عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
ان من أهم الزيارات التي قام بها مسؤول اردني في السلطة التنفيذية هي الزيارة التي انجزها قبل حوالي سنتين مدير عام دائرة الجوازات والاحوال المدنية الباشا فهد العموش والتي اختصت بزيارة القدس لمعالجة مشكلة الجوازات الاردنية لحملتها، حيث ما زال الاردن وبتوجيهات ملكية ومنذ عام 1967 يسمح للمقدسيين بحمل الجواز الاردني دعما لصموده وحفاظا على حقوقه.. فالمقدسيون لم يشملهم قرار فك الارتباط الاداري الذي حدث ردا على الممارسات الاحتلالية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، اذ كانت الفكرة تنطلق من دعم الصمود الفلسطيني وتمكين القيادة الفلسطينية من التحرك السياسي باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني من خلال منظمة التحرير الفلسطينية..
الباشا مدير الجوازات استجاب لحاجة مقدسية في توفير الوقت والجهد على المقدسيين الذين يواجهون الاحتلال ومخططاته وتخفيف معاناتهم وتقصير زمن انتظارهم، حيث افتتح مكتب للاحوال المدنية رئيسيا في القدس وبشكل مركزي لا يحتاجون العودة فيه الى عمان إلّا عبر المكتب الذي وفّر عليهم الانتقال والسفر..
كنت في واحدة من زياراتي للقدس وقد التقيت مسؤولي الاوقاف في الحرم المقدسي الشريف وكذلك في المحاكم والدوائر التي تتبع للادارة الاردنية قد استطلعت الرأي فوجدت ارتياحا وشكر للمملكة الاردنية الهاشمية وللحكومة ولدائرة الجوازات العامة، وقد جاء هذا الشكر موصولا بداية لجلالة الملك الذي وجه الحكومة لهذا..
اليوم مرة اخرى وبعد زيارة اخرى للقدس احسست بثمرة تلك الزيارة واهميتها والقدرة على حل أي مشكلة ناشئة ضمن اطارها القانوني الذي ينتظم دائرة الاحوال المدنية، وقد التقيت رجالا ونساء وطلابا في الداخل في القدس وبعض الذين يغادرون للدراسة، ولمست المدى الذي وصلته الخدمة والتي ما زالت مستمرة وتجري رعايتها من جانب دائرة الاحوال المدنية والجوازات المركزية في عمان، حيث يتوفر البريد والاتصالات وتتوفر الاجابات على كافة الاسئلة المطروحة من جانب المواطنين المقدسيين الحاصلين للجوازات الاردنية والتي تمكنهم من حمل ارقام خاصة بجوازاتهم، وايضا من الحركة في الداخل والخارج والعودة..
لقد ظلت الاماكن المقدسية الاسلامية المسيحية وما اصابها من اعمار واهتمام منذ مطلع القرن الماضي وابتداء من عام 1928 في وصاية الهاشميين ورعايتهم منذ الشريف حسين -طيب الله ثراه- والذي بدأ الثوره العربية الكبرى خلاصا من الاحتلال العثماني ومرورا بالامير المؤسس عبد الله بن الحسين اول ملك للمملكة الاردنية الهاشمية، وحتى عهد الملك طلال -رحمه الله – ووصولا الى الحسين الباني الذي ازدهر الاعمار في عهده وكان صاحب الفضل في استمرار صيانة الاماكن المقدسة والحفاظ عليها حين باع بيته في لندن وذهّب قبة الصخرة المشرفة، وكذلك اعمار مستمر للمسجد القبلي والمرواني، والى عهد الملك عبد الله الثاني حيث تواصل الاعمار للمقدسات.. وكانت خطوة خدمة المقدسيين التي ترجمتها دائرة الجوازات لاسناد المسؤولية الاردنية عن الاوقاف الاسلامية والمحاكم، وكان الاعمار قد شمل ايضا كنيسة القيامة والقبر المقدس، كما شمل انشاء كراسي للبحث العلمي مثل كرسي “الامام الغزالي” وايضا علماء صوفية واخرين وباحثين ومحدثين في التاريخ الاسلامي.
لقد بقيت القدس الشريف “الاماكن المقدسة” تنعم بخدمات ملموسة من خلال الرعاية الهاشمية التي ستستمر الى يوم تحرير القدس وخلاصها، ولذا يستحق كل الذين يعملون من اجل استمرار صمود المقدسيين الشكر والثناء والاجر..