عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
اثلج صدري ما قالته أم جهاد ارملة الشهيد خليل الوزير أمس في اتصال هاتفي عن كتابي الذي صدر باسم “خليل الوزير.. أبو جهاد”..
الكتاب في 320 صفحة من القطع الكبير منتشر في مساحته الصور الملونة التي تنقل مسيرة هذا القائد “امير الشهداء”، والذي فجر الانتفاضة الاولى “انتفاضة الحجر” التي وضعت الشعب الفلسطيني على خارطة التداول السياسي باتجاه نيل حقوقه المشروعة ..
هذه سلسلة كتب عن القادة الفلسطينيين اردت من نشرها ان ارسم صورا واقعية عن مسيرتهم مستعملا التوثيق والوثيقة والرواية الاصلية، او ما قالوه او كتبوه بعيدا عن المزايدة او المناقصة..
ومنذ فكرت في ذلك كانت مبادرة الرئيس محمود عباس أبو مازن المشكورة عن اسناد هذه السلسلة ورعايتها، بعد ان رعى لي كتبا اخرى في سلسلة هوية المكان عن مدن فلسطينية وهي (صفد ورام الله والقدس )..
وقد استأذنت الرئيس عباس ان اوثق شيئا عن مسيرته منذ البدايات، وفعلا اصدرت كتابي بعنوان “الرئيس عباس مجسد الدولة الفلسطينية”، وبعد صدوره كان التوجيه من الرئيس ان يكون الكتاب القادم عن الرئيس الراحل “احمد الشقيري باعث الكيانية الفلسطينية” والذي صدر وقد اثتى الرئيس على علاقته مع الشقيري الذي كان يقدره تقديرا عاليا، ويُكن له الاحترام والتبجيل، وقد اسمى اكبر القاعات في المقاطعة باسمه، واسمى له احدى دورات المجلس الوطني.. وبعد ذلك بدأت في وضع كتبي عن الرئيس “ياسر عرفات الشاهد والشهيد” ثم عن الشهيد خليل الوزير وعن الشهيد صلاح خلف أبو اياد ، لتكتمل سلسلة عن القادة الفلسطينيين، وقد رعى صدورها بتوجيه من الرئيس محمود عباس الصندوق القومي الفلسطيني الذي يديره ويرأسه الدكتور رمزي خوري الشخصية التي رافقت عرفات في مكتبه وزاملته طويلا ودافعت عن إرثه..
لقد فوجئت امس باتصال السيدة ام جهاد “انتصار الوزير” عضو اللجنة المركزية في حركة فتح لتشكر على كتابي عن ابي جهاد ، والذي وصلها، وقد تحدث في صفحاته عن مسيرتها ايضا كرفيقة لأمير الشهداء أبو جهاد، والتي ظلت تحفظ له الاسم والاخلاص والوفاء، وكانت ام جهاد وبعد استشهاد أبو جهاد عام 1988 تقيم في عمان، وقد كنت التقيتها وهي مسؤولة في اسر الشهداء ورغبت ان اكتب عن ابي جهاد، واجريت معها عدة مقابلات مسجلة، ولكن مشروعي لاصدار كتاب عن ابي جهاد انذاك تعثر، وكان عليّ ان انتظر 30 سنة حتى اذن الرئيس عباس بالكتابة.. وكنت قد نشرت أنذاك ما قالته لي ام جهاد في عمودي في جريدة الرأي في “بصراحه”، حيث ذكرت الكثير من المواقف المهمة التي تذكر لأول مرة قبل ان يتوقف النشر..
الآن كتابي بين يدي ام جهاد ولدى القيادة الفلسطينية صاحبة التجربة والعلاقة مع أبو جهاد، وما زلت انتظر ردود الفعل على الكتاب الذي وجد ارتياحا في اوساط القراء هنا في الأردن، وحيث وصل اسوة بكتبي الاخرى في السلسلة وخاصة كتابي عن الرئيس عرفات رحمه الله..
اما كتابي عن الراحل الكبير أبو اياد فقد وصل الى زوجته قبل رحيلها والى اولاده وبناته، إذ علموا بصدوره وأرسلوا من يقتنيه..
واذا كان من شكر لمن اسند هذا الكتاب فإنه للسيدة المناضلة سلوى الحوت من الصندوق القومي التي كانت تهدي نسختها لمن يطلبها وخاصة نسختها عن كتاب أبو جهاد والتي اهدتها لأم جهاد، فكانت النسخة التي وصلت اليها.. وكان لزاما ان اعوض للسيدة سلوى بنسخ بديلة عن ما كنت اهديتها لها ، حتى لا تواجه احراجا وحتى تظل هذه الكتب سارية في القراء والمهتمين كما جاء في دوافع نشرها..
ان الكتب التي قصدت نشرها هي التي تظهر حقائق تاريخية، فقد كنت نشرت ايضا كتبي عن جزء من تاريخ الأردن.. في الكتب التي صدرت كتابي عن الثورة العربية الكبرى وكتابي عن مئوية الدولة الاردنية اضافة الى كتابي عن الملك الانسان (الحسين) ،وعن الملك عبد الله الثاني “دراسة استشرافية” ، وايضا اثنا عشر كتابا عن مدن اردنية في سلسلة في هوية المكان شملت (العقبة والطفيلة والكرك والزرقاء وعمان والزرقاء وعجلون وام الرصاص والمقامات والاضرحة) كما نشرت كتابي عن القدس مدينة السماء على الارض وكتابي عن المسجد الاقصى مهفى القلوب، وكتب عن مدن عربية اخرى مثل كتابي عن البصرة الذي رعاه رجل الاعمال العراقي رئيس مجلس الاعمال العراقي الدكتور ماجد الساعدي اضافة الى رعايته كتابي عن القدس..
لقد أسرتني مكالمة السيدة انتصار الوزير وحفزت فيّ الرغبة مجددا لمواصلة الكتابة في القضايا التي اعتقد انني قادر على الكتابة فيها، وان الجمهور يريد ان يقرأ في هذه الموضوعات، وأمامي قائمة بالمدن والمواضيع آمل أن أجد طريقاً لإسناد نشرها، لترافق الأجيال الطالعة في أن تقرأ ما نرغب ان تقرأها مما يجري الصمت عنه او محاولة التهرب منه..
لقد كان كتابي عن أبو جهاد وثيقة اعتز بها ، وكان أبو جهاد مقلّا في الحديث للاعلام مأثرا من العمل التنظيمي والميداني ولكن سيرته كانت وما زالت محفوظة في نفوس من رافقوه وعرفوه عن قرب ومنهم الرئيس عرفات رحمه الله، وكذلك الرئيس محمود عباس الذي تحدث عنه أيضا، كما كان من ابرز الشهود على تلك المسيرة رفيقته التي دونت سيرتها معه في كتاب ألفته وسمعت بعنوانه..
لقد اضاءت ام جهاد في كتابي حياة رفيقها وزوجها ووالد أبنائها، وكانت المأساة انها تابعت استشهاده دقيقة بدقيقة، في مأساة تفوق ما كتبه اليونان عن التراجيديا ، وما قالته ام جهاد سيأتي اليوم الذي سيخرج على شكل فيلم سينمائي يمجد هذا الرجل البطل الذي حفظته الاجيال في وجدانها، وهو يرسم اسم فلسطين وخارطتها منعا للنسيان وعلى جدران الذاكرة البشرية كلها ليدفع بعد ذلك الثمن ويكون اميرا الشهداء وملهمهم..