يشكل خطاب الرئيس محمود عباس بمضامينه إستراتيجية عمل تتطلب تفريغ مضامينها وترجمتها إلى خطة عمل ترى طريقها للتنفيذ ثم إلى واقع عملي .
الإستراتيجية التي تضمنها خطاب الرئيس تتطلب إعداد برنامج عمل يشارك الكل الفلسطيني من منظمات وأحزاب وقوى مجتمعية ومؤسسات مجتمع مدني تنفيذه متكافلين متضامنين داخل الأرض المحتلة وخارجها على الأصعدة الإقليمية والدولية قوامها :
— دعوة فصائل ومنظمات المجتمع المدني المؤطرة داخل منظمة التحرير الفلسطينية لوضع خطة تحرك مشتركة مع نظرائها من جانب وعلى الحشد الجماهيري لكوادرها ومناصريها انما وجدت في الساحات على إمتداد العالم .
— تعزيز وتوثيق العلاقات البينية مع التكتلات العربية والإسلامية والإفريقية ودول عدم الإنحياز والدول الصديقة وصولا لتشكيل جبهة حشد ودعم للإستراتيجية الفلسطينية على كافة الأصعدة والمستويات.
— دعوة مؤسسات المجتمع المدني من إتحادات ونقابات وجمعيات الممثلة في المجلس الوطني الفلسطيني لوضع خطة تحرك مع نظرائها إقليميا ودوليا لحشد الدعم لنضال الشعب الفلسطيني وفق إستراتيجية العمل المركزية ذلك الدور الذي ثبت أهميته وفعاليته الإيجابية منذ إنطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965 .
— أن تتولى الفصائل والأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني مسؤولية الإتصال مع نظرائها عبر اقاليمها وتاطير وتفعيل دور الجاليات الفلسطينية وتوحيدها تحت راية العلم الفلسطيني في جميع أماكن تواجدها بهدف تشكيل شبكات داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني مع القوى الفاعلة في دول إقامتهم .
— لأهمية دور البرلمانات في معظم دول العالم الديمقراطي الكلي والجزئي في التأثير بالرأي العام والمشاركة في إتخاذ القرار بحكم مكوناتها الحزبية والسياسية لا بد من إيلاء التحرك البرلماني الفلسطيني للتواصل المباشر مع برلمانات الدول المؤيدة والمعارضة والمحايدة للحقوق الفلسطينية بهدف تعزيز دور الدول الصديقة وتحييد الدول المعارضة إن تعذر تغيير موقفها نحو مربع الداعم ولكسب دعم الدول المحايدة لنضال الشعب الفلسطيني والإعتراف بالدولة الفلسطينية وهذا يتطلب تفعيل وتعزيز الدبلوماسية البرلمانية الذي يتبناها رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح وما يتطلبه من رفع وتعزيز مستويات الإتصال المباشرة وعبر إرسال وفود تتمتع بالخبرة والقدرة على ” المجلس الوطني غني بالكفاءات والخبرات السياسية والإقتصادية والعلمية والإجتماعية ” الإضطلاع بواجباتها الوطنية على الصعيدين الثنائي والإقليمي وعلى صعيد الإتحادات البرلمانية بهدف أيضا تشكيل وإنشاء جبهات وشبكات داعمة تتولى مسؤولية الإتصال مع حكوماتها لترجمة دعمها لنضال وحقوق الشعب الفلسطيني عبر إتخاذ إجراءات عملية على الأصعدة السياسية والإقتصادية والثقافية وغيرها من السبل المتاحة .
— تكثيف التواصل مع مكونات الشعب الفلسطيني للنهوض بمستوى المشاركة بالمقاومة الشعبية الفاعلة لجميع مكونات الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة بالمقاومة الشعبية والتصدي لعصابات المستوطنين الإرهابية وممارساتهم الإجرامية من الإعتداء على أراض ومنازل ومزارع المواطنين الفلسطينيين عبر تشكيل لجان حماية وتصدي مشتركة وهذه المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على الفصائل والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني .
