عروبة الاخباري- كتب سلطان الحطاب
دائما كنت أعتبره الأشجع بين القيادات الفلسطينية المتعاقبة.. لا لأنه يلبس الفوتيك او يتحزم بالرصاص او يستقوي بغير القضية الوطنية، بل لأنه كان شجاعا صلباً حيث يجب ان تكون الشجاعة والصلابة والامساك على المصالح الفلسطينية..
كان الموقف الذي صدر عن الرئيس محمود عباس في المانيا موقفا شجاعا حين لم يهادن الرئيس ولم يجامل حين تعلق الامر بواقع شعبه ومصير شعبه، فقد بق البحصة وقالها بالفم المليان ان الاحتلال عنصري وان اسرائيل تمارس الابارتايد في سياساتها القائمة ضد الشعب الفلسطيني، وزاد ان الشعب الفلسطيني ومنذ عام 1947 واجه 50 هولوكست في خمسين مجزرة، وان اسرائيل ما زالت تمارس الهولوكوست ضد الفلسطينيين..
كلام الرئيس عباس الشجاع لم يعجب حواضن الحركة الصهيونية وحماتها وداعمي اسرائيل والمتماهين في سياساتها العنصرية والارهابية، فقامت عليه الدنيا المتواطئه لتنعت موقفه بأبشع النعوت التي رد عليها شعبه امس وامس الاول في رام الله بموجة تأييد عارمة تجاوزت فلسطين الى اصقاع العالم كله.
لو ان الاحتلال رمى الشعب الفلسطيني بالورود، ولو ان العالم وفر الحماية للشعب الفلسطيني في وجه المجازر التي ارتكبت بحقه لما قال الرئيس المثقف الاكاديمي المرموق الذي يعرف الحركة الصهيونية وقدم بحوثا ما زالت متوفرة على عنصريتها وعلاقاتها، وما لم يقله الرئيس عباس عن النازية وعن زعيمها هتلر واصوله ومواقفه قاله وزير الخارجية الروسي لافروف، وقد سكتت فرق الردح الغربية عنه لأن في جعبته الكثير، ومن ذلك اما اسقط رئيس الوزراء البريطاني الذي كشفت اوراقه فغادر..
هذا الغرب المنافق ما زال يرى في اسرائيل ربيبته نظاما عاديا، ومازال يراها تدافع عن نفسها، لأنه يريد ان يرى مشروعه الاستعماري فيها مستمر واستثماراته الضخمة لبقائها مصانة..
لقد جرى ابتزاز المانيا لسنوات طويلة وجرى اختراع المحرقة التي بدأت تتكشف، وبدأت كثبانها تتحرك امام ما تفعله اسرائيل المدمنة على المجازر والمحمية ببقايا النازيين الذين السنتهم على النازية وقلوبهم معها ليس في اوكرانيا فقط وانما امام صناديق الاقتراع التي تعاني منها الشعوب الاوروبية عنصرية وتعصبا..
لم يرتكب الشعب الفلسطيني المحرقة ولا علاقه له بالهولوكست الذي يزعمون انه التهم ست ملايين يهودي ، وهو العدد الذي يفوق عدد اليهود جميعهم في العالم آنذاك، إذا أخذ بهذه الرواية، ولا احد من العرب وخاصة الفلسطينيين الذين اكتوا بالظلم والمجازر مع المحرقة او الهولوكوست، وحتى اجابة ابو مازن جرى زج السؤال امامها لتكون على الشكل الذي جاءت حيث أخرجت من سياقها في المعني ليلتقيطها اتباع الحركة الصهيونية من بقايا الذين ابتزتهم هذه الحركة او من الذين ما زالوا في الامتحان لاثبات براءتهم مثل المستشار الالماني الذي شرب حليب الصهيونية حين يحشر نفسه بين السباع الغربية المؤيدة..
الاوربيون يعرفون الحقائق وغيرهم كثيرون يعرفون، لكن لا احد يخرج عن العقيدة الصهيونية.. عقيدة المحرقه التي اصبحت ديناً يعاقب منكروه بالكفر والحرمان..
لماذا يجري تزوير الواقع القائم الان على ارض فلسطين ضد الشعب الفلسطيني عند انظمة تدعي الديمقراطية وتحمل سلاح حقوق الانسان لتعاقب به غيرها كما نلاحظ؟
كيف يمكن ان يكون ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين من جانب الارهاب الاسرائيلي الذي تمارسه الدولة الاسرائيلية حالة دفاع عن النفس؟ اي عمى هذا الذي يصيب كل تلك الانظمة ويجعلها تتواطأ وتمنع المراجعات التاريخية وتعاقب الكتاب والمفكرين ان خرجوا عن طابور التواطئ والخنوع لارادة الحركة الصهيونية؟
الرئيس عباس اليوم اكثر شجاعة واكثر ارتياحا ، فقد خدم ضميره ومصالح شعبه الذي خرج يحييه وعلى الذين خرجوا كالغربان لاتهامه باطلاق الذباب الالكتروني وغير الالكتروني وسلقوه بألسنتهم لأنه يبحث عن السلام ، هؤلاء كفيل أن يرد عليهم الشعب الفلسطيني الذي أحتضن أمس رئيسه..
الرئيس عباس معروف بالصبر وسعة الصدر والبحث عن الحق.. ولديه خطاب واحد ولغة واحدة، فما فوق الطاولة هو ما تحتها.. وحين قال ما قال وقد وصلت رسالته كان على المستشار الالماني وغيره في فرنسا وانجلترا ان تستمع اليه ويستبينوا الحقائق، فهم لم يعتذروا عن وعد بلفور، وكل تلك الانظمة التي تتبجح بحرصها هي التي ذبحت اليهود وليس عباس او شعبه..
الحقائق لا تغطي هكذا وبأساليب الابتزاز والتخويف، وسنكتشف الحقائق ومن النصر الا الصبر ساعة، فقد بدأت معركة عضّ الاصابع وابتزاز الرئيس عباس، لأنه كما قال رئيس الوزراء الاسرائيلي لبيد هو الاخطر من كل ما تزعم اسرائيل انها تواجهه، وفي ذلك حقيقة، لأن الرئيس عباس يدرك من أين على شعبه ان يبدأ ومن هم اعداؤه ومن هم اصدقاؤه، وان الشعارات الزائفة والمزايدات الفارغة لا تسمن ولا تغني من جوع..
التحية للشعب الفلسطيني المرابط والمقاوم والبطل، والتحية لقيادته الامينة على مصالحة ودمه وصموده والعصية على التسليم ، وستبقى المقاومة الشعبية الواسعة والعميقة والشاملة هي الطريق كما قال الرئيس عباس، وكل المحاولات لاصطياد مواقف الرئيس وشيطنتها واتهامها سيسقطها الشعب الفلسطيني كما اسقط الكاميرات في المسجد الاقصى وكما صمد في الشيخ جراح، ولن يصح الاّ الصحيح وما تقوم به اسرائيل هو هولوكست رضي من رضي وغضب من غضب..