عروبة الإخباري – صبيح المصري، من نادل في مطعم، إلى عنوان من عناوين الاقتصاد العربي والعالمي، فهو إنسان قبل أن يكون مستثمراً؛ إنه رجل الأعمال صبيح المصري الذي يلتقي في الثناء عليه الفقراء الذين ساعدهم، والأغنياء الذين تعاملوا معه، أو حتى نافسهم. تجاوز عمره ثمانين عاماً، عمل خلالها بجد في بناء مجموعته التجارية وقيادتها، عبر رحلة من التفاؤل، لم تعرف اليأس، حتى اصبحت اليوم علامة تجارية عالمية بما تمتلكه من مشاريع ضخمة في كل القطاعات، وفي مختلف دول العالم، واضعاً شعار «الصبر مفتاح النجاح».
هو الساحر بأخلاقه ودماثته وخفة ظلّه؛ فما أن تجلس إليه، حتى يأسرك ويجعلك ترغب في ألا تنتهي تلك الجلسة، لتواصل الاستمتاع بحديثه الذي لا يخلو بين الفينة والاخرى، من محاولة جديدة لإقناع المستمع أن الصبر مفتاح النجاح في الحياة، ولولا هذا المفتاح، لما كان على ما هو عليه الآن. شغل عدداً من المناصب الاقتصادية، كنائب لرئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني، ونائب رئيس لمجلس ادارة البنك العربي الاردني، ثم رئيسه. أسس شركات استثمارية ومؤسسات اقتصادية مالية في المنطقة العربية، ابرزها مجموعة ‘أسترا’، وهي اكبر شركة زراعية سعودية. رغم تصنيفه من أغنى أغنياء العرب، فإنه، وفق مقربين، لا يعتد بتلك الثروة كثيراً، ولم يتسلل الكبر الى نفسه، فما زال بسيطاً، يشعر مع الآخرين ويبذل ما يستطيع ليحل مشكلاتهم. يصفه أصدقاؤه بأنه رجل كلمة، لا يخلف وعداً، و رجل عائلة كذلك. يحب تمضية أوقاته، مع ذويه واهله. أخذ عن والدته الرغبة الشديدة في مساعدة الأخرين والاستماع إلى شكواهم ومساندتهم، وهو لا يقبل أن يكشف عن الكمّ الكبير من أسماء الطلاب والأسر المستورة التي يدعمها، لمواجهة ظروف الحياة.
استطاع المصري أن يتسيّد المشهد الاقتصادي العربي، بحركية لافتة، بوّأته عربياً مكانة أقوى شخصية عربية، ضمن استفتاء كبريات المؤسسات البحثية المتخصصة في العالم. يؤمن بالشفافية والوضوح في مشاريعه.
في مكتبه في الرياض، ومن مزرعته في تبوك شمالي السعودية، ومن منتجع العقبه، كان لنا معه هذا الحوار ؟
*صبيح المصري أنت اليوم أحد رموز الاقتصاد في الوطن العربي؛ حدثنا عن الطفولة ؟
توفي والدي عام 1943، وعمري ست سنوات، و يرجع الفضل الأكبر في تربيتي إلى والدتي وإخوتي الكبار. كان والدي من اهم الصناعيين في فلسطين، ومن اوائل من عملوا شركات مساهمة، فورثت منه أسهماً في شركة ‘طاهر المصري’، وكان ثلاثة من أولاده وابن اخيه يعملون معه في الشركة المساهمة عام 1933، وسجل لأبنائه الذين يعملون معه حصة صغيرة، وبسبب هذا استفدنا، فورثت منه ثلاثة أشياء: أسهماً في الشركة، ومالاً، والبيت الذي نسكن فيه. ولم يكن هناك أي مشكلة في تقسيم الارث، ولله الحمد.
