عانى الشعب العربي لعقود من ظلم وإضطهاد وتنكيل دول إستعمارية على راسها بريطانيا وفرنسا بعد تقسيم الوطن العربي إلى دول وزرع الكيان الاسرائيلي الإستعماري العدواني الإرهابي على أرض فلسطين ليتكفل بحماية مصالح القوى الإستعمارية صانعة كيانه ولضمان إستمرار التقسيم ومنع وحدة الوطن العربي الكبير كما لم يزل يعاني من وطأة ممارسة سياسة الإبتزاز والهيمنة على مفاصل القرار في مختلف الدول تحت عناوين وذرائع مختلفة .
عقلية ماكرون الإستعمارية :
لم يزل الرئيس ماكرون بعقليته الإستعمارية التي من المفروض أن تكون صفحة طويت وفقا لقرار الجمعية العامة بتصفية الإستعمار أنما وجد تعيش في خلده وما نشر في صحيفة لو فيغارو الفرنسية بعددها الصادر يوم الأحد الموافق 12 شباط ” أن قصر الإليزيه طلب أسماء للتفكير أو النظر في خلافة رئيس السلطة الفلسطينية البالغ من العمر 87 عاما ” مضيفة أن ماكرون يريد تغيير بعض الأمور لمواجهة إستمرار الجمود في الملف الإسرائيلي الفلسطيني .
وهنا لا بد من تسجيل ملاحظة أهمية توقيت النشر وعن مرامي ماكرون وأهدافه من وراء ذلك .
من حيث التوقيت :
جاءت التسريبات بعد حدثين :
أولا : ما يسمى فرنسيا بإندلاع اعمال العنف القاتلة الجديدة في الضفة الغربية والقدس متجاهلا بهذه التسمية الزائفة حقيقة الوصف القانوني والحقوقي لممارسات سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي في أراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وفق الشرعة الدولية بالجرائم والإنتهاكات لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وللإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية وتصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وترقى لجريمة تطهير عرقي كما ورد في العديد من تقارير منظمات حقوقية دولية وفق سياسة ممنهجة تستهدف فلسطين ارضا وشعبا وقيادة منكرة بذات الوقت الحق الأساس للشعب الفلسطيني المكفولة تاريخيا وحقوقيا وقانونيا ودوليا بالدفاع عن النفس والنضال بكافة الوسائل المكفولة دوليا من أجل الحرية والإستقلال وتقرير المصير في مواجهة الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي الأجنبي وهذا الموقف الفرنسي يمثل قمة الإنحياز للمستعمر الإسرائيلي ودعم إنتهاكاته وجرائمه والتخلي عن ما تدعيه من إحترام القانون الدولي وكفالة إعمال حقوق الإنسان بإزدواجية مقيتة بالتعامل مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بمجلسيها الجمعية العامة ومجلس الأمن وما موقفها من الحرب في أوكرانيا المناقض لموقفها من الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي إلا دليل على هذه الإزدواجية .
ثانيا : زيارة مجرم الحرب نتنياهو لفرنسا ولقاءه مع الرئيس الفرنسي ماكرون الهادفة إلى فك العزلة الواسعة لكيانه العدواني على الساحة الدولية ولتجميل صورته الإرهابية في محاولة لتحميل القيادة الفلسطينية ورمزها الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين تحت الإحتلال ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني المسؤولية عن عدم الإستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلة متجاهلا السبب الحقيقي لزعزعة الاستقرار الإقليمي الذي يكمن في إدامة الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي العنصري وتصعيد إرتكاب جرائمه بحق الشعب الفلسطيني .
أهداف ماكرون :
بلا أدنى شك للرئيس الفرنسي أهداف يسعى لتحقيقها من وراء ذلك ويمكن لنا إستنتاج أهداف ماكرون من مضمون ما نشرته صحيفة لوفيغارو على النحو التالي :
أولا : إستهداف الشرعية الفلسطينية من محاولة إظهار أن الرئيس محمود عباس متمسك بالحكم ويؤجل الإنتخابات التشريعية خوفا من خسارة حزبه أي حركة فتح متجاهلا بذلك السبب الحقيقي المتمثل برفض إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة .
ثانيا : منح صك براءة لقيادة سلطات الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي من :
• مسؤوليتها عن رفض تنفيذ اي من القرارات الدولية الداعية لإنهاء إحتلالها الإستعماري لاراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا خلافا لمبادئ وأهداف وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها .
• صك براءة من جرائمها التي إرتكبتها ولم تزل بحق الشعب الفلسطيني وإنتهاكاتها المتواصلة دون توقف للشرعة الدولية عامة وللقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني ولإتفاقيات جنيف منذ ما يزيد عن سبع عقود .
• تبرئة سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي من حرمان الشعب الفلسطيني بحقه الأساس من الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وحقه بالمشاركة الحرة في الإنتخابات التشريعية لفلسطينيي الأرض المحتلة منذ عدوان حزيران عام 1967 في كافة مدن وقرى الضفة الفلسطينية وخاصة في قلبها القدس الشريف وفي قطاع غزة لإجراءها ترشيحا وإنتخابا دون منع وتقييد وعقبات فرفض حكومة المستعمر الإسرائيلي الإرهابي إجراء الانتخابات في القدس حال ويحول دون إجراءها .
