عروبة الاخباري- كتب سلطان الحطاب
في ظل الرسالة الملكية اكتب في وداع الحواتمة لموقعه الذي اشغله بكفاءة عالية (مديرا للأمن العام) بعد ان وحّد اجهزة امنية في اطار واحد وهي الدرك والدفاع المدني وجهاز الأمن العام.. ليختصر مالا و ادارات وجهدا ويكسب فعالية وكفاءة ويعيد الاعتبار للجهاز الواحد..
عرفت الفريق الركن حسين الحواتمة عن قرب وحادثته أكثر من مرة بالهاتف، وفي لقاءات شخصية في مكتبه وقد سعيت اليه بأسئلة كنت أجد اجاباتها الصريحة والمسؤولة .. فالرجل مثقف في حياته وفي مهنته وصاحب خبرة طويلة وتجربة انسانية، وله صدر واسع في النقاش، عرفناه كأعضاء جمعية الشؤون الدولية حين زرناه وهو قائد للدرك وكان مطلعا عارفا..
كان الحواتمة بالنسبة للبعض في الجهاز وخارجه صارما لم يؤمن بسياسة الطبطبة او ما اسمي بالأمن الناعم الذي لم يعرف منه سوى اسمه دون ممارسة ..فقد كان يطبق القانون ولا يجامل كما عرفت، وكان لا يقبل الواسطة ويرى انها منافية للمصالح والأخلاق ..
لم يكن مشواره في الأمن سهلا وان كان عهده شهد حالات من الارباك والاحتجاجات الواسعة في الحياة العامة نتاج ظروف اجتماعية واقتصادية، ونتاج غياب الحوار وضعف البرلمان وغياب دور الحكومات، ولذا ترتب على جهاز الأمن العام الكثير من المهمات التي ليست مجال اختصاصه..
كان الباشا حذرا ولديه فراسة .. وقد كشف الكثير من الخطط والمواقف، ولذا كاد له البعض وحاولوا ان يلصقوا به ما ليس فيه او عنده..
كان مخلصا وكان جلالة الملك يثق به، كما كان يثق به كبار ضباطه، والكثيرين منهم رغم انه ظل يعشب حقل الأمن العام من كل من تجاوز القانون او استقوى بالوظيفة او غيرها ..
عرفناه حين قام الأمن العام بحملة على جمع البلطجية والزعران ليريح البلد، ولكن هذه المهمة لم تنته، فقد كانت بحاجة الى مواصلة وهي اشبه بتنظيف الزرع من الهالوك، ولكن التدخلات الاجتماعية والتلفونات الكبيرة ظلت تحبط المهمة وتنقصها، ولكن الرجل ظل مخلصا لهذه المهمة وغيرها من المهمات التي تخدم القانون ولم يحاب وزراء او نواباً..
ولكن لكل شيء اذا ما تم نقصان والحواتمة جاء ويذهب ليأتي غيره، هكذا هي الدنيا لو دامت لغيرك ما آالت لك، ولكن الرجل يترجل وقد ترك بصمات واضحة على جهاز الأمن العام ليأتي من بعده ايضا قائد خبر الأمن العام واعطى ويستطيع ان يواصل المسيرة، وان يبني على ما سبق بناؤه..
يستحق الحواتمة التهنئة بالثقة الملكية المعبر عنها في الرسالة الموجهة له، فقد ترجل الجندي الفارس ليستريح قليلا.. فقد أدى المهمة بشرف.. واذكر انني اتصلت به في وقت متأخر من الليل تجاوز الثانية عشر ليلا لأخبر عن حادث اختطاف في رمضان، فقال مستبشرا : “عيّن خير” هذا الشخص سيفطر مع اهله، وقد كان ذلك والقى القبض على الخاطفين..
وفي مناسبة اخرى اخبرته عن اشخاص محاصرين في مزرعتهم في جرش باطلاق نار عليهم، وكان يعود الى مكتبه منتصف الليل من الجنوب، وحلف وهو صادق انه لم يدخل فمه طعاما منذ الصباح، وانه يصل الان من الجنوب البعيد الى مكتبه، ومع ذلك اصر ان اقدم الشكوى وقد فعلت، فما كان خروج النهار الا والجناة في قبضة رجاله الاكفاء.. واذكر يومها ان احد المواقع الالكترونية المبتزة قد قلبت الحقائق لأن الجناة دفعوا له وراح يهاجم مدير الأمن وضباط الأمن قبل ان اصحح له الخبر، وابذل الجهد ان لا يحاسب على كذبه لانه جرى تضليله..
الحواتمة فيه جانب اخر غير تكشيرة رجل الأمن العام المشبع بالاخبار السيئة وهذا الجانب لا يعرفه الا من يقترب منه، فهو صادق صاحب نخوة لمّاح ومواظب ولا يحب الاطراء..