*ماالذي مازال عالقاً في الذاكرة من الطفولة ؟
كنت مشاغباً، لكنّني كنت أتابع دراستي على اكمل وجه، وتخرجت في الثانوية بنابلس، بعلامة جيد جداً، وكان يفترض ان اتوجه إلى الجامعة الأمريكية، لأني قبلت فيها عام 1956، ولكن لم أفعل، فدخلت في كلية توجيه، وكانت غلطة عمري، ولكن في تلك الفترة، أغلقت الكلية، بسبب حرب السويس 1956، وقال ابن عم لي: لماذا لا تذهب الى امريكا؟ وبالفعل ذهبت ودرست الهندسة الكيميائية في جامعة تكساس، وتعرفت إلى الكثير من الإخوان السعوديين هناك، ومنهم الآن رؤساء جامعات ووزراء ومديرو بنوك، لانه في تلك الفترة كانت وزارة البترول ترسل بعثات سنوية إلى جامعة تكساس.
*هل كان طموحك من الصغر أن تكون رجل أعمال ؟
كنت احلم ان اعود وأعمل في عمل أهلي ووالدي، كما قلت سابقاً صنائعياً، لكن بعد تخرجي رجعت إلى نابلس سنه 1963، للعمل مع العائلة، بعد 20 عاماً من وفاة والدي، وفوجئت أن تجارة والدي لم تتطور، بل على العكس تراجعت، الى ان جاء صديق لي، وسألني عن رأيي في العمل في مجال التغذية. فتقدمنا في سنه 1967 لمناقصة تقديم إعاشة للجيش السعودي القادم للمشاركة في حرب 1967، وفزنا بها، ومن هنا بداية العلاقة مع المملكة العربية السعودية.
*هل كان أول مشروع لك توريد الإعاشة للجيش السعودي؟
نعم، في الأردن وهي مناقصة، وكان سعرنا أقل سعر، وذهبت أنا وشريكي إلى الرياض، لتحصيل فاتورة وزارة الدفاع، وبعد سنة او سنتين، قرر شريكي عدم الاستمرار، وحاولت إقناعه أن نبقى معاً، لكنه أصرّ، فاشتريت حصته وبقيت وحدي. وبدأت أستثمر في السعودية أواخر الستينات. وكل ما ربحته ولو كان ريالاً، كنت أتركه داخل السعودية. وكان كثُر يسألونني: لماذا لا ترسل المال إلى الخارج؟ وكنت أجيب بأنني مقتنع بأن هذا افضل لي.
*ما الذي اكتسبته من والدك التاجر يرحمه الله ؟
تعلمت منه، ان أنظم نفسي، ولا اعمل ما سأندم عليه فيما بعد، وتكون دائماً أموري منظمة، ولا أعمل ما يمكن أن يكون ممسكاً عليّ، ولا أتهرب من دفع الضريبة. وتعلمت الأمانة مع العاملين معي، ولا أبخل معهم. وأهم شيء أن من يعملون معك، عليك معاملتهم كأنهم اهلك، لأنهم فعلا عائلة، ولذلك لو تعاملت مع شركاتنا، فسوف تجد ذلك الحسّ موجوداً، مع اننا نعمل عملاً رسمياً، ومنظمون جداً. وتهمني العلاقة بين الرئيس والمرؤوس.
*بلغة الأرقام؛ كم كان رأس مالك في بدايتك التجارية؟
ورثت عن والدي، ما يقارب 20 ألف دولار، وبدأت تجارتي الحقيقية مع عقد مناقصة إعاشة الجيش السعودي، كما ذكرت لك.
