عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
حتى الآن لا شريك لأبو مازن في المفاوضات بشأن فتح افق سياسي جديد بعد ان اغلقت اسرائيل باحتلالها وممارساته وبمواقفها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني كل الطرق والمحاولات وراحت تتسلح بالتأييد الامريكي الذي وصل حدّ التماهي في سياساتها.. وكل ذلك بدأ العالم يدركه..
واسرائيل المحكومة بحكومة يمينية متطرفة تدخل حالة تنافس لمزيد من التطرف مع تهديدات نتنياهو بالصعود مرة أخرى، تحاول ان تختبئ وراء اصبعها وان تؤيد احتلالها وتفرضه بالقوة والبطش، ولكن انّى لها ذلك، وها هو الشعب الفلسطيني بإرادة يزداد شحذاً يكشف خططها ويعمل على اسقاطها من خلال قيادته الواعية لتطورات الحال ..
سياسة أبو مازن معلنة وواضحة وهو صاحب نهج يحار فيه أعداؤه الذين يحاولون ان يرسموه بغير ما هو عليه ، وان يصطادوا في مواقف واضحة لا تتيح لهم الصيد، وما صلابة الموقف الفلسطيني الذي يعبر عنه ابو مازن في خطابه في الامم المتحدة إلّا شكل من اشكال الرد على احتلال فاشي بدا مفضوحاً ومداناً..
نعم احتار فيك أعداؤك ولدى الرئيس محمود عباس وبين يديه قرارات القيادة الفلسطينية على كل مستويات مسؤولياتها منذ فترة، وقد كان حدد شهر ايلول الماضي كنهاية لمرحلة وعد أن تنقضي إما ببدء دحر الاحتلال الاحتلال وزواله او بقطع العلاقات مع راعية الاحتلال الاولى الادارة الامريكية التي لم تتغير وما زالت تؤيد إسرائيل، وكذلك سحب الاعتراف باسرائيل واعادة الامر الى المربع الأول، والمطالبة بدولة فلسطينية حسب قرار التقسيم الصادر عام 1947، وانفاذ قرارات الامم المتحدة 181 الى 194 وغيرها، فالتطرف الاسرائيلي لن يجلب موافقة فلسطينية وانما مقاومة مشروعة شعبية واسعة دعا لها الرئيس وحيّاها، وفي مظاهرها الاحتفاء بالشهداء وتوفير اسباب العيش لأسرهم وذويهم واعتبارهم من عناوين الكفاح..
الافق السياسي لأي محادثات فلسطينية -اسرائيلية ما زالت تغلقه إسرائيل، وما زالت تهرب للأمام وتراهن على مواقف بعض انظمة عربية أحالت اليها عطاء القيام بمهمة تطبيع الفلسطينيين واقناعهم ان لا سبيل لحريتهم إلّا بقبول الاحتلال الاسرائيلي والموافقة على تصوراته..
اسرائيل اليمينية التي تستند الى فكر جابتونسكي تعتقد ان حل الصراع هو مع العرب (الأنظمة) وانهم القادرون على جلب الفلسطينيين للخضوع، في حين كانت هناك مدرسة اخرى انتهت بقتل اسحق رابين وميراثه كانت تعتقد ان الحل هو مع الفلسطينيين ولهم يجب ان تدفع الفاتورة، وهذه المدرسة أنجزت أوسلو كمقدمة تفضي إلى حل افسدته حكومات اليمين الاسرائيلية بالانقلاب عليه وافراغه من مضمونه…
القضية الفلسطينية اليوم على مفترق الطرق، والواضح فيها ان الوطنية الفلسطينية رغم كل الظروف هي في اوج اتقادها وعنفوانها ادركت اسرائيل ذلك ام لم تدركه، وان هذه الوطنية ترفض تماما كما قال ابو مازن التدخل في الشأن الفلسطيني بأي شكل من الاشكال، فالدفاع عن القرار الفلسطيني المستقل هي اولوية كفاحية ضحّى من اجلها الفلسطينيون وما زالوا لأن نقيضها يعني الاحتلال والتبعية والارتهان وسنوات اخرى طويلة من البؤس..
في ظل الوطنية الفلسطينية الراهنة التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية فإن الفلسطيني لا يستطيع ان يُعرف نفسه الا انه فلسطيني فقط وليس بأي تعريف آخر او تبعية لأي جهة اخرى او شكل اخر.. لقد ضحّى الفلسطينيون كثيرا وطويلا لتكون منظمة التحرير بينهم وممثلهم الذي لا ممثل لهم غيره.
الفلسطينيون الآن الذين استطاعت قيادتهم ان ترسم مسارات عملها وحركتها لن يملوا او ييأسوا من محاولات ان تكون فلسطين دولة كاملة التمثيل في الامم المتحدة وذات سيادة، وهم يعملون على ذلك بإخلاص، وها هي الجزائر التي ستحتضن القمة العربية القادمة والتي ستكون قمة لفلسطين بامتياز تدعو الى وحدة الصف الفلسطيني من اجل انهاء الانقسام البغيض، الذي ظلت قوى معادية تصطاد في مياهه المعكرة.
ان انهاء الانقسام هو البوابة لفلسطين واحدة قوية متحدة وقادرة، فهل يحدث ذلك وهل تكون الخطوة الجزائرية المخلصة التي تبني على ما سبقها من جهود مصرية وغيرها تتويجا لجهود عديدة؟
لم يبق امام الفلسطينيين على اختلاف مواقفهم وفصائلهم الا الانخراط في التمثيل الذي دفعوا ثمنه غاليا اي منظمة التحرير الفلسطينية وليس ذلك بعزيز ان حسنت النوايا واستقام الهدف باتجاه تحرير فلسطين من الاحتلال..
الرئيس عباس كان واضحاً ومخلصاً وعلى العالم ان يستجيب فهذا ربع الساعة الاخير الذي سيصبح الاحتلال بعده مكلفا وليس مجانيا كما ترغب إسرائيل..
اننا نلحظ المقدمات الآن وعلى اسرائيل ان تعي ان ارادة هذا الشعب ما زالت قوية..
أبو مازن.. يحتار فيه عدوه!!
15
المقالة السابقة