ثمانية عقود مضت على تأسيس الأمم المتحدة الذي جاء ميثاقها منحازا لمصالح ونفوذ وهيمنة الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية والتي منحت لنفسها صلاحيات مطلقة من خلال مهام مجلس الأمن وعضويتها الدائمة فيه على حساب صلاحيات ودور الجمعية العامة للأمم المتحدة .
ميثاق الأمم المتحدة يفتقر إلى العدالة :
خلا ميثاق الأمم المتحدة من إيقاع العقوبات الرادعة بحق الدولة التي ترفض أو تمتنع عن تنفيذ قرارات مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال مدة زمنية لا تتجاوز 6 شهور .
فالقارئ لميثاق الأمم المتحدة يجد انه يكرس منطق القوة بعيدا عن مبدأ العدالة والمساواة بين الدول الأعضاء المنصوص عليها في الميثاق نظريا واضعا مكانة الغالبية الساحقة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة أرقاما لإضفاء شرعية على قراراتها المفصلية توظيفا لمصالحها مما إنعكس بالتالي على مكانة قراراتها التي تفتقر القدرة على تنفيذها ولنا في القرارات الصادرة والمتعلقة بالقضية الفلسطينية على إمتداد ما يزيد عن سبع عقود نموذجا حيا مما يدلل على أن الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن تتخذ من الجمعية العامة منبرا ديكوريا تعبر كل دولة عضو عن موقفها من القضايا المطروحة دون أن يكون لها مكانا حقيقيا أو دورا فاعلا في صناعة أو مراحل تنفيذ القرارات الدولية أو في حماية أمنها ومصالحها إذا ما تضاربت مع مصالح دولة أو أكثر من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن أو مع دولة أو كيان حليف لأي منهما يخلص بالتأكيد إلى تغييب سمو مبدأ الحق والعدل .
التعديل ضرورة :
لم يعد مقبولا ان تبقى غالبية أعضاء الأمم المتحدة صامتة على إقصاءها وخانعة أمام سطوة وهيمنة الدول الخمس المستمرة منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 التي تنص المادة الأولى من الفصل الأول على مقاصد الأمم المتحدة ” حفظ السلم والأمن الدولي ” الذي تنكرت له الدول دائمة العضوية عمليا ولم تزل .
وما قرار إنشاء وتبني ودعم ورعاية الكيان الإستعماري الإسرائيلي على أرض فلسطين وما نجم عنه من تأجيج وتهديد للأمن والسلم الدولي الناجم عن حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساس بالحرية وإلاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على أرض وطنه التاريخي نتيجة للدعم والإنحياز للكيان الإستعماري الإسرائيلي وخاصة فيما يتعلق بإغماض العين وإيجاد الذرائع والمبررات لتمكين ” إسرائيل ” كونها سلطات إحتلال إستعماري الإفلات من تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة للأمم المتحدة دون مساءلة أو عقاب بل والإستمرار في تقديم الحوافز والمكافآت لإنتهاكاتها الصارخة وتحديها للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة خلافا لإرادة المجتمع الدولي ومقاصد وأهداف الأمم المتحدة .
إنتخاب إسرائيل نائبا لرئيس الجمعية العامة جريمة :
الدول التي رشحت أو صوتت أو صمتت عن إنتخاب ” إسرائيل ” الدولة المارقة نائبا لرئيس الجمعية العامة إرتكبت أو ساهمت بإرتكاب جريمة بحق مبادئ وأهداف الأمم المتحدة و ميثاقها .
هذه الجريمة تعد من أخطر الجرائم المهددة للسلم والأمن الدولي حاليا وعلى المديين المتوسط والبعيد إما بشكل مباشر أو غير مباشر للعوامل التالية :
أولا : منذ صناعة كيان إسرائيل العدواني الإستعماري العنصري لم تلتزم بل لم تعرب ولو كذبا عن إحترامها لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة التي منحتها زيفا شرعية وجودها .
ثانيا : إنتهاكها للفقرات 2 و 3 و 4 من المادة الثانية للفصل الأول الذي يبين مقاصد الأمم المتحدة. .
ثالثا : عدم قبول وتنفيذ قرارات مجلس الأمن خلافا للمادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على ” يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها ” .
رابعا : حرمان الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير خلافا للمادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة التي تكفل لكل الشعوب حق تقرير المصير وتمتع شعوب العالم بالحريات وبحقوق الإنسان ومراعاتها فعلا .
خامسا : عدم تنفيذها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 273 الذي إشترط لقبولها عضوا بالأمم المتحدة تنفيذ قراري الجمعية العامة رقم 181 و 194 .
إلغاء إنتخاب إسرائيل إنتصار للأمن والسلم الدوليين :
بناءاً على ما تقدم وإنتصارا لمبادئ ومقاصد الأمم المتحدة بترسيخ السلم والأمن الدولي بات واجبا على غالبية الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة إحتراما لواجباتها وإنتصارا لدورها المستقل أن تبادر فرادى أو جماعات دون تردد بالتقدم بمشروع قرار يقضي بإلغاء إنتخاب إسرائيل نائبا لرئيس الجمعية العامة وحرمانها من إشغال اي موقع رئيس في أي من مؤسسات الأمم المتحدة كونها كيان إستعماري عدواني توسعي يرفض إنهاء إستعماره لفلسطين وينكر حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية بالحرية والسيادة في وطنه ويتبجح بالإعلان بصلافة ووقاحة عن عدم إعترافه بالقرارات الدولية التي يصفها كحبر على ورق وما هي إلا للدول الضعيفة….
جرائم سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي المستمرة بحق الشعب الفلسطيني وإجراءاته العدوانية الهادفة إلى تابيد إستعماره لاراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا تستدعي عزله وتجميد عضويته في الأمم المتحدة …. إصلاح الأمم المتحدة يبدأ بإلغاء الفيتو وإخضاع قرارات مجلس الأمن لإرادة المجتمع الدولي عبر منح الصلاحيات للجمعية العامة للأمم المتحدة في حال تناقض مضمون القرار بين الهيئتين وحظر ترشح اي دولة لأي موقع في الأمم المتحدة ومؤسساتها ووكالاتها تمتنع أو ترفض تصريحا أو تلميحا الإمتثال لإرادة المجتمع الدولي وتنفيذ قراراته ….. إرادة الشعب الفلسطيني مدعوما من أحرار العالم ستنتصر… والإحتلال الإسرائيلي الإستعماري إلى زوال…. هذه سنة التاريخ التي لم تسجل هزيمة لإرادة شعب يناضل من أجل حريته وإستقلاله مهما بلغ جبروت المستعمر وطغيانه…. ؟!
إصلاح الأمم المتحدة…. بات ضرورة قصوى… إحياءا للعدالة ؟ د فوزي علي السمهوري
7
المقالة السابقة