*متى كانت الانطلاقة الحقيقية لعالم المال ؟
أول نجاح قوي لي كان في تغذية الجيش السعودي في الأردن كشركة اردنية، وفزت بالمشروع، وكنت أحضر إلى الرياض بشكل دائم في رمضان، وذات يوم أتاني ضابط من وزارة الدفاع السعودية، وقال أنت مطلوب. وذهبنا إلى الوزارة، وسألوني: هل يمكن إطعام جيشنا السعودي الذاهب إلى سوريا غداً؟ فقلت: نعم. فقال لي المسؤول: ما الذي تطلبه؟ فقلت: لا شيء؛ هذا واجب وطني. فقال: لا تريد المال؟ فقلت: فيما بعد. فقال: كم السعر؟ فقلت: سعر العقد الأول نفسه. فنظر إليّ مندهشاً، وقال: من دون زيادة ولا ريال؟ فقلت: نعم. وإذا جاء الوقت المناسب، فحاسبوني. وبعد النجاح الذي تحقق في العقد الثاني، قدمت للحصول على الجنسية السعودية، وجاءت الموافقة. وفور حصولي عليها، سجلت مؤسسة ‘أسترا’، واشتريت ارضاً في تبوك، وكنت اهتم باالزراعة بشكل اكبر، وذهبت إلى جامعة كاليفورنيا، وجلست فيها صيفاً أدرس الزراعة بشكل عام، وبدأت أستثمر في الزراعة، وكان لديّ مزرعة في كاليفورنيا، واستعملت كل المعلومات التي أخذتها، وطبقتها في مزرعة تبوك.
*ما نقطة التحول في حياتك ؟
كان التحول الحقيقي في حياتي، بسبب الزراعة، مع انها كانت اصعب الفترات، لأني كنت احاول تجنب الإعانات الزراعية بقدر المستطاع، وقد اقترضت من البنك الزراعي، وعملت مشروع الاغنام، وسددت القرض، ولم اشتغل بالقمح الا بكميات قليلة جداً، مع بداية الزراعة، وكان تفكيري ان المزارعين تحولوا إلى زراعة القمح، فقلت أتوجه أنا لزراعة الفاكهة، وركزت على الورقيات والطماطم والخيار. وبعدها بسنتين انتقلت إلى الزهور، وكنا ننتج 500 زهرة في اليوم. واليوم، ولله الحمد، ننتج من 50 إلى 100 ألف زهرة.
*هل شركة ‘أسترا’ أكبر مزرعة موجودة في الشرق الأوسط اليوم ؟
لا، ولكن نحن، ولله الحمد، أكبر منتج للزهور في المنطقة.
*اليوم وبعد ستة عقود من النجاح، كم شركة تملكها وترأسها؟ وكم عدد الموظفين فيها؟
ليس عندي عدد محدد، فلدينا شركات منتشرة في اغلب دول العالم. لكن نحن في مجموعتنا نشغّل نحو 50 ألف موظف وعامل. وفي المملكة عندنا تقريباً 25 ألفاً.
*ما برنامج رجل الأعمال صبيح المصري اليومي؟
في هذه السنّ، ابني هو الذي يدير الشركات، وأنا استيقظ الساعة 6 صباحاً، وأخرج للمشي ساعة كاملة، وأعود إلى المنزل، وأمارس الرياضة نصف ساعة، ثم أذهب إلى العمل في العاشرة، وأبقى أربع ساعات. وأنا لا ادير العمل، بل اتابعه، لأبقى بكامل نشاطي العقلي. وفي المساء اذهب الى اصدقائي، ونتحدّث ونتسلّى.
*ما أبرز هواياتك؟
كانت لي في الماضي هوايات أمارسها، مثل التنس والاسكيب، والآن القراءة.
*وكيف تطالع الأخبار؟
‘الآيباد’ حلّ كل الأمور.
*هل أنت مركزي في العمل؟
لست مركزياً، وأمنح الصلاحيات لمن يستحقها وقادر عليها.
*اين يقع الترفيه في حياه رجل الاعمال صبيح المصري؟
الترفيه ان اذهب مع عائلتي 3 مرات في السنه الى الاوبرا في نيويورك لان للموسيقى معي قصه يوم كنت انا تلميذ في الجامعة كانت العائلة التي تهتم بي لان الاجنبي في الجامعة تتكفل به عائله وتكون مضيفه له وكان المضيف لي رئيس الفرقة الموسيقى بالجامعه وانا ادرس الهندسة وصرت اهتم بالموسيقى وتعلمتها منه.
*ما الذي استفدته في التنقل في أغلب بلدان العالم؟وكم بلداً زرت ؟
العمل مع جميع الأشخاص، وتعدد الثقافات والبيئات، وزرت جميع بلدان العالم تقريباً.
