عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
وتعود الحيوية للجامعة العربية ويتحدث امينها العام في مدريد عن ضرورة احداث موقف اسباني مميز لدعم فلسطين لتكون دولة كاملة العضوية في الامم المتحدة..
وقصة الدولة المراقب وكاملة العضوية هي قصة كفاح الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية، وتوظيف الموقف الدولي في هذا السياق باعتبار الفلسطينيين عامل من عوامل السلام في سعيهم لحقوقهم، وان عدم تمكينهم من ذلك يعني استمرار العدوان والعنف والتوتر في منطقة الشرق الاوسط برمتها..
الرئيس محمود عباس الذي يؤمن بعملية سلام يسندها كفاح الشعب الفلسطيني الموصول منذ قرن من الزمان والمعبر عنه بمقاومة شعبية واسعة، ظل الرئيس عباس يتحدث عنها ويدعو اليها ويميزها عن اي اشكال اخرى يمكن ان تعيق النضال الفلسطيني او تصنفه خارج أهدافه..
ٱمن الرئيس عباس بالطريق السلمية للوصول الى حل ووظف جهده وجهد قيادته في ذلك منذ وقت مبكر من حياته السياسية ، ومنذ برنامج المنظمة المبكر عام 1974 وجملة الحوارات التي اجراها ابو مازن مع قيادات إسرائيلية، وظل الرئيس عباس وفيا لرؤية حل الدولتين، وكان يدرك ان السعي لذلك لا بد ان يحظى بمواقف وموافقات دولية، وحين بدأ مشوار غرس بذرة الدولة ليجسدها كان واجه صعوبات جمّة حتى من اطراف عربية نصحته ان لا يفعل، ولكنه عقل وتوكل وامن وفعل وادرك انه حين تقوم الارادة فلن تعدم الوسيلة..
ومضى في هذا الطريق وكان نجاحه ان زرع فلسطين دولة مراقب عام 2012 بمواقفة الاغلبية من دول الجمعية العامة للامم المتحدة، ومضى في هذا السبيل الذي ازعج اسرائيل حين جرى التحاق فلسطين بعشرات المنظمات المنبثقة عن الامم المتحدة، وانها اصبحت تقترب من الاعتراف بها كدولة مستقلة في الامم المتحدة ، ومعنى ذلك انها تستطيع آنذاك أن تحاكم اسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، وأن تطالب بالجلاء عن ارضها وانسحاب الاحتلال عنها وسط تأييد دولي متعاظم، اذ تكون ارض الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال وليست ارض متنازع عليها، او الارض مقابل اي شيء، وهذا ما جعل اسرائيل ترى في ذلك خطرا عليها، اذ ان ولادة مثل هذه الدولة يعني ان اسرائيل دولة محتلة تماما لاراضي دولة اخرى، وانها تمارس نظام الابارتايد العنصري ان استمرت، وهذا ما جعل السفير الامريكي الصهيوني في اسرائيل يقول قبل ايام ان الفلسطينيين في الضفة الغربية اخطر من ايران في حملة تعبئة جديدة تستهدف الاستعداء عليهم وحرمانهم من اقامة دولتهم..
اسرائيل الان في مأزق رغم بطشها وتفوقها ودعم الولايات المتحدة وعديد من الجهات الغربية لها ، وليس فلسطين او القيادة الفلسطينية التي ما زالت تؤمن بالسلام وتسعى اليه على ان يكون حقيقيا ، وها هو الرئيس عباس في جولته الاوروبية الاخيرة قبل ايام يراكم المزيد من الجهود السياسية والدبلوماسية اذ زار رومانيا وفرنسا وتركيا وعديد من الدول، كما زار مصر التي شجعته وشدّت على يده ليواصل مهمته الكبيرة والعظيمة إلى الاعتراف الفلسطيني دولة كاملة وليس مراقبة.
وها هو الامين العام ابو الغيط يحث اسبانيا التي زارها الرئيس عباس قبل زمن والتقى الملك وكذلك الحكومة، وكان لها مواقف ايجابية لابد ان تتبلور..
دول عديدة في الاتحاد الاوروبي كانت قد ردت على اي مواقف اسرائيلية بضم الضفة الغربية بالاعتراف بدولة فلسطينية، وهذه الدول ما زالت ترى في التوسع الاستيطاني والممارسات الاسرائيلية مخاطر لا بد من وقفها..
الان والرئيس يحمل ملفاته المدروسة وعزيمته الصلبة الامم المتحدة، انما يشهد العالم على ضرورة انهاء اخر احتلال في العالم، وعلى ضرورة انصاف الشعب الفلسطيني الذي عانى الاقتلاع والتشرد واغتصاب ارضه وهدم بيوته باقامة دولته المستقلة على تراب وطنه لتكون رافعة للسلامة وشريكة فاعلة فيه.
اسرائيل الان تقاتل بشراسة على جبهتين، الاولى تعطيل الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وايران ومنع اوروبا من تأييده والثانية عدم تمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولته والاستعداء عليه وتوسيع احتلالها بالاستيطان وتعذيب الاسرى، وايضا بمواصلة الضغط بمختلف الادوات وما لديها من علاقات حتى في العالم العربي لثني الرئيس عباس عن مهمته والضغط عليه وهو الخبير بذلك ان لا يذهب وان لا يتقدم بطلبه بدولة كاملة العضوية في الامم المتحدة، وان لا يفعل اي شكوى لفلسطين لدى محكمة الجنايات الدولية..
نعم انها المهمة الجليلة الأعظم التي يقوم بها الرئيس، واسرائيل الان التي لم تعد شريكا اصبحت تبحث عن بدائل وتؤهل جهات تعتقد انها تنجح بها لتكون بديلا للوطنية الفلسطينية وللتمثيل الفلسطيني، وهي المهمة التي نشاهد اعراضها ونسمع الحديث عنها لكنها ستفشل بالمقاومة ايضا..