من الأهمية بمكان أن نستعرض بعض المحطات التي عصفت إقليميا ودوليا ارخت بتداعياتها على الأمن والإستقرار والسلم العالمي سياسيا وعسكريا وإقتصاديا عجز معه مجلس الأمن الدولي عن إيقافه بسبب :
— أن الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن طرفا مباشرا أو غير مباشر
— تغييب أسس ترسيخ السلم والأمن الدوليين بحظر الإعتداء والتوغل والإحتلال وتصفية الإستعمار وإحترام سيادة الدول وحق تقرير المصير للشعوب .
— إعادة رسم خارطة تقاسم الهيمنة والنفوذ على الساحة العالمية .
من أهم المحطات :
أولا : الجمعية العامة والقضية الفلسطينية .
ثانيا : الحرب في اوكرانيا .
ثالثا : الإتفاق الإيراني الأمريكي .
رابعا : الغاز وترسيم الحدود اللبنانية ” الإسرائيلية ” .
خامسا : قمة الجزائر
الجمعية العامة والقضية الفلسطينية :
خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس امام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العادية السابعة وسبعون يحتل أهمية خاصة لعوامل عديدة منها :
• يأتي بعد عجز وغياب الإرادة الدولية ممثلة بمجلس الأمن الدولي بالدرجة الأولى لما يتمتع به من صلاحيات مطلقة لتنفيذ القرارات الدولية بالإستجابة لدعوة الرئيس أبو مازن بالعمل على إتخاذ الإجراءات الكفيلة وفق ميثاق ونظام الأمم المتحدة بإلزام سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي بإنهاء إحتلالها الإستعماري لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة خلال عام ينتهي مع خطابه أمام الجمعية العامة بدورتها 77 .
• تحميل مسؤولية إستمرار وتصعيد الإنتهاكات والجرائم الإسرائيلية بمختلف أشكالها ودرجة تصنيفها بحق الشعب الفلسطيني للمجتمع الدولي الذي تقاعس وتخلى عن واجباته بتأمين الحماية للشعب الفلسطيني إعمالا للقرارات والعهود والإتفاقيات الدولية وبفرض العقوبات على الكيان الإستعماري الإسرائيلي .
• عدم إتخاذ مضمون رسالة الرئيس محمود عباس بخطابه أن صبر الشعب الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية على إستمرار الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي والصبر على جرائمه سينفذ بجدية وما الهبة الجماهيرية التي تشهدها مدن وقرى فلسطينية بالتصدي لإقتحامات عصابات المستوطنين ولقوات المستعمر الإسرائيلي وخاصة في القدس إلا صورة مبسطة وترجمة لإرادة الشعب الفلسطيني بالنضال والمقاومة بكافة الاشكال المكفولة دوليا حتى إنجاز اهداف المشروع الوطني بالحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
• رسالة تحذير للجمعية العامة بأن سياسة الإزدواجية والإنتقائية التي تنهجها الولايات المتحدة الأمريكية من شانها ان تقوض الامن والسلم الدوليين ففي الوقت التي تدعم اوكرانيا سياسيا وعسكريا وإقتصاديا وتصف مقاومته للقوات الروسية بالدفاع عن النفس وعن الوطن يقابلها بالنقيض من ذلك موقفها من إحتلال إستعماري إحلالي لفلسطين الذي يحظى بدعم مطلق ولا محدود لسياسة “دولة إسرائيل ” العدوانية الإستعمارية التوسعية وتمكينها الإفلات من المساءلة والعقاب كما تصف الإعتداءات الإسرائيلية على ارض وشعب فلسطين بأنها دفاع عن النفس وتطلق على المقاومة الشعبية الفلسطينية المناضلة من أجل الحرية بأنها إرهاب .
إذن الجمعية العامة للأمم المتحدة باتت مدعوة للتعبير والتأكيد على رفضها إنكار ورفض “إسرائيل” المارقة قراراتها دون مساءلة وان تبقى صامتة دون القيام بفعل مؤثر رافض لتهميش قرارات الجمعية العامة ورافض للإنحياز والدعم الأمريكي للكيان الإستعماري الإسرائيلي المصطنع خلافا لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة .
ثانيا : الحرب في اوكرانيا :
لم يعد بالإمكان إنكار أن الحرب في اوكرانيا وعليها ما هي إلا مواجهة عسكرية بالوكالة بين امريكا وحلفاءها وروسيا وحلفاءها بهدف الوصول إلى معادلة تقاسم النفوذ والهيمنة على مناطق شاسعة من العالم يعتبر كل قطب منها انها حيوية لمصالحه وامنه القومي مما يشير إلى أن أمد الحرب لا يزال بعيدا طالما أن الهدف الرئيس لحرب الوكالة لم يتحقق بالرغم من تداعيات الصراع الدائر على شعوب العالم .
