بدون أدنى شك أن التحضيرات لانعقاد المؤتمر الثامن لحركة فتح هو شأن داخلي تنظيمي يخص حركة فتح من حيث الشكل، ولكن من حيث المضمون الوطني والسياسي يعتبر أمر يتعلق في جوهر القضية الفلسطينية، حيث أن حركة فتح لم تكن مجرد تنظيم داخل الساحة الفلسطينية بل تعتبر حركة وطنية فلسطينية بأمتياز تجتمع بداخلها مختلف الانتماءات الفكرية من اليسار والقومي والإسلامي وغالبية وطنية تقدم المصالح الوطنية الفلسطينية على مختلف المعتقدات العقائدية
ورغم أن فتح عملت على جمع مختلف تلك الانتماءات ، حتى تغلق الطريق على كل المحاولات الرامية إلى التداخل في شؤون الداخلية الفلسطينية، فإن ذلك لم يمنع من قيام التنظيمات في الساحة الفلسطينية ومن باب الإنصاف فإن حركة القوميون العرب بقيادة الحكيم جورج حبش ورفاقة كانت في إطار التحضير للكفاح المسلح،
وبذلك كانت حركة فتح السباقة
في إنطلاق الكفاح المسلح فجر 1/1/1965، وبدون أدنى شك بأن حركة فتح رغم هذا التجمع الفكري بداخلها كانت عرضه لتشكيك من أطراف خارجية بكونها تحمل في طياتها مشروع وطني شمولي وبأن تكوينها وبنائها الداخلي من صعب جداً أن ينكسر فقد كانوا كلبنيان المرصوص بالشكل والمضمون.
ويعود ذلك بأن عملية البناء التنظيمي لحركة فتح، استغرق وقت في التحضير والإعداد لإنطلاقة فتح والتي تعتبر إنطلاقة الثورة الفلسطينية بعد مرور خمسة عشرة عاماً على النكبة والهجرة من فلسطين، بعد فشل المحاولات المتكررة من النيل من داخل حركة فتح، قامت العديد من الأنظمة العربية في تشكيل فصائل فلسطينية شكل ولكن مجردة من المضمون الفلسطيني لكونها إنتاج الأجهزة الأمنية تحت غطاء حزبي من حيث الشكل، وهذا يؤدي إلى الصراع الداخلي في العناوين وتفاصيل اليومية، مما يؤدي إلى إفشال المشروع الوطني الفلسطيني وهذا لم ينجح، حيث إستطاع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات أن يقلب السحر على الساحر من خلال تولي رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويعمل على بناء الشراكة الوطنية بين مختلف الفصائل الفلسطينية في إطار المشاركة الفعلية في منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية والتنفيذية عام 1969 بعد معركة الكرامة الخالدة وسلسلة عمليات قوات العاصفة
والتي بدأت فجر اليوم الأول 1965، وخلال إنعقاد المؤتمر الثالث لحركة فتح وجهت الانتقادات إلى الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بأنه أعط الإهتمام الأكبر للمنظمة التحرير الفلسطينية على حساب حركة فتح وهذا الانتقاد صحيح، ولكن الأهم بعقلية أبو عمار ورفاقه وحدة الموقف الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، حيث كانت تجربة الثورة الجزائرية تشكل منعطف إيجابي ومهم للقضية الفلسطينية من حيث الوحدة الميدانية وسياسية في جبهة التحرير الوطني الجزائري عنوان وتجربة مهمة في مسيرة النضال والكفاح المسلح.
لذلك فإن إنعقاد المؤتمر الثامن لحركة فتح ليس شأن داخلي فحسب بل هو شأن وطني شامل،
لكل تلك الأسباب والتداعيات فإن المطلوب إن يكون المؤتمر نقطة البداية يجمع شمل قيادات وكوادر ومناضلين هذه الحركة العملاقة والتي تقدمت الصفوف الأولى في الشهداء والجرحى والمصابين و الأسرى والمعتقلين والمحررين من سجون الاحتلال، لكل هذا التاريخ المجيد لحركة فتح يجب أن يشمل حضور المؤتمر الثامن لحركة فتح كل الطاقات الكامنة داخل فتح في الوطن والشتات ومختلف الساحات الخارجية ومن الضروري أن يكون إنعقاد المؤتمر خارج الأرض المحتلة حتى يتمكن الجميع بدون إستثناء من المشاركة الأصلية وترشيح والانتخابات عبر صناديق الاقتراع، إن نجاح المؤتمر الثامن لحركة فتح ليس فقط إنعقاد المؤتمر
بل في البيئة السياسية المتعددة الاتجاهات التي تعطي النتائج المرجوة من إنعقاد المؤتمر، وفي نهاية الأمر على كل من يشارك فى عضوية هذا المؤتمر أن يقوم بعملية المراجعة الذاتية للمحطات المضيئة بتاريخ هذه الحركة التي لم تنحني للمختلف التحديات والضغوطات الكبيرة عبر مسيرة النضال، حيث بقيت تردد ثورة ثورة ثورة حتى النصر.
عمران الخطيب
Omranalkhateeb4@gmail.com