عروبة الاخباري- كتب سلطان الحطاب
لله درّك يا قطر وأنت تخرجين اليوم ومعك الامة من محيطها الى خليجها تحتفلين بيومك الوطني الذي جعلتيه يوما من أيام العرب، ومحطة فخر يعتزون فيها بالانجاز..
لله درّك وانت تتقدمين بأوراق اعتمادك التي هي محبة للأمة ودفاع عن وجدانها الذي كونته السنوات ومواجهة لمحاولات طمس كل اشكال التوحد والفرح التي بقيت والتي أعادت قطر إحياءها..
انا لا أتحدث عن الرياضة هنا، ولا عن الحاضنة العالمية التي وفرتها قطر وكانت موقع اعتزاز العالم وشهادته، وإنما اتحدث عن دولة نموذج تستحق ان تسمى (النموذج القطري) وان يجري قراءة هذا النموذج وفهمه وتحليله على ضوء ما قدم..
لم تكن مسيرة قطر من الاستقلال هينة او سهلة، فقد واجهت الكثير على المستويات المختلفة، وحين ارادت قطر ان تشكل نموذجا المتفرد على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية واجهت الحسد والانكار، فقط ارادوا لها ان تحشر رأسها بين مختلف الرؤوس وان لا تنفرد وان لا تقدم شيئا مميزا، وحين أصرت قطر على طريقها وامسكت بأهدافها واجهت ما واجهت مما نعرفه جميعا، وقد ظلمت فكان ظلم ذوي القربى اشد مضاضة..
كل ما ارادته قطر ان تمشي على طريقها وان تستوي وتعتدل لادراك اهدافها، ولكن ذلك الأمر كان كبيرا عند البعض ومزعجا..
لقد تصرفت قطر من خلال قيادتها النابهة الشابة قيادة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بحكمة وروية وشجاعة وصبر، حتى وصلت الى هذا اليوم الذي ترفع له القبعات وتنحني له الهامات تحية وتقديرا..
قطر تفوقت حتى على نفسها ومحيطها وكثيرا من جوانب موروثها الذي اعادت انتاجه ليكون بالشكل الذي عشناه و قلده الكثيرون بافتخار.. تفوقت قطر في التنمية في مشاريع عدة عبر القارات، تفوقت في الطاقة ومشاريعها.. وتفوقت في الشراكات الدولية في الموانئ والصناعات، وتفوقت قطر في مكافحة الفساد وسجلت نقاطا واهدافا وخططا يجري تبادلها والاعتبار منها..
لقد استفادت قطر من ثرواتها فلم يسجل عليها انها بددتها او انفقتها في غير وجوه الاستثمار الواعي..
في سياساتها المرنة جمعت قطر اطيافا سياسية عربية وقبلتها وتعاملت معها وآمنت بدور كبير في اسناد حقوق الانسان، وفي توظيف فائض امكانياتها السياسية في حل المشكلات العالقة اقليميا ودوليا ، فرأينا وساطتها تنجح في حوارات افغانستان، وفي اعادة تخفيف التوتر بين دول الخليج ودول عربية، وبدأت تنفتح على بلدان عربية كثيرة حين ارادت ان “تُصغر” علاقاتها مع العرب وان تصفي كل خلاف وتضع مكانه الاحترام المتبادل ..
ورأيناها كيف تتعامل مع تركيا ومع ايران،وكيف استعادت علاقاتها مع مصر وحتى مع دول الخليج وخاصة الامارات العربية في الزيارة الاخيرة لمحمد بن زايد..
لا يتسع هذا المكان للكتابة عن الانجاز القطري المتزايد، ولكن أردنا ان نذكر فقط وان نحتفل وان نلهج بالدعاء ان يستمر المجد القطري، وان تستفيد الامة منه، فقد اثبتت قطر انها حريصة تماما على ما يهم العرب والمسلمين وسمعتهم وثقافتهم، وقد تقاسمت مع دول العالم مثلا مشتركة وقيما لم تساوم او تهادن على مكارم الاخلاق..
قطر اليوم تستحق الثناء فهي ابنة الامة العربية وهي التي نجحت في تجسيد طموحات الامة، وما قدمته من نماذج يمكن ان يتكاثر، فقد انتزعت قطر شهادات المجتمع الدولي وكان ما يهمها ان تكون على حق وان لا تقبل في الحق مساومة..
ستبقى صورة قطر الدولة والنظام والشعب صورة جميلة مشرقة، لأنها صنعت بالعمل ، وسيدرك العرب انهم يستطيعون كما استطاعت قطر، وانهم قادرون على مخاطبة العالم والتعامل معه بنديّة واحترام ومساواة وليس بتبعية او نفاق او خوف..
كنت في قطر وفي كل مرة ازورها ازداد اعجابا بما انجزت، وأرى ان رسالتها الحضارية تتمتع بالمصداقية والقدرة على التقدم..
هنيئا قطر.. هنيئا لشعبها المضياف ولأميرها الشجاع..وكل عام وقطر وأهلها في خير وانتصارات جديدة..