في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
بقلم : الدكتورة ردينه العطي
عندما نود ان نتطرق الى ما يعرف بظاهرة العنف ضد المرأة يجب أن نستذكر ان سبب ذلك العنف يعود لكمية الوعي المشوه اتجاه مفهوم النوع الاجتماعي ،ووظفت فيزياء المرأة والذي يتسم بالضعف وظن ذلك من قبل النوع الأقوى (الرجل) على أساس انها تصنيف آخر ونوع اجتماعي مهمته الخضوع دون محاسبة أو رقيب
لذلك فان التنبه الى مدى خطورة التفرقة على اساس النوع يتمحور حول ان المرأة لا تستطيع ان تقاوم فيزياء الرجل وهو ما تراكم على مدار السنيين وتفرع على أساسه تلك الظواهر التي تتناقض تناقضا كليا مع الوجود وسمات هذا الوجود الذي يرتكز على اساس الحفاظ على النوع الأدمي وهو منطلق أدمجه الله سبحانه وتعالى في سياق حفاظه على أهمية النوعين المنتمين الى آدم من خلال ما قاله عن زوجين أثنين ليس فقط بما يختص بالبشر إنما الزوجية هي سمة لكل الخلائق قال تعالى ” ومن كل شئ خلقنا زوجين”
ان كل ذلك يعني ان التوازن والتكامل والسكون والهدوء وانجاز المطلوب لا يمكنه ان يستقر أو يستقيم خارج أطار الزوجية فالله سبحانه وتعالى جعل للمرأة قدسية حقيقة كونها تحتضن وترعى الخلق الجديد واضافة الى كل ذلك فقد جعل من أبنة عمران وملكة سبأ وسيدتنا مريم وزوجات الرسول عناوين لأهمية هذه النساء في تنمية الوجود المعرفي بالله سبحانه وتعالى لكن الأهم من كل ذلك ان الدين الإسلامي قد نوه بشكل واضح وصريح على عدم جواز التفريق على اساس النوع ووضع هذا التحذير سبحانه وتعالى في سياق وصفه لهول يوم القيامة عندما قال ” واذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت “
هذا السؤال جوابه وحيد انها قتلت على اساس نوعها الأجتماعي اي انها امرأة هذا التحذير جاء قبل آلاف السنين وهو ليس جديد على بيئتنا
انطلاقا من كل ذلك هذه الخصوصية والتي كانت جزءا من الوعي الإعلامي على مدار التاريخ قد تنبه لها العالم المعاصر في وقت متأخر لارتفاع منسوب العنف ضد المرأة وخاصة في الدول الغربية وذلك انطلاقا من احصاءات أجرتها تلك الدول وقد تجلت بأبشع صورها اثناء جائحة كورونا
انطلاقا من ذلك فان العنف ضد المرأة اصبح ظاهرة شاملة لا تستثني اي دولة في العالم لذلك اتخذت كثير من الحكومات اجراءات وقوانين لمكافحة هذه الظاهرة غير الإنسانية وابتدأ ذلك كما تعلمون عندما دُشنت الناشطة تارانا بورك حركة #أنا_كذلك التي أثارت حراكا عالميا، مما أتاح لحظة فارقة في العمل لإنهاء العنف ضد المرأة والفتاة والتصدي له
ونمى وتطور هذا الحراك ليصل الى مستويات دولية تطالب بوقف هذه الظاهرة من خلال القوانين والوعي و اعادة قراءة واقع المرأة في المنظومة الدينية والروحية لشعوب الأرض
هنا نود أن نؤكد ان اسناد هذا الحراك الدولي لا يمكنه ان يتحقق من خلال هدية تقدم الى المرأة من قبل الرجل ولكنها تحذر النتائج المرجوة اذا ما ساهمت القيادات النسوية النخبوية الرسمية وغير الرسمية وناشطات المجتمع المدني على مستوى العالم لذلك كان تحرك الأردن واضح وصريح في أتجاه برنامج مستهدف استهدف الوعي الجمعي الأردني ضمن اطار خط رفيع متوزان للوصول الى توسيع دائرة مشاركة المرأة في الكل الوطني واستحداث تشريعات وقوانين وعقوبات ومؤسسات لحماية واحتضان مفهوم المشاركة الشعبية والوقوف امام ظاهرة العنف ضد المرأة ارتكازا على قوانين وتشريعات ساهمت المرأة بشكل مباشر وغير مباشر في انتاج مضامينها ولكنها في فترات سابقة كانت تستطدم للتناقض الواضح بين النظرية والتطبيق والسبب الحقيقي وراء ذلك افتقارها الى مرجعيات على المستوى الوطني قادرة على الوقوف جنبا الى جنب وكتف الى كتف مع المرأة الأردنية بمحاربة هذه الظاهرة وهذا على مستوى الوطن العربي لكن الأردن استطاع من خلال ما أسلفت ذكره من تدرج واستهداف للوعي ان يخطو خطوات واسعه اتجاه محاربة هذه الظاهرة وانفاذ التشريعات الخاصة بحقوقها بشكل مباشر والعامل الحاسم في تطور الواقع النسوي في الاردن وتدني مستوى العنف المجتمعي اولا وضد المرأة ثانيا
كان وقوف جلالة الملكة رانيا العبدالله مرجعية ضامنه لإنقاذ تلك التشريعات بأسناد مباشر وغير مباشر للمؤسسات النسوية الأردنية والتي ادت من خلال مبادرتها وخاصة في مجال التربية والتعليم الى اقرار مشروعها على المساواة في الحقوق والواجبات وان اي عنف مبرر وغير مبرر ضد المرأة سيلقى عقابا رادعا دون اي تحفظ وهذا دور لعبته وتلعبه احدى ركائز المؤسسات الأمنية في الأردن ونخص بالذكر مديرية الأمن العام التي تمتلك قسما ضخما كمديرية حماية الأسرة والتي تلعب دورين أساسيين وهما الوعي والحد من ظاهرة العنف ضد المرأة وهو ما وظفته جلالة الملكة رانيا العبدالله من أجل الارتقاء بالمرأة من مفهوم الحمائية الى المبادرة في تطوير تلك التشريعات والتي انعكست بشكل واضح في التعديلات الدستورية الأخيرة والمساهمة الفعالة للمرأة الأردنية في مراكز صنع القرار والتشريعات وهو بدوره ما جعل الأردن من الدول الأوائل في العالم في محاربة هذه الظاهرة والسبب الحقيقي أن المرجعية النسوية كانت بحجم جلالة الملكة رانيا العبدالله والتي اتبعت سياسة القضم المتدرج لحقوق المرأة الأردنية من خلال نعومة الطرح وصلابة بالثوابت.