بإنطلاقة فتح سطر الشعب الفلسطيني ثورته المستمرة نحو تحرير وطنه من براثن العصابات الصهيونية الإرهابية التي مكنتها قوى الإستعمار العالمي من إعمال وإرتكاب سلسلة من الجرائم والمجازر بحق الشعب الفلسطيني المجرد من السلاح تمهيدا لإعلان كيانها الإستعماري الإحلالي على أرض فلسطين التاريخية عام 1948 ومن ثم إستكمال إحتلالها الإستعماري العدواني لباقي أرض فلسطين عام 1967 .
إنطلاقة ثورة المستحيل :
إنطلاقة الثورة الفلسطينية بقيادة فتح في ظل بيئة دولية معادية وظروف إقليمية غير مواتية إلى حد كبير مبددة بذلك رهان العدو الإسرائيلي وصانعيه بتركيع الشعب الفلسطيني والإستسلام لواقع حياتي في المنفى كلاجئين في ظل ظروف حياتية قاسية تنسيه إرتباطه الفطري بوطنه الأم فلسطين التاريخية .
ما تقدم يشير بوضوح بالغ إلى أن طريق الثورة الفلسطينية لن تكون مفروشة بالورود بل ستكون معبدة بالمؤامرات للقضاء عليها لما يتضمنه مشروعها الوطني من أهداف إستراتيجية على رأسها :
أولا : حشد وتأطير الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها خلف حركة تحرر ثورية فلسطينية جبهوية يجمعها هدف تحرير فلسطين كمقدمة لحشد وتشكيل جبهة دعم جماهير الشعب العربي وأحرار العالم للثورة الفلسطينية .
ثانيا : تحرير فلسطين وإقامة الدولة العربية الفلسطينية الديمقراطية هذا الهدف بمجرد طرحه يمثل نقيضا كليا لفلسفة واهداف القوى الإستعمارية صانعة هذا الكيان الإسرائيلي العدواني في قلب الوطن العربي الكبير ليشكل قاعدة الإنطلاق لوأد أي حراك يقوض نتائج إتفاقيات سايكس بيكو وسان ريمو بتقسيم الوطن العربي الكبير والهيمنة على مقدراته وثرواته التي تجسدت واقعا بعد الحرب العالمية الثانية وما العدوان الثلاثي على الجمهورية العربية المتحدة عام 1956 إلا دليل عملي على ذلك .
ثالثا : تبني الكفاح المسلح وممارساته عمليا في إتباع إستراتيجية حرب شعبية طويلة المدى وما ستؤدي إليه من إستنزاف وإنهاك كبير لقوى الكيان الاسرائيلي الإستعماري العدواني ولداعميه .
رابعا : إحياء وإشعال روح المقاومة في مواجهة المخططات الإستعمارية على إمتداد ساحات الصراع في العالم في خضم مرحلة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها من جهة وبين الإتحاد السوفياتي وحلفاءه من جهة أخرى .
إستهداف حركة فتح مفجرة الثورة :
إستهداف الثورة الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح منذ إنطلاقتها وعلى مدار ثمان وخمسين عاما مضت لم ولن تتوقف وإن إتخذت المؤامرات أشكالا جديدة أو عناوين براقة مما يضع على حركة فتح العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية قيادة وكوادرا مسؤوليات وتحديات في مواجهة المخطط الإسرائيلي الأمريكي ” صفقة القرن ” أو غيرها من الأسماء الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية عبر :
أولا : إستهداف شرعية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني والذي لا يمكن تحقيقه دون إستهداف حركة فتح كونها العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية .
ثانيا : إستهداف الشرعية الفلسطينية ممثلة بقيادتها فأي مؤامرة على اي بلد لن تمر أو يكتب لها النجاح دون تقويض شرعية قيادتها ورمزها الوطني وهذا ما نلمسه عبر حملات التشكيك المتصاعدة التي تشنها أجهزة الكيان الإرهابي الإسرائيلي وأدواته في محاولات تهدف إلى زعزعة وحدة الحركة ومؤسساتها بهدف إيجاد فجوة في الإرتباط والثقة الشعبية التي تتسم بها العلاقة بين القيادة ومكونات المجتمع الفلسطيني تمهيدا للإنقضاض على وحدة ومنعة الجبهة الداخلية وهذا ما يفسر حملات الإستهداف المتتالية للقيادة الفلسطينية وعلى الأخص تلك الموجه سهامها لحركة فتح وعلى مختلف المستويات .
ثالثا : العمل على بناء حالة من اليأس والإحباط لدى شرائح واسعة من المجتمع من إمكانية إستمرار رفض القبول بما هو ممكن ومطروح من حلول إنسانية بتحسين الحال المعيشي للإنسان الفلسطيني بعيدا عن عنوان الصراع المتمثل بإنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 تنفيذا للقرارات الدولية .
رابعا : فشل جميع المخططات الإسروامريكية بفرض وإنتزاع تنازلات من القيادة الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وعمودها الفقري حركة فتح تمس الثوابت الوطنية الفلسطينية بحدها الأدنى والتي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني وما موقف الرئيس محمود عباس الشجاع بالتصدي لمؤامرة الثنائي ترامب نتنياهو ” صفقة القرن” وإجهاضها إلا دليل على ذلك مما أصبح إضعاف وتهميش حركة فتح هدفا جليا لما شكلته من عقبة كاداء أمام ليس أمام تصفية القضية الفلسطينية فحسب بل أمام إدماج الكيان الإستعماري الإسرائيلي في عموم الوطن العربي وخاصة الدول الفاعلة منها .