— تشكيل خلية عمل لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وللاجهزة الحكومية تتولى الإتصال مع جميع الدول المؤيدة والمعارضة للإعتراف بالدولة الفلسطينية لحث من لا يعترف للإعتراف بالدولة الفلسطينية وفق القرارات الدولية وخاصة تلك الدول التي اعترفت وتعترف بالكيان الإسرائيلي وتتبنى هدف حل الصراع على أساس حل الدولتين تنفيذا لقرار التقسيم 181 فليس من المنطق القانوني والحقوقي ومنعا للإزدواجية أن تستمر بتنكّرها وتخليها عن الإعتراف بدولة فلسطين تنفيذا للشطر الثاني من القرار الأممي أعلاه .
— توظيف كافة اشكال العلاقات الرسمية والشعبية والإعلامية ومراكز الدراسات ومؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الحقوقية منها لممارسة كافة اشكال الضغط على أمريكا خاصة حامية الكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري وعلى الدول دائمة العضوية لدعم الإعتراف بالدولة الفلسطينية وعدم إستخدام الفيتو للحيلولة “الذي حال سابقا ليس دون الإعتراف بالدولة الفلسطينية كاملة العضوية بالأمم المتحدة فحسب بل بتمكين سلطات الإحتلال الإسرائيلي الإستعمارية والإرهابية الإفلات من المساءلة والعقاب بل حالت أيضا دون إصدار بيان من مجلس الأمن يندد ويستنكر جرائم سلطات الإحتلال الإسرائيلي العنصرية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح ” دون ذلك الحق بتقرير المصير المكفول بميثاق الأمم المتحدة وبالعهود والمواثيق الدولية للشعب الفلسطيني أسوة بباقي شعوب العالم .
— تشكيل وفود مشتركة بالتنسيق مع الأردن والسعودية والكويت ومصر والجزائر تجوب العالم موحدين للإنتصار لحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف كنواة لتشكيل جبهة دولية عريضة تضغط على الكيان الإستعماري الإسرائيلي الإحلالي لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية تحت طائلة العزل وتجميد العضوية بالأمم المتحدة لإنتفاء شرط قبولها تنفيذ قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 ورقم 194 .
ونحن إذ يفصلنا ساعات عن بدء أعمال قمة جدة المطالبة بمغادرة مربع الدعم النظري والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية إلى الدعم العملي المرتبط بإجراءات على الأرض وفي مقدمتها ممارسة الضغط على أمريكا لوقف إزدواجيتها بالتعامل مع القضية الفلسطينية خلافا لواجباتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن ولإستصدار قرار وفق الفصل السابع يلزم ” إسرائيل ” إنهاء إحتلالها الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وفق جدول زمني و لتنفيذ باقي القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية دون إزدواجية إعلاءا لمبادئ الأمم المتحدة وميثاقها وللقانون الدولي والإنساني . َ
كم أن إعادة تفعيل سلاح المقاطعة للكيان الإستعماري الإسرائيلي وللدول الداعمة والمنحازة للعدوان الإسرائيلي بات ضرورة وطنية وأداة ضغط فاعلة في مواجهة تعنت الكيان الصهيوني الإسرائيلي العنصري وتحديه لإرادة المجتمع الدولي .
قمة جدة برئاسة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان معنية على تأمين دعم نضال وصمود الشعب الفلسطيني بكل السبل والآليات السياسية والاقتصادية ومجابهة الضغوط الخارجية موحدين ليس دفاعا عن فلسطين فحسب بل عن الأمن والإستقرار العربي بمفهومه الواسع .
الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي على ثقة بتبني قمة جدة الإستراتيجية الفلسطينية التي تضمنها خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة في يوم النكبة الذي أكد وجدد التأكيد على الثوابت الوطنية الفلسطينية بحدها الأدنى من :
* إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 دون أن يعني ذلك التنازل عن المساحة والحدود للدولة العربية الفلسطينية المحددة بقرار التقسيم رقم 181
* تمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 تنفيذا للقرار رقم 194.
الشعب الفلسطيني الذي قدم ويقدم الشهداء دفاعا عن وطنه وحريته ماض في ثورته بكافة الوسائل المكفولة دوليا مهما بلغت الضغوطات والمؤامرات حتى دحر الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي الإرهابي مدعوما من أحرار العالم حتى الإستقلال وإنجاز حق العودة بإذن الله …… ؟!
ما بعد خطاب الرئيس الفلسطيني…. للبناء عليه؟ — 2 — د. فوزي علي السمهوري
16
المقالة السابقة