عروبة الإخباري – يثير توقف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) دعم مراكز التنمية المجتمعية في 14 مخيمًا للاجئين الفلسطينيين في الأردن عديد المخاوف من تنصل المنظمة الأممية من مسؤولياتها، ولاسيما أن الخطوة جاءت بالتزامن مع تقليص الوكالة خدماتها في عديد القطاعات “بشكل غير مسؤول”.
وطالب ناشطون فلسطينيون وكالة الغوث بالوقوف أمام مسؤولياتها القانونية والإنسانية والأخلاقية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، محذرين من الإجراءات الهادفة لتصفية “أونروا” في المملكة، وإنهاء ملف اللاجئين وحقهم المشروع في العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها.
وأكد هؤلاء، في أحاديث منفصلة لوكالة “صفا”، ضرورة أن تعيد “أونروا” اعترافها الرسمي بتلك المراكز، لتستمر في تقديم خدماتها لآلاف اللاجئين الفلسطينيين، مشددين على أنّ تلك المراكز أسستها “أونروا”، ويجب أن تبقى تحت مظلتها.
ويؤكد الناشطون أن الوكالة “تخلت” عن مسؤولياتها تجاه 24 مركزًا في المخيمات الفلسطينية؛ 14 منها تقدم الدعم للنساء، و10 تقدم خدمات للمعاقين وعائلاتهم.
وبدأ تأسيس المراكز المجتمعية لـ”أونروا” في الأردن عام 1952 لتقديم الخدمات للنساء والأشخاص ذوي الإعاقة، وكانت تدار بشكل فعلي وكامل من برنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية في “أونروا”.
طمس هوية اللاجئين
رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الأردنية، المحامي مصطفى نصر الله يقول إنّ وكالة الغوث تحاول منذ ثلاثة أعوام، رفع يدها عن مراكز البرامج النسائية ومراكز التأهيل المجتمعي للمعاقين في الأردن.
ويوضح نصر الله، في تصريح خاص لوكالة “صفا”، أنّ “أونروا” أوقفت الدعم المالي لتلك المراكز، التي تعمل تحت مظلتها وترفع علمها، معتقدًا أن “الوكالة تحاول الانسحاب من مسؤولياتها كاملة منذ زمن”.
ويشير إلى أنه “لولا رفض دائرة الشؤون الفلسطينية بوزارة الخارجية الأردنية نقل مهام تلك المراكز لتكون تحت مظلة وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية، لأصبحت تابعة للوزارة، ولا صلة لوكالة أونروا فيها”.
وفي تصريح مقتضب لوكالة “صفا”، يقول مدير دائرة الشؤون الفلسطينية بالخارجية الأردنية رفيق خرفان إن: “موقفنا الثابت هو بقاء هذه المراكز تحت مظلة أونروا”.
ويضيف “هي (أونروا) مَنْ أسستها، ويجب أن تبقى تحت مظلتها”.
وحول ذلك، يقول نصر الله إن دائرة الشؤون الفلسطينية بالخارجية الأردنية “تعلم وتعي أنه إذا تم إحالة المراكز لوزارة التنمية الاجتماعية، فذلك يعني فقدان صفتها من ناحية الإطار القانوني وتبعيتها لأونروا، ودمجها في مؤسسات المجتمع المدني الأردني، واعتبارها من المؤسسات التابعة للحكومة الأردنية”.
ويشير إلى أن “هذا ما لا تريده دائرة الشؤون الفلسطينية؛ لأنها تعي الإجراءات الهادفة لتصفية أونروا وأعمالها”.
ويوضح نصر الله أنّ انسحاب “أونروا” من تلك المراكز جاء لتثبيت أمر واقع في الدول المضيفة للاجئين، والتخلي عن مسؤولياتها القانونية التي أُنشأت من خلالها.
ويبيّن أن “ذلك يأتي في إطار طمس هوية اللاجئين، وتصفية أونروا نهائيًا؛ حتى لا يبقى المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه الوضع القانوني للاجئين، والسعي لاعتبارهم مواطنين في دول اللجوء، ودمجهم في المجتمعات، وإنهاء ملف العودة واللاجئين”.
أضرارٌ كبيرة
بدورها، تقول عضو لجنة التنسيق العليا للمراكز النسائية إيمان أبو خيران، إنّ: “أونروا تخلت عن خدماتها المقدمة للمراكز المجتمعية التي تقوم على خدمة النساء والأطفال وذوي الإعاقة في المخيمات الفلسطينية بالأردن”.
وتبين، في حديث لوكالة “صفا”، أنّ وقف “أونروا” الدعم السنوي للمراكز ألحق أضرارًا كبيرة بالفئات المستفيدة، ولاسيما الأشخاص ذوي الإعاقة الذين تم تقليص الخدمات المقدمة لهم في 10 مراكز؛ نتيجة العجز عن دفع رواتب الأطباء والأخصائيين.
وتلفت إلى أنّ كل مركز مخصص لذوي الإعاقة في المخيمات، يقدم خدمة علاجية نهارية لنحو 60 شخصًا، وخدمة منزلية لنحو 100 آخرين.
وتشير إلى أنّ ذلك أثر بشكل سلبي على الرعاية المقدمة لذوي الإعاقة، في ظل عدم وجود مراكز لرعايتهم في المخيمات، سوى المراكز التابعة لـ”أونروا”.
وتؤكد أن المراكز المجتمعية النسائية، التي تمثل المساحة الآمنة للنساء في المخيمات، أصابها الضرر أيضًا، وهو ما أثر بشكل كبير على تقديم الخدمات للنساء، كالورش الخاصة بالدعم الاجتماعي والنفسي والثقافي والقانوني، وخدمات الإقراض ودعم المشاريع، والاستشارات القانونية، عدا عن رياض الأطفال في 14 مخيمًا، والتي تخدم نحو 200 طفل في كل رياض.
وتقول أبو خيران إنه: “أمام تخلي أونروا عن تلك المراكز، نظمنا اعتصامات متزامنة في 24 مركزًا مجتمعيًا، خلال ديسمبر الجاري، ورفعنا أعلام الوكالة عليها، وعبرنا عن رفضنا لهذه السياسة”.
وتوضح أنّ “أونروا” كانت ترفض التفاوض معهم حول قضية المراكز المجتمعية، لكنها وبعد الاعتصام ورفع الأعلام طلبت التفاوض معهم، وهو ما تم بالفعل.
وتتابع “قدمنا خلال لقائنا بأونروا مطالبنا المشروعة وهي، إعادة الاعتراف بالمراكز المجتمعية، وإعادة الدعم السنوي لها، والاعتراف بالنظام الداخلي، وإعادة تفعيل الحسابات البنكية التي أجبرتنا الوكالة على تجميدها”.
وتبيّن أنهم في انتظار لقاء يجمعهم مع المدير الإقليمي الجديد لـ”أونروا” مطلع العام المقبل، وفي انتظار نتائج اللقاء، متمنيةً أن يكون لقاءًا إيجابيًا يسهم في تحسين وضع المراكز المجتمعية ويعيد الاعتراف الرسمي بها من “أونروا”.
ويعيش في الأردن أكثر من 2.1 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لدى وكالة الغوث، ويتمتع هؤلاء بالمواطنة الأردنية الكاملة باستثناء حوالي 140,000 لاجئ أصلهم من قطاع غزة، الذي كان حتى عام 1967 يتبع للإدارة المصرية، وفقًا لـ “أونروا”.
وقف “أونروا” دعم 24 مركزا بالأردن يغذي المخاوف من تصفية أعمالها
8
المقالة السابقة