عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب.
استطاعت اللغة الشعرية ان تحتويه فكتب بها وابهر وتميز ..
واعده واحدا من ابرز الشعراء في مجال فلسفة الحياة فقد قدم الكثير الذي يفتقد له الشعر العربي المعاصر، ومحمد سمحان ابو اياد عرفته شابا متمردا على رتابة الواقع محاولا حد المغامرة .
كان اللقاء الاول في الجامعة الاردنية في بداية السبعينيات واواخر الستينيات، كنا طلابا في كلية الاداب كان في تخصص الجغرافيا وكنت في اداب اللغة العربية جمعتنا اكثر من مناسبة
لم يكن يتقبل الامور على علاتها جاء الى مقاعد الدراسة من الوظيفة،
امضينا السنوات الاربع حتى البكالوريوس وتخرجنا وغادرنا بالقطار الى دمشق وبيروت، والتقينا هناك مع زملاء اخرين من الجامعة وممن تعرفنا عليهم في بيروت التي كانت تفيض ادبا وثقافة ومقاومة ، نزلنا في نفس النزل البسيط في ساحة الشهداء حيث كنا نستأجر السرير. وليس الغرفة وكنا نلتقي في مطعم سقراط قريب فندق الجيروسالم، ونتردد لتقديم طلبات التعاقد مع الخارج ..
لم نفلح الا في اللحاق ببعثة ليبيا حيث تعاقدنا كمدرسين وغادرنا الى بنغازي، وهناك نزلنا في فندق قصر النيل وقد وصلنا ليبيا سنة حرب اكتوبر وبقينا في الفندق نتابع وقائع الحرب الى ان وزعونا ، ولما لم يكن لدينا سنوات خبرة ارسلونا خارج المدينة على بعد مئات الكيلو مترات، كنت عينت في منطقة صحراوية بعيدة لأكثر من مئتي كيلو متر ولما وصلت لم اجد الا المدرسة في براكية من غرفتين ولم يكن الطلاب قد حضروا من النجوع والبوادي فامضيت وحيدا ليلتين الى ان مرت سيارة قريبة “بكب” فعدت معها لأني لم استطع البقاء ولم اتمكن من الاتصال بالطلاب الذين ياتون على الدواب..
كان حظ محمد سمحان ان جاء تعينه في بلده اسمها سلوق حيث اعدم سيد الشهداء عمر المختار.
ورجعت الى بنغازي وقررت الاستقالة او ابقى في المدينة، وساعدني مدير مدرسة مسائية لابقى فيها ادرس في المساء واعمل في الاذاعة في الصباح، وكان طلابي من الموظفين الذين لم يكملو تعليمهم الاعدادي،
وبقينا نلتقي في بنغازي او في سلوق التي كنا نذهب الى زيارة ابو اياد الذي عرفنا على واحد من الطلاب المميزين .. اصبح فيما بعد الاقرب للعقيد القذافي ثم سفيرا في الاردن وما زال يقيم في عمان انه الدكتور محمد حسن البرغثي..
وتعرفنا عل شباب اخرين وانخرطوا في العمل النضالي المقاوم..
كان سمحان كثير النقد للفصائل، وقد جر عليه ذلك متاعب عدة ولكن كان اكثرنا استقرارا، فقد انقبل لاحقا في بنغازي وكان متزوجا ولديه عائلة اكبرها ابنه اياد الذي توفي في ليبيا بعد عودة والده الى عمان، وقد فجع به ورثاه بقصائد خالدة،، كنا مجموعة ثقافية يلتقي فيها الفلسطيني الاردني مع ابن شعبه السوري واللبناني والمصري في تفاعلات كان من اصدقائنا يونس ابو سعيفان وزوجته من بيت شرارة اللبنانية وايضا من ال الشروف فايز وكامل
وعبد الهادي، وايضا المعلمة النابهة والمناضلة في الجبهة الشعبية سمية بدوي.
كانت العائلات توفر جوا مريحا للمغتربين حيث كنا نجد وجبات تقليدية تتوفر لنا حين نلتقي، هناك بدأت موهبة محمد سمحان الشعرية تتصاعد وكنا نتابعها وكانت الفلسفة واضحة في شعرة كمثل قوله..
والسعادة هل في هذا العالم المأمون منها اي شيئا اننا الروح ام الروح انا نحن روحان حللنا بدنا
واذكر انه في يوم جمعة وقد زارني الى البيت ابو اياد وكنت انا والزميل خليل عامر وحسين الريماوي ننتظر وقت الغداء وزارنا من شركة النفط زميل محاسب من ابو ديس اسمه حسن نوفل.
فقال نحن نذهب الى الغداء في مطعم ونظر الى نوفل وقال تعزمنا باعتبارك قادم ولديك المال ؟ فقال: انا ضيف, فقال ابو اياد: ان عزمت مدحتك وان عزمناك هجًوتك.
فحذرت حسن نوفل من ان يهجوه سمحان لانه ان فعل علق به الهجاء طوال عمره,
فقال حسن: اسمع مطلع قصيدة المدح واقرر, فكان في ذلك حلا فقلت ابدأ يا ابا, فقال وهو ينظر الى حسن الذي هو من ابو ديس وهي من قرى القدس الى جواره العيزرية.
لو لم يسجل في القواميس. لقلت حاتم من ابي ديس..
فصفقوا وقال حسن موافق اكمل, وتوجهنا للغداء محمولين على شعر محمد سمحان الذي حاول احد الفصائل ابعاده عن ليبيا ولانه بقي حتى اختار المغادرة، وظل منخرطا في العمل وشارك في عدة محاولات وظل مرتبطا بالصحافة مرابطا في الشعر والقراءات النقدية، واستكمل دراساته العليا كما عرفت في التاريخ حتى غدا متخصصا.. احاول ان اكتب باختصار محمد سمحان يقدم درر الشعر ويدعم الشعراء الطالعين وبالدعم والدراسات النقدية حتى غدا مجالسه صالونات يحتفى بها..
اكاد اقرأ له كل يوم من فائض ابداعه وخاصة في المراثي التي تميز بها وبنفس فلسفي سبق فيه القدماء والمعاصرين..
اطال الله في عمرك يا ابا ابا ومتعنا بما تكتب..