عروبة الاخباري- كتب سلطان الحطاب
يبدو لي انه بعد تكرار نتائج شركة الفوسفات اللافتة من حيث ارتفاع مبيعاتها وارباحها للعام التالي على التوالي ان رئيس مجلس ادارتها الدكتور محمد الذنيبات يأخذ بعلم الادارة الذي هو استاذ فيه..
فلديه الادارة بالاهداف ولديه ضرورة ترتيب الاولويات حسب الاهمية وامكانية التحقيق، وهو يجمع ما بين الثقافة الادارية المعاصرة التي جربها في مواقع متقدمة من المسؤولية العامة وبين الثقافة التراثية التي ينتمي اليها ايضا، والتي تأخذ بمبدأ “إعقل وتوكل” و”الاقتصاد في النفقة نصف العيش”، وقد طبق هذا المبدأ في الشركة فضغط الانفاق ليس على حساب احد من العاملين وانما بوقف الهدر وتكرار المصروفات والارتجال..
ما زلت اذكر انقطاع الدكتور الذنيبات في الاشهر الثلاثة الاولى من تسلمه مسؤولياته في الفوسفات عن اي مقابلة، وقد اعتكف في الشركة ووضع امامه عشرات الملفات المتعلقة بالتسويق والمقاولات والغارفات والمشاريع الجديدة والمشتركة، وتتبع مسارات عديدة كيف تبدأ وأين تنتهي..
ومع انتهاء فترة المعاينة والتأمل انذاك اكتشف الذنيبات كثيراً من مواقع الخلل المرحلة والناشئة، وكثيرا من الادران والانتفاخات ومواقع العطب التي كانت الادارات تتجاوزها تحت اسم “عدم الاقتراب من عش الدبابير” او “دع الخلق للخالق” او قبول الامر الواقع وعدم المغامرة في هزّه او مراجعته او تصليحه..
ولعل ما تشهده الشركة الان من نتائج باهرة وايجابية في الارباح والمبيعات وتوسيع الطاقة الانتاجية وتغيير علاقات الشركات لصالح الشركة وايضا التصدي للازمات الماثلة او التي كانت تشكل ذرائع يجري الاختباء خلفها، وجملة من المواقف والخطط المستحدثه التي جرى اعلانها والاخذ بها، كل ذلك في اعتقادي كان يقف وراء النجاح الذي تم والذي يتكرر الان ويأخذ شكل الديمومة التي تعكس عملا مؤسسياً وليس شكل الفزعة وحرق المراحل وتهريب الارقام او نفخها او اعادة توظيفها بعيدا عن سياقها الصحيح..
لم يلتفت الذنيبات وطاقم ادارته في مجلس الادارة او في الادارة التنفيذية للحملات التي رافقت قدوم ادارته، بل مضى بالقافلة التي كثر عليها النباح، لأنه كان يرى هدفا امامه وكان مؤمنا انه يستطيع الوصول اليه بصحة النوايا وبالعزم والاصرار واتخاذ القرار الصائب الذي لا يحابي..ولذا وجدنا أمس الأول وسائل الاعلام المهتمة والحريصة تعكس الرقم المعلن عن توزيع 165 مليون دينار ارباحا على المساهمين.. ووجدنا امام الهيئة العامة كشفا تفصيليا طالعته يعكس حال شركة الفوسفات وقدرتها على مواصلة نهجها الجديد الذي استرجع عافيتها بعد التدمير الذي عاشته لسنوات والذي طال القضاء بعض رموزه ولو بعد سنوات من الانتظار والمعاناة..
الرهان على إدارة الذنيبات رهاناً صائباً.. فالرجل يشتغل بهدوء ويعاين العمل فيوازن ويفحص ويختبر ويحاور ويقرب اركان ادارته ويشركهم ويستشيرهم وينسب النجاح لهم جميعا حين يقول أنهم فريق واحد له هدف واحد وهو نجاح الشركة..
