عروبة الإخباري – وجّه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الأربعاء، تحذيراً إلى الأطراف الغربية من أن نافذة المفاوضات النووية ما زالت «مفتوحة»، لكنها لن تبقى كذلك «إلى الأبد»، منتقداً «نفاق» القوى الغربية على هامش زيارته إلى سلطنة عمان التي تعد وسيطاً إقليمياً مهماً.
واستقبل سلطان عمان هيثم بن طارق، عبد اللهيان في مسقط، وتسلّم منه رسالة من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تتعلّق بأوجه التعاون القائم بين البلدين وأوضاع المنطقة، في وقت عززت الرسالة تكهنات حول إمكانية استئناف المحادثات النووية.
والتقى السلطان هيثم بن طارق، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أمس، في مسقط، حيث سلمه رسالة من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وقالت وكالة الأنباء العمانية إن الرسالة «تتعلّق بأوجه التعاون القائم بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات في إطار العلاقات الثنائيّة الطيّبة التي تجمعهما، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول تطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة ومُجمل المستجدّات الإقليمية والدولية».
ونقل وزير الخارجية الإيراني دعوة من رئيسي للسلطان هيثم لزيارة طهران، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتحدث وزير الخارجية الإيراني عن أهمية دور السلطنة في تقريب وجهات النظر في النزاعات. وعند وصوله إلى مسقط، مساء الثلاثاء، وصف عبد اللهيان السلطنة بأنها «مركز الحوار الإقليمي».
وأشار عبد اللهيان إلى أن القضية النووية كانت على رأس قائمة النقاشات. ورداً على سؤال حول احتمال وساطة عمانية في المحادثات النووية المتعثرة، قال إن «السلطات العمانية لعبت دائماً دوراً إيجابياً وبناء في تقريب وجهات النظر بين الأطراف»، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن عبد اللهيان قوله إن إيران «ترحب بأي مقترح من سلطان عمان للتوصل إلى اتفاق جيد وقوي ومستدام»، وحذّر على هامش الاجتماع من أن «نافذة التوصل إلى اتفاق لن تبقى مفتوحة إلى الأبد»، وفق ما يظهر في فيديو بثته وسائل إعلام رسميّة.
واتهم عبد اللهيان، الدول الغربية بـ«النفاق»، خصوصاً الولايات المتحدة، وحضّها على التصرف بواقعية، مشدداً على أنه «غير متأكد من أن النافذة المفتوحة اليوم ستبقى كذلك غداً».
ونبّه الوزير إلى أنه «إذا أراد الغربيون الاستمرار في سلوكهم المنافق والتدخليّ، فسوف نتجه إلى مسار آخر»، وذلك في إشارة ضمنية إلى الاحتجاجات الإيرانية.
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي زار سلطنة عمان في مايو (أيار) الماضي.
وترتبط إيران بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع سلطنة عمان، وتحافظ على تمثيل دبلوماسي في طهران، وسبق لسلطنة عُمان أن أدّت دوراً وسيطاً بين طهران وواشنطن في الفترة التي سبقت إبرام الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني عام 2015.
وتأتي زيارة الوزير الإيراني في وقت تُبذل جهود دبلوماسية لكسر الجمود الحاصل في المباحثات الهادفة إلى إحياء هذا الاتفاق.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الشهر الماضي، إن الاتفاق الذي أبرمته الدول الكبرى مع إيران للحد من برنامجها النووي بات «في حكم الميت»، لكنه لن يقوم بالإعلان عن ذلك، حسبما يظهر تسجيل مصور نُشر هذا الشهر.
إضافة إلى الملف النووي، ينتقد الأميركيون والأوروبيون طهران لقمعها الاحتجاجات ودعمها روسيا في سياق الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن دعمها لجماعات مسلّحة في الشرق الأوسط.
وخلال قمة إقليمية في الأردن، الأسبوع الماضي، التقى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وزير الخارجية الإيراني وطلب منه وقف قمع المظاهرات والمساعدات العسكرية لروسيا.
وقال أبو الفضل عمويي، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني: «إذا عاد الطرف الآخر إلى التزاماته ورفع العقوبات، فـسنتخذ إجراءات تعويضية»، نافياً توقف المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، رغم المحادثات المتعثرة منذ أشهر.
وصرح عمويي، في حوار نشرته وكالة «مهر» الحكومية، بأن الولايات المتحدة «أبطأت التحليلات السياسية الخاطئة، المفاوضات حول شروط عودة واشنطن للاتفاق النووي».
وكرر عمويي اتهامات سابقة للأطراف الغربية بشأن الاحتجاجات التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من 100 يوم، وقال في هذا الصدد: «يأمل الغربيون أن تؤدي الاضطرابات الأخيرة إلى إضعاف موقف إيران في المفاوضات أو توفر لهم مكاسب سياسية، لكن أوضاع الأمن العام في بلادنا تحسّنت اليوم، ويمكن للغربيين أن يتوصلوا لإجماع حول أن إيران لا تنوي التراجع عن مصالحها في المفاوضات».
وقال: «تحليل الأوروبيين للتطورات الداخلية الإيرانية غير دقيق. أدى النفوذ المفرط لتيارات المعارضة المعادية لإيران في صنع القرار في الدول الأوروبية المؤثرة إلى رسم صورة خاطئة مفادها أن إيران مستعدة لتقديم تنازلات». وقال أيضاً إن «هذه الصورة بحاجة إلى التغيير ويجب أن يكون الغربيون واقعيين. في ظل الظروف العادية، من الممكن التحدث مرة أخرى وتقوية التواصل».
وفي هذا السياق، رأى أنه إن توصل الأميركيون لمقاربة مفادها «عدم تراجع إيران عن مصالحها في المفاوضات، فإن التوصل إلى الاتفاق ليس مستبعداً»، وقال إن «هناك قضية واحدة وعبارات قليلة بقيت في نص الاتفاق، وإحداها قضية التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وأشار النائب الإيراني إلى «مقترح من الطرف الآخر بتطبيع الملف الإيراني بالوكالة الدولية، بموازاة المحادثات بدأت إيران مساراً جديداً مع الوكالة الدولية للتوصل إلى تعاون بشأن 3 قضايا متبقية».
وعليه، قال عمويي إن «التوصل للاتفاق ليس بعيداً عن متناول اليد، لكن هذه القضية تعود إلى الإرادة السياسية للطرف الآخر»، مشدداً على أن «موقفنا لا يزال ثابتاً، منذ بداية المفاوضات أبلغنا الطرف الآخر أننا مستعدون لاتخاذ خطوات تعويضية إذا عادت الأطراف الأخرى إلى التزاماتها السابقة بشكل مؤثر».
وعلى غرار عبد اللهيان، ألقى عمويي كرة إحياء الاتفاق النووي في ملعب الطرف الآخر، قائلاً: «إحياء الاتفاق ممكن لكن النتيجة تعتمد على واقعية الطرف الآخر».وجاءت المواقف الإيرانية مع موجة جديدة من انخفاض العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية. وبلغ سعر الدولار الواحد 420 ألف ريال في رقم قياسي جديدـ وبذلك فقدت العملة الإيرانية 45 في المائة من قيمتها منذ تولي رئيسي.