عروبة الإخباري – تحت عنوان التضامن في مواجهة تبعات الهزات الأرضية التي ضربت سورية، جاءت زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي امس الى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الاسد، في أول زيارة رسمية لوزير خارجية أردني إلى سورية منذ بدء الصراع هناك عام 2011.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارة تحمل مضامين سياسية، بعيدا عن التضامن الأردني مع الجارة الشمالية بعد الزلزال الذي أوقع ضحايا في الشمال السوري، والجنوب التركي، في وقت حرص الأردن الرسمي منذ اندلاع الثورة السورية، على الالتزام بموقف الحياد ما أمكن، بحكم الترابط الجغرافي والديموغرافي مع جارته الشمالية.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، إن زيارة الصفدي متوقعة في ضوء التطور في العلاقات بين البلدين، خاصة بعد اجتماعات وزراء الطاقة في كل من الأردن ومصر وسورية ولبنان، لتزويد لبنان بالكهرباء، وأيضا فتح المعابر بين البلدين، وتبادل أكثر من اتصال بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس السوري بشار الأسد، وأيضا لا ننسى الحدود الطويلة بين الطرفين ودخول الأردن في مواجهة مع العصابات المتواجدة على الحدود لضبط وحماية الحدود الشمالية.
وتابع أن للأردن وسورية مصالح متبادلة، وينظر باهتمام لعودة سورية الى الحاضنة العربية، اذ تتمثل المصالح الأردنية بعودة آمنة للاجئين، ووقف استفزازات الجماعات المتطرفة والعصابات والمليشيات الأخرى المتعاونة معها، المتمثلة بتهريب المخدرات والأسلحة لخلق حالة من الفوضى في الأردن الذي يدرك خطورة ذلك، ولذا يسعى للتنسيق مع الجانب السوري في هذا المجال.
وأضاف: “طبعا هناك مشاريع عابرة للإقليم، منها مشاريع الطاقة والربط الكهربائي للبنان، والتي تستفيد منه سورية أيضا نتيجة مروره عبر أراضيها”.
وزاد شنيكات أن المتغيرات الجديدة استجدت على المشهد بعد وقوع الزلزال الذي شكل فرصة لدفع العلاقات الثنائية قدما بين البلدين، وتجسدت في الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك والرئيس السوري، وتقديم الأردن مساعدات إغاثية للشعب السوري، وكل ذلك للتأكيد على تقارب العلاقة بين البلدين.
ورأى أن زيارة الصفدي لدمشق، ليست للتضامن مع السوريين في محنة الزلزال فقط، بل هي أبعد من ذلك، حيث ترنو لاسترجاع العلاقة بين البلدين كما كانت قبل عام 2010، متوقعا ان تليها زيارات متبادلة بين الطرفين على مستوى الوزراء ورساء الوزراء وأبعد من ذلك.
من جهته، يرى المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، ان عنوان زيارة الصفدي إنساني بلا شك، لكنه رجح أن يكون الملف السياسي حاضرا على طاولة اللقاءات التي عقدها مع الرئيس السوري بشار الاسد ونظيره فيصل المقداد.
وأضاف: “الوزير الصفدي حمل خلال الزيارة أفكار الأردن للحل في سورية، والمبادرة التي تحدث عنها جلالة الملك عبدالله الثاني ووزير الخارجية في وقت سابق، إذ قال جلالته بداية شهر اكتوبر الماضي، إن الأردن يريد حلاً يحفظ وحدة سورية، ويضمن العودة الطوعية والآمنة للاجئين، فيما اكد الصفدي أن المملكة تحشد من أجل دعم دولي وإقليمي لعملية سياسية يقودها العرب، لإنهاء الحرب في سورية، موضحاً أن العملية ستشمل دولاً عربية”.
واعتبر الحجاحجة أن زيارة الصفدي لدمشق، تعكس اهتماما اردنيا بالترتيبات أو الاقتراحات فيما يخص العلاقة مع سورية، والرؤية الاردنية لحل الأزمة في الجارة الشمالية.
وقال إن هدف الأردن في الملف السوري، يكمن في كسر عزلة القيادة السورية، ودعوة دمشق للعودة إلى جامعة الدول العربية، وتعزيز مكانتها ومركزها العربي، مضيفا ان زيارة الصفدي الى دمشق، تؤكد أن عمان تمضي في مسار لم الشمل.
وفي هذا الشأن، اعتبر السفير السابق سمير مصاروة، هذه الزيارة بمثابة فتح صفحة جديدة بين عمان ودمشق على وجه الخصوص، وبين دمشق والعالم العربي بالمفهوم الأوسع.
وتوقع مصاروة ان الزيارة التي تحمل عنوان التضامن مع ضحايا الزلزل الذي ضرب سورية وتركيا، تأتي ايضا في سبيل استغلال الواقع الإقليمي والدولي الجديد الذي يعيشه العالم على وقع الصراع في اوكرانيا بين روسيا والدول الغربية والولايات المتحدة، وحشد دعم عربي ودولي للتوصل لحل سياسي للأزمة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254 ووفقاً لمبدأ خطوة مقابل خطوة، والتوصل لحل سياسي يلبي طموحات الشعب السوري، ويضمن وحدة سورية وتماسكها وسيادتها، ويخلصها من الإرهاب والتدخلات الخارجية.
وقال إن الرسالة الرئيسة التي تحملها هذه الزيارة، هي أن الأردن يدعم جهود الاستقرار في سورية، خاصة ان هناك إقرارا في العالم العربي، بأن المقاربة العربية مع الأزمة السورية خلال العشر سنوات الماضية لم تكن دقيقة، وسمحت لقوى إقليمية بالانخراط في الملف السوري، وغاب العرب عن المشهد، ما خلق بيئة مناسبة للفوضى والإرهاب.
زيارة الصفدي لسورية: مضامين سياسية أبعد من الزلزال
12
المقالة السابقة