*هل وصلت إلى النجاح الذي تتمناه؟
أنا لم اتوقع الوصول إلى ما انا عليه، ولكنه توفيق من الله.
*من هي الشخصيات التي اثرت في حيات صبيح المصري؟
الفضل لوالدتي لأنها علمتني الأمانة و الاستقامة وزوجتي يرحمها الله لأني كنت دائم الشغل وكانت هي السبب الرئيسي في تربية ابنائي والوقوف معي في اوقاتي الصعبة وبعد رحيلها تركت فراغ كبير لن يعوضه غيرها لكن قضاء الله وقدره والحمد لله على كل حال.
*هل تحمّلت المسؤولية مبكراً؟
نعم، من صغري. وقد عملت نادلاً في مطعم في أمريكا، وقت دراستي، وكنت أعدّ اوراق الطلبة بدلاً عن الأساتذة في الجامعة، حتى تخرجت.
*ما الذي كان يستهويك أيام الشباب؟
كان تستهويني كرة القدم، وكنت أمارسها. أما الآن فأتابعها محلياً وعالمياً باستمرار.
*ما سرّ النجاح الذي وصلت إليه ؟
الأمانة والطموح، والجرأة في اتخاذ القرار، والعمل ليلاً ونهاراً، لكي لا يفشل القرار، ولا أتهرب من المسؤولية أو المواجهة ابداً.
*هل أهّلت الجيل الثاني من أبنائك ليتسلموا زمام الأمور ؟
أنا أومن بأنه مهما كنت تتقن العمل، فهناك من يتقنه أفضل منك. وكانت فلسفتي ان أؤسس العمل وأوكل مهمته لغيري، واكتشفت بأني أنجح وأفشل مرات. من وقتها عرفت ان الأمور يمكن ان يديرها غيري، ويكون عندي القدرة على عمل ثان. واكتشفت ان أموري تحسنت، وصرت أكثر معرفة بالاستثمارات. وصرت اطلب المستشارين لمساعدتنا ومشاركتنا المعرفة. والآن لديّ استثمارات في العراق ومصر والسودان والمغرب وتونس والجزائر. وإدارتنا جماعية. ومن اجل تأهيل الجيل الثاني، كنت اشجع ابني الاكبر، على العمل وكان يعمل معنا في مزرعة تبوك في الصيف، وبقية السنة يعمل في شركة كمبيوتر، وفي عام 1986 تخرج في الجامعة بتخصّص إدارة اعمال، واشتغل مع بنك لفترة قصيرة، ثم اشتغل معي. وبعدها بعامين اخذت القرار بتسليمه الأمور، واتخاذ القرارات. والآن هو رئيس الشركة تقريباً.
*هل واجهت معوّقات في مسيرتك التجارية؟ وكيف تغلبت عليها؟
نعم، ومن منا لم يواجه صعوبات في مسيرته التجارية، ولكن بالحِلم والحكمة، وعدم التسرّع في اتخاذ القرارات، والتبصّر بالأمور، واجهت المعوّقات وتغلبت عليها، ولله الحمد.
*تتمتع بحب كبير من العاملين في مجموعة شركاتك، كيف كسبت ولاءهم ؟
الشفافية؛ والمسؤولون عندنا مشاركون معنا في أدق التفاصيل، وإذا حققنا ربحاً، فإننا نعطي العاملين لدينا.
*عُرف عنكم أعمال البر والإحسان حدثنا عن هذا المجال ؟
انا لا أخصص مبالغ معينة فجأة لجهة معينة. وأشعر براحة أنني كل يوم اعطي بحسب الامكانيات، ولا أريد يظهر ذلك في الإعلام. وأعطي بقناعة تامة، وأدفع الزكاة المفروضة عليّ وأساعد بالطريقة التي ارها مناسبه لي.
*ما فلسفتك في العمل اليومي لتكوين هذه الثروة ؟
فلسفتي هي ان اشعر الذين يعملون معي بتقدير ما يعملونه وأشجعهم على العمل وأحل مشكلاتهم بسرعة.