ثالثا : الإتفاق الإيراني الأمريكي :
تأجيل التوقيع الايراني الامريكي على إعادة العمل بالإتفاق النووي المبرم عام 2015 لا يعود إلى أسباب إستراتيجية لكلا الطرفين فالخلاف لا يتعلق بجوهر الإتفاق وإنما يمكن لنا أن نعزي تأجيل توقيع الإتفاق إلى عدد من العوامل منها :
— عدم إتاحة إدارة بايدن المجال للحزب الجمهوري بإستخدام الإتفاق كسلاح إنتخابي وتصويره كتفريط بالأمن القومي الأمريكي وبمصالح دول حليفة مع قرب الإنتخابات النصفية الأمريكية التي قد تطيح بالأغلبية الديمقراطية في المجلسين أو أحدهما .
— دعما لإئتلاف حكومة بينيت لابيد غانتس في إنتخابات الكنيست للحيلولة دون عودة نتنياهو إلى رئاسة حكومة الكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري بإستخدام الإتفاق وكأنه ناجم عن عجز لابيد وحلفاءه بتحقيق الأمن ” لإسرائيل ” والتي هي بالواقع تمثل الخطر الأكبر على السلم والأمن الدوليين .
— رسالة للرأي العام الإيراني بأن الإتفاق إنجاز لإيران بعد فرض شروط على أمريكا .
رابعا : الغاز وترسيم الحدود المائية اللبنانية ” الإسرائيلية ” :
مفاوضات التوقيع على إتفاق إستخراج وإنتاج الغاز بين لبنان وإسرائيل يبدو أنها سالكة فالتوقيع قبيل شهر تشرين الثاني يخدم مصالح الأطراف التالية :
اولا :امريكا :
حتى يتم تقديم إتفاق التقاسم على حقول الغاز كانجاز لإدارة بايدن مع موعد الإنتخابات النصفية .
ثانيا : ” إسرائيل ” :
يأتي توقيع الإتفاق دعما لموقف الحكومة الإسرائيلية العنصرية الإرهابية بمكوناتها الحالية في معركة إنتخابات الكنيست أمام معسكر نتنياهو الذي تشوب علاقته مع الحزب الديمقراطي الأمريكي التوتر والجفاء ولكن القاسم المشترك للمعسكرين كما أثبتت الوقائع على الأرض أن كلا أطرافه وجهين لعملة واحدة إسمها الإرهاب والتطرف والعنصرية وتحد ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة بعنجهية وصلافة ووقاحة .
ثالثا : لبنان :
توقيع الإتفاق بالرغم من انه يخدم مصلحة لبنان إقتصاديا إلا أن الهدف دعم العهد العوني بما يمثله كانجاز من موقع القوة عله يساعد في معركة الرئاسة لمرشح مدعوم من تيار ميشيل عون .
خامسا : قمة الجزائر :
يبقى التساؤل هل قمة الجزائر مؤهلة لأن تغادر مربع روتين القمم العربية السابقة وان تمثل الأساس للإنطلاق نحو بناء بنيان عربي قادر موحدين او متوافقين على مواجهة تحديات مرحلة النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب حتى لا يبقى الوطن العربي الكبير ساحة لإستقبال ما تقره دول مهيمنة خدمة لمصالحها كما حصل إثر الحرب العالميتين الأولى والثانية وبما يكفل ويعزز أمن وإستقرار الأقطار العربية وبالتالي ترسيخ العمل المشترك خدمة وتجسيدا للأمن القومي العربي الذي بات للاسف مستباحا من دول إقليمية تعمل كوكيل لقوى دولية وسيبقى الموقف العربي الرسمي من ترجمة شعار القضية الفلسطينية هي القضية المركزية إلى إجراءات عملية بدعم إستراتيجي سياسي وإقتصادي ودبلوماسي لنضال الشعب الفلسطيني وصموده في وطنه التاريخي بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني نحو الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس والعمل على مقاطعة وعزل الكيان الإستعماري الإسرائيلي العنصري إقليميا ودوليا التحدي والبوصلة لمدى توفر الإرادة العليا بإيلاء المصالح القطرية والقومية العربية على حد سواء الأولوية على ما عداها من إعتبارات. ..
المحطات الخمس ستبقى بتداعياتها وتأثيراتها على أمن وإستقرار ومستقبل ساحات إقليمية ما لم يتم مواجهتها عبر تشكيل تكتلات واسعة تراعي أمنها ومصالحها وفرض نفسها لاعب أساس من موقع الشراكة كقطب عالمي ثالث يجسد قوة الحق وسمو القانون الدولي و مبادئ الامم المتحدة إنطلاقا من وحدة الموقف بالتعامل مع العالم وقضاياه على الأصعدة المختلفة …. حرية فلسطين كانت وستبقى قلب ومركز التحديات وعنوانا للعدالة. .؟!
محطات. ..مرآة لمستقبل غني بالتحديات… حرية فلسطين قلبها ؟ د فوزي علي السمهوري
12
المقالة السابقة