عروبة الإخباري -كتب سلطان الحطاب
قدم الرئيس محمود عباس أمام القمه العربية في الجزائر اكثر الكلمات رصانة واعمقها معنى ودلالة عن التصور الفلسطيني للصراع، وعن ما آلت إليه الاوضاع الفلسطينية في ظل الاحتلال..
الرئيس عباس قال ان اسرائيل بممارستها لم تترك خيارا لنا اي للشعب الفلسطيني سوى الرد بالاسلوب الذي يرد فيه شعبنا على التحديات وعلى الاحتلال، وهذا الرد سيأتي على شكل قرارات عملية اتخذت القيادة بعضه عبر مستوياتها المختلفة منذ فترة، وستبدأ في انفاذ ذلك وبعضه سيتخذ، وستجد اسرائيل نفسها امام احتلال مكلفا لها، ولن يعود احتلالا مجانيا او رخيصا كما كانت تريد، وكما عاشت في السنوات الماضية..
فالفلسطينيون سيرفعون عليها ثمن الاحتلال حتى لا تطيقه وتتخلى عنه، وهذا سيكون خيارهم وقدرتهم، ولن يستمروا في دفع الفاتورة الباهظة للاحتلال بالتقسيط وبالاسلوب الاسرائيلي، بل سيتحملون في سبيل ازالة الاحتلال كل ما يفرضه ذلك من شرف ومسؤولية..
ستكون المقاومه الشعبية الواسعة التي دعا لها الرئيس عباس مرارا والتي بدأت تزداد وتتعاظم خيارا سينخرط فيه الشعب الفلسطيني كله، وستجد اسرائيل انها فرطت بفرص سلام كثيرة حين اخذتها عزة غطرستها وارهابها الى مزيد من الارهاب والقتل والدماروهدم البيوت ومصادرة الاراضي وتوسيع الاستيطان..
حان ان يتوقف كل ذلك وباسلوب اخر، اذ ان الفلسطينيين كما وعد الرئيس عباس سيعيدون النظر في تعريف اسرائيل، وسيعرفونها على ضوء مصالحهم الوطنية، وسيعيدون النظر في كل ما قدموا وفي العلاقة معها كعدو وليس كشريك او طرف يمكن التعامل معه.
اذن اسرائيل لن تكون اسرائيل القائمة التي ما زالت تصر على جلب القتلة والارهابيين الى موقع القرار في حكوماتها والتي تجعل من الدم الفلسطيني مزادا لصناديق الاقتراع..
لم يعد متسع لمزيد من الارهاب الاسرائيلي، وهذه المقاومة الطالعة الان ستكون بدايات الرد، وسينحاز الشعب الفلسطيني الى اهدافة الوطنية وسيذهب خلف قيادته ..
فالمواقف الاسرائيلية هي التي دفعت القيادة الفلسطينية لمواقف جديدة سيراها العالم بعد ان انذرت طويلا وتحدثت كثيرا وحذرت من ان الدم المسفوك لن يكون فلسطينيا فقط، “وان عدتم عدنا” ، والاسرائيليون قد عادوا منذ فترات طويلة ولم يتوقف ارهابهم واحتلالهم، ولذا فان الرد لابد ان يكون جاهزا وخيارا لا تستطيع اسرائيل مصادرته، لانه خيار الشعب الفلسطيني وليس خيارها، لانها لم تترك كما قال الرئيس عباس خيارا لنا..
اذن اعادة النظر في تعريف اسرائيل اصبح واجبا، فهي لم تعد شريكا وانما عدوا مطلق وجب التعامل معه بهذا المعيار وما يتطلبه حسب الشرائع الدولية التي تنتج المقاومة وتوجبها..
القرارات في درج القيادة الفلسطينية وعليها ان تخرجها الان وان تصرفها مهما كان الثمن، لانها لم تترك لنا خيارات اخرى بل اوغلت في القتل والهدم والاستيطان والمصادرة والتهويد..
القرارات الفلسطينية التي اعلن الرئيس عباس عن عزمه في استعجالها تحتاج الى مواقف سياسية عربية واضحة ، والى التزام عربي يدعمها، فالقضية الفلسطينية ليست يافطة وانما تعني شعبا من لحم ودم ومناضلين وشهداء واسرى يحتاجون الى اشكال عديدة من الدعم والاسناد، وهو ما وعد به الرئيس ولن يتخلى عنه..
الرئيس عباس زود القادة العرب بخريطة طريق للنهج الفلسطيني القادم في ظل الممارسات الاسرائيلية وصعود اليمين..
صعود اليمين بقيادة الارهابي ننياهو لن يخيف الشعب الفلسطيني، واذكر انه عندما نجح نتنياهو اول مرة بعد مقتل رابين وقد كنت في نابلس في المقاطعة عند الرئيس عرفات على عشاء ومن الحلاوة والفول، وقلت: ولكن نتنياهو جاء الى الحكم فماذا انت فاعل الان وقد قتل الشريك رابين؟ فنظر الي بحدة وقال: ” انا فين” ، قلت: في نابلس، فقال: “خلاص ان رجلنا هنا في ارض فلسطين.. ويا جبل ما يهزك ريح، انا اتحداه” وقال: يا حطاب نحن لا نخاف.. نحن نريد لهذه المسيرة مسيرة شعبنا ان تستمر حتى الاستقلال، قالها واثقا ..
اليوم نابلس في الحصار.. نابلس بدأت تنفذ قرارات سيعلن عنها، وكانت برسم الانفاذ، ولا يوجد غيرها مهما تلوثت الصيغ وتبدلت، فاسرائيل صادرت كل شيء..
الرئيس وضع القادة العرب في الجزائر في الصورة وهو الان امام مصالحة وطنية مهمة لا بديل لها، وامام اعادة جمع الشمل، واعرف انه عازف في كل شيء الا في انتصار شعبه وفي استمرار العمل من اجله الى اخر دقيقه، وهو يتطلع الى نجاح اعادة اللحمة وانهاء الانقسام على المستوى الفلسطيني، والى دعم ملموس من الجانب العربي والى استمرار نضال الشعب الفلسطيني بالوسائل المتاحة، فالفلسطينيون الذين اجترحوا الحجر في انتفاضتهم الاولى لن تعجزهم الوسائل طالما قامت ارادتهم التي عبروا عنها في الاشهر الاخيرة بوضوح، فان توفرت في الارادة لن تعدم الوسيلة..
الرئيس دعا الى انجاح المؤتمر الدولي من اجل القدس في العام القادم، وهو يتمسك بحقوق الاسرى والشهداء والجرحى وحقوقهم على قيادة شعبهم.
الرئيس عباس سيترجم قرارات قيادة شعبه وهو الامين عليها منذ البدء، وقد أعطى ما يكفي من وقت وزمن ومحاولات حتى وصل الى ان اسرائيل لم تترك له إلا خيارات شعبه..