الانطلاقه الظافرة الجديدة لا ينسبها لنفسه وانما لكل من يعمل معه وحتى لكل ادارة سابقة عملت باخلاص، ولذا لم أجده يجلس للبحث عن ذرائع يعلق عليها ما كانت عليه الشركة من ضعف واهتزازات، بل اخذ بالتشخيص وادرك ان الوضع كان صعبا وخطيرا وانه لا يصلح بالامنيات والتصريح والبحث عن اخطاء الاخرين، وإنما بالمضي بجدية وسرعة ومثابرة وعمل متراكم يتناول مختلف مكونات عمليات الشركة واسباب نجاحها، ولذا راح ينفذ خططه التي ثبت صوابها واثبتت لكل الذين شككوا او حاولوا النيل من العمل عدم صحة ادعاءاتهم وكذب ما استعملوا من معلومات مغلوطة..
اذن نحن امام الانعقاد الثامن والستين للهيئة العامة السنوي وامام رقم نافر كبير من توزيع الارباح يصل الى ما نسبته 200 % من رأس مال الشركة المدفوع والبالغ 82.5 مليون دينار..
لفت انتباهي قوله “الذنيبات” : “اننا وعدنا واوفينا” ، وتذكرت السنة الاولى الصعبة التي جاء فيها للادارة حين لم تكن هناك ارباح بل محاولات مستميتة لاطفاء الخسائر ووضع الشركة على سكة الدوران واثبات ان الشركة ما زالت حية وباستطاعتها ان تنهض وان تحلق، كان ذلك يحتاج الى وقت وها هو الوقت قد جاء وقد وصفه بقوله ” وعدنا وأوفينا” وليس هذا فقط، فالعملية مستمرة في الاقلاع وليست موسمية او جمعة مشمشية، وانما متواصلة في الطاقة الانتاجية والشراكات الجديدة مع الشركات العالمية وفتح الاسواق الجديدة وزيادة كميات التعدين والمبيعات.. والوعد ما زال قائما وما زال الامل به يتحقق بالقول ” سنقطف ثمار ذلك كله في المدى القصير والمتوسط”..
لقد حققت الشركة بعض الاهداف العامة حين استرجعت اموالا بهدوء وعن طريق القضاء دون ضجيج..
استطيع ان اقول وانا اتابع اوضاع الشركة منذ ما قبل ادارة “سامح المدني” وحتى اليوم ان الشركة مرت في مراحل خطيرة وازمات مالية كادت ان تودي بها تماما، وقد صاحب ذلك يأس وتراجع ادارات وفقدان اسواق وتشكيك، وكل ذلك يتغير الآن بالارادة والعمل والمكاشفة والوضوح..
ما زلت اذكر الطريق المقطوع ما بين التقرير (63) الذي اعلن خسائر في الشركة قدرت بـ 90 مليون دينار وما بين ديون بلغت 444 مليون دينار، وخسائر بلغت حد تجاوز رأسمال الشركة برمته وبزيادة وصلت الى 110 %، ويومها خرجت اصوات تطالب بتصفية الشركة..
يومها جاءت ادارة الذنيبات وسط حال مأساوية مما كان عليه الوضع وتعهدت امام الهيئه العامة على الانتقال بالشركة على بر الامان، والى وضعها حيث تستحق من حيث اطفاء الخسائر واسترجاع الاسواق والتوسع في المبيعات والشراكة وتنويع الانتاج وكسر احتكارات التعدين وفك القبضة عنها..
كان لابد من خطة لأربع سنوات جرى وضعها في البدايات، وحين كان الليل يسدل استاره كانت أضوية المبنى ما زالت مشتعلة ليقترب التوقيت من الصباحات التالية.. وكانت التسديد الصائب اللاحق وتسجيل الاهداف في مرمى الانجاز ، والانتقال من خسارة بلغت 90 مليون دينار عام 2016 الى ارباح تشغيلية بلغت 535 مليون دينار، ثم ارباح صافية بلغت 336.4 مليون دينار في عام 2021.
اذن من شركة حضر الكثيرون لها خطابات التأبين والتصفية الى شركة تحتل المركز الاول على مستوى الشركات المساهمة العامة في الاردن، وقد بلغت اعلى كمية انتاج وصادرات وكذلك ايرادات..
باختصار اعادة ادارة الذنيبات انتاج شركة جديدة قامت من جذور الفوسفات بعد معالجة حكيمة..
لإدارة الفوسفات.. وعدتم وأوفيتم.. “عفية”!!
11
المقالة السابقة