قراءة في خطاب الرئيس الفلسطيني بالأمم المتحدة…. ؟
د فوزي علي السمهوري
—1—
لم يكن خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة عاديا في يوم غير عادي خصصته الأمم المتحدة لإحياء ذكرى مرور 75 عاما على النكبة الفلسطينية تلك النكبة التي بدأت مع جريمة بريطانيا بإصدار قرارها بإعلان ما يسمى وعد بلفور وما تلاه من إستعمار عسكري دموي بريطاني لفلسطين منتزعة قرار من عصبة الأمم المتحدة بتفويضها تنفيذ إعلان بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين أرض ووطن الشعب العربي الفلسطيني بمكوناته الدينية والمذهبية ذلك القرار الذي مثل تفويضا للمستعمر البريطاني وللعصابات اليهودية الصهيونية بشن حرب تطهير عرقي وحرب إبادة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح .
يكتسب خطاب رئيس دولة فلسطين تحت الإحتلال رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني السيد ابو مازن أهمية خاصة من حيث التوقيت و المكان والمضمون .
من حيث التوقيت :
جاء خطاب الرئيس :
* قبيل قمة الرياض التي تلتئم في التاسع عشر من أيار مما يرتب على القمة مسؤولية ترجمة شعار فلسطين قضية مركزية من بعدها النظري إلى بعدها الإجرائي بتبني ودعم الإستراتيجي الفلسطينية بدعم صمود ونضال الشعب الفلسطيني للتحرر من نير الإستعمار الإسرائيلي العنصري الإرهابي وحتى نيل الحرية والإستقلال وتقرير المصير .
* كما جاء الخطاب في ظل تصاعد الجرائم والإنتهاكات من مصادرة أراض وإعدام خارج القانون وإعتقالات تعسفية والإقتحامات للمنازل بترويع للمدنيين التي ترتكبها سلطات الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني على إمتداد أراض الدولة الفلسطينية المحتلة في الضفة الفلسطينية وفي قطاع غزة وما يرافقها من فرض عقوبات جماعية تصنف دوليا كجرائم حرب .
* في ظل إرتفاع حجم الدعم الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني الذي تجلى في قرارات الأمم المتحدة بدوراتها المتتالية .
من حيث المكان :
إكتسب خطاب الرئيس في الأمم المتحدة التي خصصت الخامس عشر من أيار يوما لإحياء مرور 75 عاما على يوم النكبة التي احاقت بالشعب الفلسطيني عام 1948 أهمية خاصة لما تمثله الجمعية العامة من أعلى هيئة دولية تعكس قراراتها إرادة المجتمع الدولي وما تخصيص 15 أيار يوم إحياء النكبة وإلقاء الرئيس خطابه السياسي الحقوقي القانوني التاريخي إلا دليل ومؤشر على إيلاء القيادة الفلسطينية وثقتها الكبيرة بدور الجمعية العامة أهمية للإنتصار العملي لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف عبر ممارسة كافة اشكال الضغوط لإلزام ” إسرائيل ” الإلتزام بميثاق ومبادئ الأمم المتحدة وتنفيذ قراراتها تحت طائلة المسائل والعقاب والضغط على الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وخاصة أمريكا التي تتعامل مع الشرعة الدولية والقرارات الدولية بإزدواجية وإنحياز للكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري الذي يتبجح بجرائمه وتحديه للمجتمع الدولي والإستخفاف والإهانة التي يوجهها للدول المصوتة على اي قرار مضمونه يصب في إدانة الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي لفلسطين ودعم حقوق الشعب الفلسطيني الأساس المكفولة بميثاق الأمم المتحدة .
من حيث المضمون :
الخطاب غني بالمضامين والرسائل ومنها :
أولا : العودة إلى جذر النكبة الفلسطينية المتمثل في قرار حكومة بريطانية الإجرامي بإطلاق ما يسمى وعد بلفور وتحميل كل من بريطانيا وأمريكا بالطبع دون أن ننسى فرنسا بمشاركة العصابات الإرهابية الإجرامية اليهودية الصهيونية المسؤولية الكاملة عن جريمة القرنين العشرين والحادي والعشرين بزرع الكيان الإسرائيلي في وطننا التاريخي عبر شن حرب تطهير عرقي وحرب إبادة بحق الشعب الفلسطيني لم تزل تداعياتها ونتائجها وشواهدها حية وماثلة للعين فملايين اللاجئين الفلسطينيين محرومين من ممارسة حقهم الأساس بالعودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 وعبر دعم جرائم سلطات الإحتلال الإسرائيلي العنصرية الهادفة إلى تأبيد إحتلالها الإستعماري الإرهابي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا خلافا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 ولقرار الجمعية العامة رقم 67 / 19/ 2012 بالإعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 .
ثانيا : التأكيد على حق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن نفسه وترابه الوطني وحقوقه الوطنية بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
ثالثا : لا سلام دون إنهاء الإستعمار الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والإعتراف بالمسؤولية عن النكبة والاعتذار والتعويض وإنهاء تداعيات النكبة .
رابعا : مطالبة المجتمع الدولي الإضطلاع بواجباته بإلزام الكيان الإستعماري الإسرائيلي إحترام مبادئ وميثاق الأمم المتحدة ” عدم إنتهاكاتها ” تحت طائلة العمل على إستصدار قرار بتعليق عضويتها في الجمعية العامة لعدم تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 الذي إشترط لقبولها تنفيذ قراري الجمعية العامة رقم 181 و 194.
خامسا : دعوة غلاة التطرف بن غفير وسوموتيرش بزعامة نتنياهو لقتل وطرد الفلسطينيين في دليل على غياب الشريك الإسرائيلي الذي أثبت قادته عداءه للسلام وعشقه للإجرام والإرهاب .
سادسا : التمسك بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الذي يكفل للاجئين الفلسطينيين الحق في العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 وما تأكيده على حقه بالعودة إلى صفد إلا رسالة للمجتمع الدولي بأن لا سلام عادل دون ذلك وما يعنيه من إستمرار للصراع .
سابعا : المضي في رفض أي مساومة للتنازل عن القدس مذكرا بمواجهة ترامب ورفضه صفعة القرن لعدم الإستجابة لتلبية أهداف البرنامج النضالي الوطني بحده الأدنى المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من حزيران لعام 1967.
ثامناً : دحض ديمقراطية الكيان الإستعماري الإسرائيلي الذي تتخذ منه أمريكا وحلفائها ذريعة لإنحيازها ودعمها اللامحدود للمستعمر الإسرائيلي بالرغم من إنتهاكاته الصارخة لميثاق الأمم المتحدة وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهود والإتفاقيات الدولية الصادرة بموجبه كالعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإتفاقية القضاء على كافة اشكال التمييز وإتفاقية حقوق الطفل وإتفاقيات جنيف والرابعة منها على رأسها .
تاسعا : دحض مزاعم مجرمي الحرب الإسرائيليين بأن 15 أيار يوم إستقلال بينما في واقع الأمر يشكل يوم ذروة نتائج حرب التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني الذي أسفر عن إقتلاع ما يقرب من نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه التاريخي .
عاشرا : رسالة إلى الرئيس الأمريكي بايدن تدعوه لترجمة شعاره قوة المثال لا مثال القوة بدعم حق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال والتوقف عن دعم العدوان الإسرائيلي وتمكينه الإفلات من المساءلة والعقاب الممثل للقوة الغاشمة .
مضمون الخطاب يتطلب وضع إستراتيجية عمل للبناء عليه على كافة الأصعدة والمستويات وهذا سيكون الجزء الثاني من المقال بإذن الله تعالى……