*خلال تتبّعنا لمسيرتك الاقتصادية، وجدناك متربعاً على قائمه الأثرياء العرب؟
هذا كلام غير صحيح، ولم يسبق لي اعلان ثروتي، ولا أحب هذه المسمّيات.
*هل لديك طائرة خاصة؟
كلا.
*هل حققت طموحاتك؟ أم هناك طموحات أخرى؟
انا سعيد جداً بما وصلت اليه وأكون أسعد، لو كان العمل مستمراً من دون مشكلات.
*كم تصرف في الأسبوع ؟
مبلغاً بسيطاً. وأنا بطبعي بسيط في حياتي.
*هل مررت بالفشل في حياتك التجارية؟
انا فشلت ونجحت، ولكن لا تحاسبني على فشل واحد، بل انظر إلى النتيجة النهائية. وكل انسان يفشل، لكن انا لا اتوقف عند أي فشل.
*هل انت مجازف في استثماراتك ؟
لا. ولو جازفت، فبحدود بسيطة لا تتجاوز 5%، ولي استثمارات في العراق، وهي مجازفة كبيرة.
*هل صحيح أن الأثرياء لا يعرفون رقم ثرواتهم الحقيقي ؟
بالفعل صعب معرفة ذالك، وتعتمد على أي وقت تحسب الثروة فيه. ومقياس الثروة يعتمد على الاقتصاد العالمي، وهنالك أناس كثر لا يضعون الحقائق. وأنا فعلا لا أعرف رقم ثروتي في هذا الوقت بالتحديد.
*بعد هذا الثراء هل هناك رقم مالي تسعى للوصول إليه ؟
ماذا أريد؟ صحتنا أنا وعائلتي جيدة، وبلدي مستقر، والحمد لله، إذن مقدار المال وأرقامه لا أهمية لهما.
*هناك جدل في الاقتصاد الاردني، حيال البنك العربي اليوم، رئاسة مجلس إدارة البنك خرجت منه العائلة التي أسسته، ودخل صبيح المصري. وغالباً كان هناك شراء للأسهم، وقيل إن صبيح كان مخططاً للاستحواذ على البنك، نريد معرفة القصه الحقيقية.
أولا انا مساهم في البنك، ولست مساهماً كبيراً، وعضو مجلس ادارة. والمشكله باختصار، هي خلاف بين مجلس الادارة وعائلة شومان، الذين يملكون 7% من البنك، وعندما توفي عبد المجيد شومان، تقسّمت الادارة، وصار لهم 3% فقط، والخلاف نشب لتغيّر الانظمة، وأنا جزء من مجلس الادارة، ووزارة المالية السعودية عضو فيه أيضاً، والخلاف كان على مبدأ المسؤولية والحوكمة؛ هل يحق لرئيس مجلس الادارة أن يصبح مديراً عاماً ؟ فاتفقنا مع السيد عبدالحميد شومان، على أن الامور تغيّرت، ولا يمكن أن تكون رئيس مجلس ادارة ومديراً عاماً، ولا بدّ ان تختار إحداهما. وهذا هو الاتجاه العالمي، فوافق. وغيرنا اللقب إلى رئيس مجلس ادارة، وليس مديراً للبنك، وليحصل على راتب، أعطي لقب متفرغ، لكن رغم ذلك بقي يتدخل في ادارة البنك، وبما أنني نائب رئيس مجلس الإدارة، كنت اواجه الوضع، فطللبت منه ان يبقى رئيس مجلس ادارة فقط، لكنه رفض، وقدم استقالته، وطلبت منه ان لا يستقيل، لكنه أصرّ، وأجبرت ان اصبح أنا رئيساً لمجلس الإدارة. وفي النهايه هو خلاف في المبادئ والعمل، وهم يملكون حصصاً في البنك، لكنهم باعوا منها، وليس لي مشكلة معهم.
*هل تنوي الخروج من رئاسة البنك ؟
لا، وسوف أكمل الدورة وبقي لي سنتان.
*إلى أين تطمح أن يصل البنك ؟
أن يكون أول بنك في العالم، وآمل من المملكة بأن تزيد حصتها في البنك.