ثالثا : تبرير عجزها عن الإضطلاع بمسؤولياتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن بإستقلالية عن موقف امريكا وكرائدة في كفالة حقوق الإنسان بشكل عام و للشعب الفلسطيني بشكل خاص في مواجهة نتنياهو رمز الإرهاب والتطرف والعنصرية للضغط على كيانه لوقف جرائمه وإنتهاكاته الصارخة وتأمين الحماية للشعب الفلسطيني إعمالا وتنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وإنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة.
رابعا : تبرير تهربها من الإعتراف بالدولة الفلسطينية خلافا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في عام 2012 ولسياستها المعلنة بتبنيها وإلتزامها بحل الدولتين ” اي تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ” سبيلا لحل الصراع .
خامسا : بعد فشل سياستها في إفريقيا قامت بإستدارة لإثبات وجودها في الشرق الأوسط وقدرتها على التأثير من خلال التدخل بالشأن الفلسطيني معتقدة أن بإمكانها فرض قائد جديد للشعب الفلسطيني يذعن بقبول تنفيذ الإشتراطات الإسروامريكية لتسوية القضية الفلسطينية والتي تعني تصفية القضية الفلسطينية عبر الموافقة على إعادة القضية في بعدها النضالي الوطني للشعب الفلسطيني من أجل الحرية والإستقلال إلى البعد الإنساني كسكان مما يعني الإستسلام لتابيد الإستعمار الإحلالي الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة بعاصمتها القدس وما يحمل في طياته مخاطر شن حرب إبادة وتطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني وما القوانين العنصرية التي صدرت أخيرا وتصريحات نتنياهو زعيم معسكر الإرهاب والتطرف بأن الضفة الغربية والقدس هي أرض إسرائيل وأن إسرائيل دولة يهودية إلا دليل دامغ على ذلك .
بناءا على ما تقدم ولإدراك الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها بأهداف الصهيونية المدعومة من القوى الإستعمارية يؤكد رفضه التدخل في شؤونه الداخلية سواء من ماكرون أو غيره من القوى الدولية ويطالب ماكرون بأن لا يضيع وقته وأن يطلع على النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ليجد الجواب على تساؤلاته المعلنة والمخفية .
م ت ف عنوان الشرعية الفلسطينية :
تم تأسيس السلطة الوطنية بقرار من المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية لإدارة شؤون الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وهذا يعني أن السلطة الفلسطينية جهاز تنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها وما يعنيه ذلك من مكانة السلطة الوطنية الإدارية خلال المرحلة الإنتقالية المتفق عليها في إتفاق اوسلو وليست التمثيلية المحصورة قصرا في منظمة التحرير الفلسطينية فقيادة المنظمة برئيسها وأعضاء لجنتها التنفيذية هي عنوان الشرعية كما يمثل المجلس الوطني الفلسطيني أعلى سلطة في منظمة التحرير الفلسطينية بحكم تركيبته مهامه وصلاحياته .
الشعب الفلسطيني متمسك ومؤمن بقراره المستقل وسيدافع عن حقه الطبيعي بعدم التفريط بذلك….ويؤكد على رفض سياسة ماكرون العبث بإرادة الشعب الفلسطيني…. كما يؤكد إلتفافه ودعمه لقيادته الشرعية ممثلة بمنظمة التحرير وللإستراتيجية الفلسطينية التي عرضها ويعرضها الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين رئيس م ت ف أمام الأمم المتحدة والتكتلات الإقليمية والدولية للتحرر من نير الإستعمار الإسرائيلي العنصري الإرهابي .
فعاليات إنطلاقة فتح بمشاركة فصائل م ت ف وعشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني ومشاركة آلاف المشيعين لشهداء الشعب الفلسطيني وآخرها شهداء نابلس إنما هي رسالة إلى ماكرون ولقادة العصابات الإرهابية الإسرائيلية التي تقود الكيان الإسرائيلي المصطنع بقيادة نتنياهو رمز الإرهاب وعدو السلام والإنسانية بأن الشعب الفلسطيني ماض في نضاله بكافة الوسائل حتى دحر الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948… كما هي رسالة إلى بايدن وماكرون بأن عنجهية معسكري الإرهاب والتطرف بقيادة نتنياهو وبن غفير ولابيد وغانتس هم التهديد والخطر على الأمن والسلم الدوليين … ومهما بلغت المؤامرات لن تنال من إرادة الشعب الفلسطيني وصموده ونضاله الوطني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بدعم من أحرار العالم دولا وشعوبا حتى نيل الحرية والإستقلال بإذن الله تعالى… ؟!
عقلية ماكرون الإستعمارية… والقرار المستقل للشعب الفلسطيني؟ د فوزي علي السمهوري
9
المقالة السابقة