عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
ما زال الرئيس محمود عباس صامدا ممسكا بقناعته التي تضايق سلطات الاحتلال ومسؤوليه، وتدفعهم للتحريض ضده واتهامه أنه يشجع على المقاومة ويقف وراء اشكال الصمود التي يعبّر عنها الشباب الفلسطيني في القدس وفي باب العمود تحديدا وفي مواقع اخرى من مدن وقرى وارياف الضفة الفلسطينية المحتلة..
الرئيس لم يغير خطابه السياسي بل عمد الى التذكير بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة السلمية الشعبية الواسعة، والتي هي حق مقدس له اقرته الشرائع الدولية.. وظل يريد لهذه المقاومة قاعدة واسعة وانصارا، وحتى ادبيات وفلسفة ونظريات تخدمها وتروج لها… وقد نجح الرئيس عباس اخيرا في رؤيته ودعوته تثمر داخل ساحات المسجد الاقصى حيث يدفع المرابطون والشبان وحتى السيدات وكبار السن المستوطنين ويمنعونهم من تأدية خططهم وعلى رأسها التحصن في المسجد او تقديم القربان الذي ارادوا ان يأتوا به ويذبحوه لتكون تلك شرارة هدم الاقصى والشروع بذلك..
نجحت المقاومة الشعبية حين دحر الشباب الفلسطيني جنود الاحتلال واسقطوا الكاميرات على مداخل الاقصى وفي ساحاته ، وسجلوا انتصارا بذلك، كما نجحوا في منع المستوطنين من التمترس في مواقع داخل السور وقريبا من مساجد الاقصى الرئيسية ، وقد تمكنت المقاومة الشعبية من وضع خططها وتنظيمها والرهان على رفدها وتجديدها رغم ضراوة خطط الاحتلال المسلح بالرصاص الحي داخل المسجد، واطلاق الرصاص فيه وعبر نوافذه وما سبب ذلك من حرائق ومن اسلوب تخويف ورعب..
الرئيس عباس كان وما زال يراهن على الشعب الفلسطيني وارادته الصلبة ومقاومته الشعبية التي يقبلها العالم وتزعج سلطات الاحتلال وتفقدها ذرائعها، وهي نفس المقاومة التي نجحت في الشيخ جراح قبل ان تطلق حركة حماس صواريخ في حرب غزة الماضية وتخلط الحابل ، وتستعدي على الفلسطينيين وتدخل الى تفاهمات ما زال لم ينكشف الكثير منها..
نعم الرهان هو على توسيع المقاومة وانخراط الشعب الفلسطيني كله فيها وعلى ديمومتها واستمرارها وجعلها وسيلة حية ماثلة في وجه الاحتلال لا تنتهي الا بزواله وتحرير الارض واقامة الدولة الفلسطينية الناجزة وعاصمتها القدس..
يؤمن الرئيس ابو مازن بالقليل الدائم الذي هو خير من الكثير المنقطع، وبالمقاومة كاسلوب حياة في مواجهة الاحتلال بدل الهبات المتقطعة المستعرضة للامكانيات والمستعدية بشراسة على شعب اعزل محاصر..
ما زالت ظروف المقاومة المسلحة والعسكرية لم تنضج ولم تتوفر، فلا قاعدة ارتكاز او دعم او خطوط خلفية للمقاومة متوفرة، والاطراف المحيطة بفلسطين لا تدعم مقاومة مسلحة بل انها ضد ذلك وتصل الى حد تسليم المقاتلين وربما قتلهم، وحتى التعاون مع الاحتلال ضدهم .. ولسنا بحاجة الى ضرب الامثلة فالبيئة المحيطة بفلسطين والظروف الموضوعية ليست ناضجة لذلك، وهذا لا يعني ان لا يقاوم الفلسطينيون بالمتاح لهم وهو كثير وليس بالضرورة ان تكون المقاومة مسلحة وانما هناك اساليب عديدة اجترحها الشعب الفلسطيني ونجح فيها..
المقاومة المسلحة تحتاج الى فصائل مسلحة سلاحا مستقلا فيه ديمومة، وتحتاج الى اطراف صديقة متحالفة قادرة على التواصل وحامية وخاصة للمقاومة، وقادرة على الاشتباك وتحمل الخسائر، وهناك النموذج الفيتنامي الذي لولا العمق الصيني والسوفيتي لما نجحت المقاومة الفيتنامية…
اذن وضع الامة المزري لا يساعد على فتح جبهات مسلحة للمقاومة الفلسطينية في الداخل حتى وان كان البعض يرغب او يرى ذلك، كما ان التحالفات مع الشعب الفلسطيني وقيادته ما زالت في اطارات اخرى لا تسمح، بل ان بعض الاطراف العربية يسارع في اتهام اي مقاومة فلسطينية مهما كانت، وقد يندفع الى مشاركة العدو في قمعها واجهاضها والتماهي مع سياسات الاحتلال، كما تم في لقاءات مؤتمر النقب الذي حضرته اطراف عربية زارت قبر مؤسس الدولة الإسرائيلية وتورطت في توقيع اتفاقيات مشتركة زينتها لها إسرائيل، تصل الى حد الشراكة في محاربة الارهاب والذي تقصد به إسرائيل “إرهاب” الفلسطينيين، ولهذا ليس من المستبعد ان نرى اطرافا عربيا تقصف غزة او تتورط في الحرب على الشعب الفلسطيني برغبة إسرائيلية خاصة وان إسرائيل وفرت سياق الاتهام للمقاومة حين الصقت “عملية الخضيرة” بتنظيم الدولة الاسلامية لتقول للعالم انه ليس هناك مقاومة فلسطينية وان هذه المقاومة لها ليست من الشعب الفلسطيني وانما من منظمات ارهابية عملت هي وحلفائها على شيطنتها، وهذا الامر تريد إسرائيل ان تسحبه على حركة حماس التي تعمل على شيطنتها، وقد حاولت ذلك مرارا وما زالت تحاول مع توفر قناعات لدى حلفائها الغربيين وبعض العرب مع القناعة والرواية الإسرائيلية…
مازلنا نذكر موقف السلطة الفلسطينية والرئيس عباس شخصيا في التصويت الدولي ضد اتهام حماس بانها منظمة ارهابية او شيطنة مقاومتها، وهو يسعى ان لا يجري توفير الذرائع الجديدة لإسرائيل في هذا السياق الذي تستهدف فيه إسرائيل تدمير الشعب الفلسطيني والحاق الاذى بقضيته الوطنية والاستعداءعليه..
ما زالت ابواب المقاومة الشعبية مشروعة و هي اقل كلفة وابلغ تأثيرا مرحليا من المقاومة المسلحة في هذه المرحلة ،والمطلوب ان يتوفر لها غطاء سياسي وجماهيري شعبي واجتماعي كما يفعل الرئيس عباس والسلطة ، فما زال الوقت يسمح وما زالت الاهداف قائمة وبرسم التنفيذ..
رؤية الرئيس عباس تنتصر!!
11
المقالة السابقة