*هل تملك أكثر من جنسية؟
لا؛ وهناك شائعات تقول إنني أحمل جنسيات عربية، وهذا غير صحيح. انا املك الجنسية السعودية فقط. ومسجل في الأردن بأنني مستثمر سعودي.
*هل يحتاج رجل الاعمال إلى سلطة ليصبح قوياً؟
لا، أنا لا أؤمن بدخول أي سلطة، ولا اتدخل في السياسة، ولكني اتابع الوضع من اجل استثماراتنا الخارجية، وليس لي أي طموح سياسي.
*لو طلب منك تسلّم حقيبة وزارية، فهل ستوافق؟
طلب مني ورفضت.
*ما أولوياتك في الحياة؟
ادعو إلى سلام شامل في الشرق الاوسط، وحل القضيةالفلسطينية التي صارت تضعف سنة بعد سنة، وآمل بأن يصلح الوضع في سوريا والعراق واليمن.
*كيف تتخلص من ضغط العمل اليوم؟
ببساطة هو ان اصل البيت وأجلس، وأفتح ‘الآيباد’، وأقرأ أو أسمع الموسيقى.
*ما الذي يثير غضبك ؟
الكذب، ثم الكذب، ثم الكذب.
*هل أنت حازم في عملك ؟
لست حازماً، ولكني اتخذ القرار وأعطي مجالاً للآخرين لإبداء وجهات نظرهم. ولو أتاني موظف وأبلغني بخطأ في قرار، فإنني أستمع إليه. ومعروف عني في الاجتماعات، أنني أسمح للجميع بالكلام، ولو كان لديّ رأي، فيمكن تغييره، إن كان في ذلك مصلحة.
*هل وفّقت في اختيار فريق عملك ؟
نعم، وهذا بفضل من الله.
*متى تتملّكك لحظات الضعف؟
عندما أرى طفلاً مريضاً، أو تكون زوجتي يرحمها الله أو أحد افراد عائلتي مرضى،لأنه لا تملك شيئاً لمساعدتهم به، وفي هذه اللحظة تشعر بضعف طبيعتك أمام الأقوى.
*ما المشروع الذي حلمت به وتحقق ؟
مشروعان في الأردن، واحد بشرماء والآخر في العقبة.
*متى تنام ومتى تستيقظ؟
آوي إلى فراشي في الحادية عشرة والنصف، وأصحو في السادسة صباحاً.
*ما أحب دولة إليك للسفر؟
سويسرا، اذهب اليها مرتين كلّ عام.
*هل تهوى اقتناء الاشياء الثمينة ؟
نعم، وأميل إلى شرا اللوحات الحديثة.
*ما اغلى ما تملكه؟
صحتي.
*ما مفهوم الثراء لديك؟
أهم شيء في الثراء، ماذا تقدم لمجتمعك.
*أين تقضي أطول وقت؟
ما بين السعودية والاردن ولبنان، وبقية دول الخليج، ومركزي الدائم الآن هو الاردن، بحكم رئاستي لمجلس إدارة البنك العربي.
*ما علاقة صبيح المصري بحكام السعودية ؟
كل احترام، ولا تربطني بهم علاقة شخصية.
*وعلاقتك برجال الاعمال والأثرياء السعوديين ؟
علاقتي جيدة جداً وهم أصحابي.
*هل تهوى الصقور والصيد ؟
لا، أنا احب الذهاب إلى البرّ، لكن انا ضد القتل للمتعة.
*هل انت راضٍ عن قصه كفاحك؟
نعم، ولو أجلس شهراً أحكيها، لا تنتهي، ففيها الحلو والمر.
*هل لك زيارات لفلسطين ؟
نعم، وأخذت إذناً من الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، حين كان اميراً لمنطقه الرياض، لأني مستثمر رئيسي هناك، ورئيس مجلس ادارة الاتصالات الفلسطينية، و رئيس جامعة ‘النجاء’، وعضو مجلس ادارة في أهم شركة استثمارية هناك. والاستثمارات آمنة هناك.
