بسم الله الرحمن الرحيم
جلالة الملكة رانيا العبدالله وفك شيفرة الكم والكيف في مبادراتها
بقلم الدكتورة ردينه العطي
في أطار استكمال سلسلة المقالات التي بدأتها تحت عنوان قراءة في دور جلالة الملكة رانيا العبد لله كعامل حاسم في أنسنة سلوك مؤسسات النخبة النسوية ودورها المحوري في صناعة مرتكزات أكاديمية وتربوية
انطلاقا من هذا الجانب سوف استكمل تلك السلسلة من خلال بعدي النظرية والتطبيق التي ارتكزت عليها جلالتها في اطار صياغة منظومة من المبادرات كل منها تعتبر مبادرة بكيفها وبذاتها ضرورة قصوى لاستكمال مشروع جلالتها أي التكافؤ ما بين كل مبادرات جلالة الملكة والتي توحي بأن خلق ذلك عقلية اكاديمية تربوية اسرية والاهم من كل ذلك ان منطلقاتها الفلسفية ترتكز على تكامل عناصر المبادرات وتقاطعها رغم ان عناوين تلك المبادرات بإطارها الشكلي لا توحي بألية تقاطعيه بين مفرداتها ولكنها من حيث التدقيق في مضامينها ترى ان الكم الكبير من المبادرات يتقاطع تقاطعا كليا ويتكامل فيما بينها لتحقيق هدف ممنهج في ذهن جلالتها والتي ارتكزت في كل ابعادها على مرتكزات ثلاثة الإنساني والمعرفي الأكاديمي والمرأة
لذلك فان من يواكب الحراك النظري والعملي لجلالة الملكة من خلال خلقها أوتبنيها للمبادرات الملكية تأتي ضمن أطار تراتبي ممنهج يحقق في النهاية جزأ لا يتجزأ من منظومة الأبعاد الثلاث أنفة الذكر وهنا على سبيل المثال أي مبادرة من مبادرات جلالة الملكة والتي توحي بالشكل أنها لا تتقاطع منهجيا ولكنها بالمضمون تراها لا تتقاطع فقط انما تتكامل فعلى سبيل المثال مبادرة أدراك و مبادرة المجلس الوطني لشؤون الأسرة
ان مفهوم مبادرة ادراك يرتكز في مضمونه على ترسيخ وتجسيد الثوابت القيمية والروحية للأفراد من خلال تعريفها واهدافها والذي يرتكز على توفير التعليم الإلكتروني عالي الجودة والأهم من ذلك باللغة العربية لان جلالة الملكة استطاعت أن تستشف بأن لغة التواصل الاجتماعي تخرج الثابت المتمثل في اللغة العربية كونها لغة عربية في الإطار القومي وهي لغة القران الكريم في الاطار الروحي القومي والعروبي والقيمي
اذن اذا أستمر الشباب في أليات تواصل بتغيب للغة العربية فهو سيؤدي الى احلال مفاهيم وقيم تلك القيم المتداولة وهذا يشكل خطرا في بعده القومي ونلاحظ ايضا ان مفهوم ادراك هو تعليم الكتروني
لنأخذ أيضا مبادرة جلالتها المجلس الوطني لشؤون الأسرة والذي يعتمد في أهدافه وألية عمله والتي ترأسه جلالتها ويهدف الى التنسيق البيني لكل المؤسسات التي محور عملها الأسرة الأردنية وكما جاء بالمبادرة بالحرف والتي تستهدف الحفاظ على الأسرة وتماسكها الداخلي وهويتها وتعزيز دورها في المحافظة على موروثها القيمي والحضاري
انطلاقا من ذلك أنه لا يمكن على تماسك الأسرة وترسيخ هويتها العربية والتي تعتمد مرتكزات قيمية وروحية الا من خلال الوصول الى ابقاء الأسرة الأردنية محافظة على هويتها العروبية واهداف رسالتها التي تتكامل بكل هدوء مع مبادرة ادراك من خلال تركيزها على اللغة العربية كبعد قومي ثابت
أليس ذلك يوحي بتأثير مباشر في صياغة واهداف هذه المبادرات من قبل جلالة الملكة فالربط بين مبادرة ادراك والأسرة في الشكل لا يمكن ان تتقاطع ولكنها في فكر جلالة الملكة يجب أن تتكامل وليس أن تتقاطع فقط
واذا ذهبنا ايضا الى أنسنة السلوك السياسي للمؤسسات النسوية وهي ليست مبادرة انما هي منهجية عمل نراها ايضا ترتكز في هذه الأنسنة الخروج من مفهوم النخبوية الى الاشتباك المباشر مع الهموم المعاشية اليومية والاحتياجات للأسرة الأردنية بأبعادها وبهويتها وبثوابتها القومية أيضا
فكيف أذا ما قارنا بين مبادرة مدرستي وأكاديمية الملكة لتدريب المعلمين وجمعية جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي أنها كلها تستهدف تقاطعا واضحا لكنها ايضا جزء لا يتجزأ من منهجية محددة لتطوير الواقع التعليمي والأكاديمي والتربوي ضمن أطار الحداثة والمعاصرة ومواكبة الإبداعات التي تميز بها كثير من الأكاديميين والتربويين والذين كانت تسلط عليهم اضواء خافته لا تعطيهم حقهم ولا تنشر إبداعاتهم كركائز لمنطلقات في المناهج وأليات التعليم لذلك جاءت هذه الجائزة التي لا تمتلك بها جلالة الملكة من قريب ولا من بعيد تأثيرا مباشرا على مستحقيها لذلك سميت جمعية وهنا تركز لأن الأبداع لا يمكن أن يكون فرديا وهو جزء من بنائها النظري والفكري بأن المشورة واعتماد المتخصصين في تقييم التجارب الإبداعية المتميزة هم الأكثر قدرة على تحديد مثالية الأبداع والتميز وأهميتها في استكمال اهداف جلالتها في التطوير التربوي الحداثي والمعاصر لذلك هذا يعطي مدى أهمية أشراف جلالة الملكة على كل الإبداعات كمرجعية مسانده ببعد أنساني من خلال التوافق للمتخصصين في الإشارة الى هذا الإنجاز أو ذاك
وهو ايضا جزءا لا يتجزأ من نهج منظومة فكرها الاجتماعي والجمعي التي أحدثت من خلال وجودها خلف تلك المبادرات تحولا نوعيا نتائجه ومكتسباته على الصعيد النسوي واضحة وبعده الإنساني ركائز البنيان الأول للنهضة التربوية والتعليمية تراكم في بناء الأنسان الأردني وقدرته على مواكبة العصر وتحدياته المستقبلية لأن سلاح العلم هو جوهر الوجود فأن أقرأ هي أولى كلمات الوحي وهي تعني أعلم.