مائة عام على جريمة بريطانيا المستمرة… دعوة للمجتمع الدولي… الإنتصار لحرية الشعب الفلسطيني ؟
د فوزي علي السمهوري
لقد سجل التاريخ جرائم ومجازر ومذابح توقفت بعد زمن طال ام قصر ولكن التاريخ الحديث والمعاصر يسجل جريمة ممتدة ومتواصلة منذ مائة عام مرور مائة عام بحق فلسطين وطنا وشعبا .
جريمة بريطانيا :
إرتكبت حكومة بريطانيا الإستعمارية جريمة بحق الشعب الفلسطيني تخطيطا وتنفيذا فمن إطلاق وعد بلفور إلى إنتزاع فرض قرار بمشاركة ودعم فرنسي من عصبة الأمم في تموز 1921 والمصادقة عليه في 24 تموز 1922 بفرض إنتدابها على فلسطين التاريخية إلى إنتزاع قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني 1947 من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتمكينها بالقوة العسكرية من إقتلاع شعب فلسطين من وطنه الأم والتاريخي وتمكينها بعد التخلص من الخطر اليهودي في أوربا وحشدهم على أرض فلسطين من إقامة كيان إستعماري عدواني في فلسطين تنفيذا لوعد بلفور .
قرار عصبة الأمم :
أضفى قرار عصبة الأمم باهدافه الإستعمارية والإرهابية بفرض الإنتداب البريطاني على فلسطين وإتخاذه كمصوغ لشرعية زائفة تمكنه تحت غطاء دولي من إرتكاب سلسلة من الجرائم والمجازر بحق الشعب الفلسطيني من دعم وحماية لعصابات الصهيونية اليهودية وتزويدها بالسلاح والعتاد ومن مصادرة أراضي الشعب الفلسطيني ومنحها زورا لعصابات الصهيونية اليهودية الإجرامية إلى إعمال كافة اشكال القمع والإضطهاد والتنكيل والقتل والزج بالسجون لأبناء الشعب الفلسطيني ومناضليه بهدف تنفيذ وإستكمال بريطانيا لجريمتها التي تعد ام الجرائم العالمية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين خلافا لكل المبادئ والأعراف التي عرفتها الإنسانية .
لا شرعية لقرار عصبة الأمم :
قرار عصبة الأمم بفرض الإنتداب على فلسطين باهدافه ومواده يشكل إنتهاكا صارخا لميثاق عصبة الأمم للعوامل التالية :
أولا : لم ينص ميثاق عصبة الأمم على حق إقتلاع شعب من وطنه جزئيا أو كليا .
ثانيا : لم يمنح ميثاق عصبة الأمم لأي دولة صغيرها اوكبيرها اي حق بإجراء اي تغيير ديموغرافي أو جغرافي تقع تحت الإنتداب أو الوصاية الإستعمارية أو الإحتلال الإستعماري الأجنبي سواء عبر التقسيم أو إستيراد مجموعات سكانية من مختلف أصقاع العالم بهدف إجراء تغيير جوهري أو شكلي للمعادلة الديموغرافية الأصيلة قبيل الإنتداب أو الوصاية أو الإحتلال تحت عنوان الدين أو غيرها من المبررات خلافا لطبيعة ومكونات الدولة والهوية الوطنية للدولة وشعبها .
ثالثا : لتناقض الصك وما تبعه من إجراءت وممارسات بحق فلسطين وشعبها
مع مضمون المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم الصادر بموجبها التي تنص على ” إن المستعمرات والبلاد التي زالت عنها التبعية للدولة التي كانت تحكمها سابقا نتيجة للحرب الأخيرة والتي يقطنها أقوام لا يستطيعون للنهوض وحدهم وحسب مقتضيات العالم الحديث يجب أن يطبق عليها المبدأ القائل بأن رفاهية مثل هذه الشعوب وتقدمها يعد وديعة مقدسة في عنق المدنية وأن الضمانات لقيام بما تتطلبه هذه الوديعة يجب أن يشتمل عليها هذا العهد ” .
كما يتناقض مع مضمون ونص البند 3 من المادة 22 التي تنص على” إن بعض الشعوب التي كانت خاضعة للإمبراطورية العثمانية قد وصلت إلى درجة من التقدم يكون معها الإعتراف مؤقتا بكيانها كامم مستقلة خاضعة لقبول الإرشاد الإداري والمساعدة من قبل الدول المتقدمة حتى الوقت الذي تصبح فيه هذه الشعوب قادرة على النهوض وحدها ويجب أن يكون لرغبات هذه الشعوب المقام الأول في إختيار الدول المنتدبة ” .