لمواجهة الإستهداف :
بلا أدنى شك القيادة الفلسطينية تعي التحديات الماثلة خصوصا مع إفراز ” المجتمع الإسرائيلي ” في صورة عاكسة لطبيعة ذلك المجتمع العدوانية والعنصرية والإجرامية حكومة برئاسة مجرم الحرب نتنياهو والتي تضم عناصر كابن غفير وسموتريتش ودرعي تدعو جهارا إلى طرد وقتل الفلسطينيين وسرقة أراضيهم وتدمير ممتلكاتهم بتحد صارخ للمجتمع الدولي و إنتهاك لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة وقراراتها وذلك في إنعكاس لعقلية نتنياهو الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني والتي لا يخفيها في تصريحاته أو كتبه سواء كان على رأس الحكومة أو في صفوف المعارضة .
إذن الإستراتيجية الإستعمارية الإسرائيلية العنصرية تتطلب مواجهتها وفق إستراتيجية واضحة على الاصعدة :
— داخليا :
وما يعنيه ذلك من إعطاء ترتيب البيت الفلسطيني الأولوية بما يكفل ويرسخ القرار الفلسطيني المستقل على قاعدة برنامج وطني نضالي متحديا كافة التحديات والظروف إقليمية كانت أو دولية ويمثل خطاب رئيس دولة فلسطين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في ذكرى الثامنة والخمسين للثورة الفلسطينية بقيادة فتح الأساس الذي يمكن الإنطلاق منه .
خارجيا :
تفعيل ودعم دور الأقاليم والجاليات الفلسطينية في الخارج لتشكيل جبهات حزبية وبرلمانية وحقوقية وسياسية وإعلامية لدعم ومساندة حقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
— دوليا :
• حظيت القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة بتفهم ودعم دولي لعدالة القضية الفلسطينية وكشف لزيف إدعاء ” إسرائيل ” بأنها دولة سلام ومركز الديمقراطية وتلتزم بمبادئ وميثاق الأمم المتحدة وما القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة في دورتها الأخيرة وتغير في الرأي العام الغربي والأمريكي إلا تعبير عن ذلك .
• كما أن التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية دولية كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش واصفة الكيان الإستعماري الإسرائيلي بنظام الفصل العنصري داعية المجتمع الدولي إلى تفكيكه إلا دليل وتأكيد على طبيعة الكيان الإسرائيلي العدواني وما جرائم سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي والتي تصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أو ترقى لذلك بحق فلسطين ارضا وشعبا إلا نموذج لتلك الإستراتيجية الإسرائيلية القائمة على العنف وإنتهاك الشرعة الدولية بمنظومتها مما يتطلب تعزيز وتوثيق العلاقات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني وتطويرها لتشكل جبهة حقوقية إقليميا ودوليا تتبنى وتدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني المكفولة دوليا وعلى رأسها حق تقرير المصير وتجسيدا لأحكام ومبادئ القوانين الدولية والعهود والمواثيق والإتفاقيات الدولية كإتفاقيات جنيف .
— تشكيل لجان حقوقية وقانونية بالشراكة مع نظرائها في دول العالم تتولى متابعة وملاحقة مرتكبي الجرائم والإنتهاكات بحق الشعب الفلسطيني في دولها وفضح الممارسات الإسرائيلية التي تتناقض كليا مع مسؤولياتها كسلطات إحتلال إستعماري ومع إلتزاماتها كدولة عضو في الأمم المتحدة وكطرف في معاهدات وإتفاقيات دولية .
المشاركة العريضة في إحتفالات الإنطلاقة :
الالتفاف الجماهيري حول حركة فتح المتمثل في المشاركة الواسعة والعريضة لغالبية مكونات الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية من نهر الأردن وفي قطاع غزة وخارج الأرض المحتلة معان ودلالات منها :
اولا : فشل كافة المؤامرات الهادفة إلى فصم العلاقة والثقة القائمة والممتدة على مدار 58 عاما بين الشعب الفلسطيني وحركة فتح .
ثانيا : تجديد للبيعة والثقة بحركة فتح وبرنامجها الوطني النضالي المقاوم نحو الحرية والإستقلال .
ثالثا : فشل المؤامرات الإقليمية والدولية بإستهداف مكانة فتح كعمود فقري لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر شن حملات تشكيك
ومحاولات إحداث إنشقاقات تهدف إلى زعزعة وحدتها ووحدة كوادرها وصولا لتقويض مكانة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني تمهيدا لفرض بدائل تقبل بتنازلات رئيسية من كيس حقوق الشعب الفلسطيني بما فيها من ثوابت وطنية بحدها الأدنى .
تجديد الثقة الشعبية لجماهير الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها تمثل دعوة صريحة لقيادة الحركة بضرورة عدم الإسترخاء وإنما دعوة لمضاعفة الجهود ليس بهدف الحفاظ على هذا المد والزخم الجماهيري وإنما لتوسيعه وتاطيره …؟!
الشعب الفلسطيني في ذكرى إنطلاقة حركة فتح مفجرة الثورة الفلسطينية يؤكد على المضي في نضاله بكافة الوسائل المكفولة دوليا بقيادة م ت ف وعمودها الفقري حتى النصر والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 فهم لا زالوا يشكلون عنوان الصراع….. ؟!
فتح. ..58 عاما من الإستهداف….ومواجهة مشروع الإستعمار العالمي ؟ د فوزي علي السمهوري
9