*ما الذي يشعرك بالفرح؟
إذا كان هناك سلام في العالم.
*هل لديك مفكرة خاصة، لا يطلع عليها احد حتى زوجتك ؟
أبداً، لا يوجد. زوجتي يرحمها الله كانت تطلع على كل شيء، والاخلاص موجود من اول يوم في الزواج، بل إن كل صفحات مفكرتي يطلع عليها ابني وابنتي وزوجتي يرحمها الله.
*موقف في حياتك تذكره دوماً.
كان ذلك عام 1973،حيث كنت أستقل طائرة روسية من مطار عمان، وبعد الاقلاع بدقائق، توقف محركها واصطدمت بأرض ومنزل يقع في بطن الوادي القريب من المطار، ووسط الانفجار الهائل، وبينما كنت اقرأ الفاتحة, تلفتّ فإذا ببصيص ضوء من طرف الطائرة، وظننت لهول الموقف أنها مرتفعة عن الارض، وجريت الى طرفها للقفز من هذه الفتحة، فإذا الطائرة على الارض, وبينما كنت اجري في ارض المطار ومعي حقيبتي، لم أر سوى الحارس الذي أوقفني وسألني: إلى اين تذهب؟ انظر إلى ملابسك ووجهك، وإذا بي اجد الدماء تغطي وجهي وملابسي .. ونقلت بالإسعاف الى المستشفى، فقد كان نصيبي من الحادث الذي حطم الطائرة الى عدة اجزاء كسور في الصدر والضلوع مع آلام شديدة، والحمد لله نجّاني الله سبحانه وتعالى.
*هل زوجتك قريبة لك من عائلة المصري؟
أنا ضد زواج الأقارب، وزوجتي يرحمها الله كانت من آل ماضي من جنوبي الاردن.
*هل لديك حساب خاص لا يطلع عليه إلا أنت ؟
أي حساب عندي تطلع عليه العائلة، وبالنسبة للعمل يمكن القول انه ليس لدينا حساب غير معروف، أو أن اعضاء الإدارة في شركتنا لا يعلمونه، وكل شركاتنا لديها كل المعلومات، حيث إن الجميع لديهم علاقة بربحية الشركة.
*أقصد حسابك الخاص.
عائلتي وزوجتي يرحمها الله وأولادي يعرفون كل شيء.
*عندما تقررون قضاء اجازه الصيف او الربيع، هل رأيك هو الذي يرجّح اختيار المكان؟
أولادي هم الذين يقررون.
*هل تؤجل إجازة للأسرة، بسبب ارتباطاتك العملية ؟
لا أتجرأ على الغاء موعد اجازة مع العائلة.
*أنت رجل أعمال كثير التنقل، الم يكن ذلك يزعج زوجتك؟
كانت يرحمها الله تتذمر بالطبع، وتشكو من عدم قدرتها على اللحاق بي في السفر. فهي كانت تفضل الاستقرار في مكان واحد بعيداً عن التنقل المستمر.
*ما سرّ الابتسامة التي تعلو وجهك دائماً؟
طبيعتي دائم مبتسم. وهي نعمة من الله ورثتها عن والدي.
*ماذا تحتوي مكتبتك؟ وأي الكتب تفضل قراءتها؟
تحتوي على الكتب العلمية والتي افضل قراءتها بحكم ميولي.
*وماذا عن الكتب الأدبية والروايات ؟
قراءتي لها قليلة.
*والكتب السياسية، خاصة أنك ولدت في أسرة سياسية تعاطت العمل السياسي مبكراً؟
السياسية ليست في دمي وقراءاتي السياسية في الكتب قليلة.
*مع كثرة سفرياتك وتنقلاتك، كم ساعة تطير في العام؟
في السابق كنت أسافر أسبوعياً بين 5 و 6 ساعات أي نحو 300 ساعة طيران في العام تقريباً داخل السعودية وخارجها. والآن خفت بعد أن سلمت الكثير من أعمالي إلى ابني خالد.
من أرشيف مجلة الرجل – 2017