إذن وفقا لما تقدم فالصك من حيث المبدأ والمنطق لا يكتسب اي شرعية من أبعادها التاريخية والحقوقية ولا تبعا لميثاق عصبة الأمم التي صاغته الدول الإستعمارية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا .
الشعب الفلسطيني المقاوم :
تصدى الشعب الفلسطيني طليعة الشعب العربي بشجاعة بالرغم من تواضع قدراته العسكرية منذ صدور وعد بلفور ولحقه صك الإنتداب لقوات الإحتلال البريطاني الإستعمارية لفلسطين ولادواته الإجرامية من عصابات الصهيونية دفاعا عن حريته وإستقلاله في وعلى أرض فلسطين وطنه التاريخي الأزلي ولم تهن إراداته وعزيمته عن النضال الوطني بكافة الوسائل الممكنة والمتاحة حتى إنجاز مشروعه الوطني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ولن تثنيه المؤامرات الدولية المباشرة بدعمها وإنحيازها للكيان الإسرائيلي السرطاني الإرهابي أو عبر ومساعدة ادوات إقليمية المتواصلة منذ قرن لتصفية قضيته عن المضي قدما بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى الحرية والإستقلال ودحر القوات الإستعمارية الإحلالية الإسرائيلية العدوانية عن أرض فلسطين .
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مؤامرة إستهداف الشرعية الفلسطينية التي نشهدها حاليا ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية مؤسسات وقيادة تصب في صلب مؤامرة وسياسات محاولة تصفية القضية الفلسطينية من بعدها وعنوانها الوطني السياسي لشعب يناضل من أجل الحرية والإستقلال والتحرر من نير وسطوة وجرائم المستعمر الإسرائيلي و اسياده وأدواته وتحويلها إلى قضية إنسانية معيشية .
تسليط الضوء بمناسبة مرور مائة عام على جذر الصراع يأتي لإنعاش ذاكرة المجتمع الدولي واحرار العالم للإضطلاع بالواجبات لإنقاذ الشعب الفلسطيني من تداعيات جريمة الدول الإستعمارية التي إرتكبتها وفق سياسة متدرجة بدأت بوعد بلفور مرورا بقرار فرض الإنتداب على فلسطين وتجميع اليهود من مختلف أنحاء العالم وصولا إلى قرار التقسيم رقم 181 منتهيا مرحليا بالإعلان عن قيام الكيان الإستعماري الإسرائيلي على 78 % من مساحة فلسطين التاريخية ولم تزل نتائج الجريمة بحق فلسطين أرضا وشعبا قائمة .
فلسطين تئن تحت نير إستعمار إحلالي عنصري إرهابي عدواني والشعب الفلسطيني محروم من حقوقه الأساس بالحرية والإستقلال وتقرير المصير المكفول بميثاق عصبة الأمم وميثاق الأمم المتحدة و بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالعهود والمواثيق الدولية نتيجة للإنحياز الأعمى والدعم اللامحدود من قبل دول دائمة في مجلس الأمن خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا للكيان الإستعماري الإسرائيلي وتخلي مجلس الأمن الدولي عن الإضطلاع بواجباته بالعمل على ضمان تنفيذ جميع القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية .
مجلس الأمن مدعو لتحمل مسؤولياته :
المطلوب من مجلس الأمن تحمل مسؤولياته بالعمل على تصفية الإستعمار وترسيخ السلم والأمن الدوليين عبر إتخاذ إجراءات رادعة وفاعلة دون تردد بحق سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لإرغامها على إنهاء إستعمارها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة ولتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 تنفيذا وإحتراما لمبادئ وميثاق الأمم المتحدة ولقراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية…
اما بريطانيا فهي الدولة الأولى التي تقع على عاتقها مسؤولية نتائج جريمتها بحق فلسطين المستمرة منذ مائة عام وما تستدعيه من الإعتراف بمسؤولياتها عن نكبة وإستعمار وتهجير ملايين من أبناء الشعب الفلسطيني خارج وطنه وذلك بالعمل على الضغط جنبا إلى جنب مع الدول الدائمة في مجلس الأمن صاحبة القرار للإنتصار لحقوق الشعب الفلسطيني الأساس بالحرية والإستقلال… حرية الشعب الفلسطيني وإستقلاله الحجر الأساس في ترسيخ السلم والأمن الإقليمي والدولي…الشعب الفلسطيني واحرار العالم لن تنجح قوة بمحو ذاكرتهم عن جريمة بريطانيا وحلفاءها… وكذلك أجيال الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها التي يتعمق إنتماءه وإرتباطه في فلسطين وطنه التاريخي وإيمانه بحقه التاريخي سيحقق النصر على العدو الإسرائيلي الإستعماري بإذن الله تعالى… ؟