاكم الدولية، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية.
أود التأكيد بأن الرئيس أبو مازن شكل رافعة وطنية للقضية الفلسطينية حين رفض صفقة القرن وتحدى الإدارة الأمريكية، وقد وصف السفير الأمريكي في” إسرائيل” مستوطن “إبن كلب” وكذلك هاجم الإدارة الأمريكية وبريطانيا وحملهم مسؤولية نكبة الشعب الفلسطيني ووعد بلفور المشؤوم، الرئيس أبو مازن استخدم مختلف الوسائل لتصبح دولة فلسطين عضوا مراقب في الأمم المتحدة، وقد حاور دول العالم لدعم وحصول فلسطين على هذه المكانه بين دول العالم، إضافة إلى إنضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية وإلى مختلف المنظمات والمؤسسات الدولية، وما يزال يعمل على تحقيق العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، ويلجأ الرئيس أبو مازن بشكل متعمد إلى التهكم والسخرية
في إيصال الفكرة؛ لذلك من المعيب تعليق البعض وتمسكهم ببعض الكلمات وتغيب السردية الوثائقية الحقيقية لمضمون خطاب الرئيس أبو مازن، والتي ترد على الرواية الإسرائيلية المحملة بالأكاذيب المتكررة.
عمران الخطيب
Omranalkhateeb4@gmail.com