عروبة الإخباري – أجرى الملك عبدالله الثاني في العاصمة الألمانية برلين، اليوم الثلاثاء، مباحثات مع المستشار الألماني أولاف شولتس، تناولت التحديات الدولية والإقليمية وسبل تدعيم العلاقات الثنائية ودفعها قدماً.
وفي تصريحات صحفية مشتركة، وصف الملك المباحثات التي تعد الأولى مع المستشار الألماني شولتس منذ تسلمه منصبه بـ “المثمرة” و”الهادفة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين”.
وأشار الملك إلى أن هنالك فرصا عديدة لتوسيع التعاون بين البلدين في قطاعات واعدة كالمياه والطاقة والتعليم التقني والريادة والصحة، لافتا إلى أن الشراكة العريقة تمتد لتشمل التعاون في مجال الدفاع ومكافحة الإرهاب ونشر السلام في المنطقة والعالم.
وثمن الدعم الألماني لجهود المملكة التنموية ومساندتها لمواجهة التحديات، مشيرا إلى المساعي المبذولة مع ألمانيا بهدف الاستفادة من موقع الأردن كنقطة انطلاق إلى المنطقة وإلى المشاريع الإقليمية، قائلاً الملك “أمام بلدينا الكثير من الفرص للعمل في هذا المجال”.
وأشاد الملك بشراكة ألمانيا الحيوية في دعم اللاجئين والمجتمعات المستضيفة في المملكة، كون الأردن هو ثاني أكبر مستضيف للاجئين بالنسبة لعدد السكان، معربا عن تقديره لجهود ألمانيا في إبقاء قضية اللاجئين في مقدمة القضايا العالمية قيد النقاش.
وأكد الملك التزام الأردن وألمانيا بالتصدي لآثار التغير المناخي، والحرص على الاستثمار مع ألمانيا بالمشاريع الخضراء.
وشدد الملك على أن الأردن ملتزم بالعمل على إيجاد حلول سلمية لصراعات المنطقة، خاصة القضية المحورية في الشرق الأوسط، مشيداً باهتمام المستشار الألماني بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، الذي يجب أن يفضي حله إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين.
وأضاف “من الضروري تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل تحقيق السلام والازدهار في المنطقة”، موضحا أن الأردن يؤمن بأن الحوار هو السبيل لحل النزاعات، ويحترم سيادة الدول، وفقا للقانون الدولي.
وأشار الملك إلى أن الأردن يتابع مجريات الأزمة في أوكرانيا بقلق شديد، مؤكدا أهمية احترام سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها، وضرورة اتخاذ جميع الإجراءات لحماية المدنيين وضمان سلامتهم، وفقا للقانون الدولي الإنساني.
ولفت إلى أن الأردن عمل على تسهيل وصول الأوكرانيين الراغبين بالالتحاق بعائلاتهم وأقاربهم في المملكة، وألغى متطلبات الحصول على التأشيرة عند دخولهم إليها.
وبين الملك أن الأزمات المستمرة في منطقتنا والتي لا يزال الأردن يتعامل مع أثرها، بحاجة لاهتمام دولي، مثمنا دور ألمانيا في المنطقة، وعملها لمد الجسور بين الشعوب.
وفي رده على سؤال حول أثر الأزمة العالمية الراهنة على الأوضاع الإقليمية والمطلوب من الشركاء الدوليين، لفت إلى أن جائحة كورونا تسببت على مدى عامين بفقدان بعض من الزخم في الجهود الدولية، ولكن كل البلدان التي يتعاون الأردن معها، بما فيها ألمانيا، على دراية بقضايا المنطقة، مشيرا إلى أن هناك جهودا كبيرة للمضي قدما بالإقليموبين الملك أن مباحثاته مع المستشار الألماني تناولت بعض المسائل الإقليمية الرئيسية، وأهمية التزام الأردن وألمانيا وأيضا الاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى، بإعادة الاستقرار والمضي قدما في عام 2022.
وفي إجابته على سؤال حول أثر التطورات في أوكرانيا على الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، أعاد الملك التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي أبرز القضايا في المنطقة، ويجب ألا يتقاعس المجتمع الدولي عن المضي قدما في العمل للوصول إلى حل لها تحت ذريعة وجود أزمات أخرى حول العالم، “ولا نعتقد أن ذلك يجب أن يؤثر على مهمة القادة في المنطقة لمحاولة حل هذه القضية”.
وأشار إلى أن تداعيات الأزمة في أوكرانيا عالميا وإقليميا تتعلق أيضا بالأمن الغذائي والأسعار، معربا عن تطلعه بأن تساهم التحديات التي ستواجه الشعوب حول العالم في كسر الحواجز بين القادة، “لأننا إذا لم نعمل سوية ستعاني الشعوب بسبب الأمن الغذائي وأسعار السلع حول العالم”.
من جهته، ثمن المستشار الألماني زيارة الملك إلى برلين والمحادثات المثمرة بينهما، لافتا شولتس إلى أنه كان من المفترض أن يقوم بزيارة الأردن شهر آذار الحالي إلا أنها لم تتم بسبب التطورات الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا.
وشدد المستشار شولتس على أن الأردن شريك مهم وتجمعه بألمانيا علاقات قوية وودية على مختلف المستويات، قائلاً إن “الأردن محور الاستقرار في المنطقة، ويساهم بشكل كبير في استقرارها السياسي، وإن ألمانيا ستبقى شريكا وصديقا يعتمد عليه، وسنستمر في تعاوننا”.
وأضاف “تحدثنا عن العلاقات الثنائية على المدى الطويل، خاصة بالنسبة للتعاون التنموي والمساعدات، فألمانيا هي ثاني أكبر داعم على المستوى الثنائي للأردن في المساعدات التنموية والإنسانية”.
وأشار المستشار الألماني إلى أن الأردن من أهم الدول المستضيفة للاجئين في المنطقة و”علينا ألا ننسى ذلك، فالأردن يستضيف أكثر من 670 ألف لاجئ مسجل في وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من سوريا وعشرات الآلاف من اللاجئين من الجنسيات الأخرى”، معتبرا أن هذا مجهود كبير يستحق دعم الجميع، وأن بلاده مدركة لذلك والتعاون بين البلدين في هذا المجال نموذجي.
وفيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، أكد شولتس دعم الحكومة الألمانية المستمر للوصول إلى حل الدولتين من خلال المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيدا بدور الأردن الخاص في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.
واعتبر المستشار الألماني أن الوضع في سوريا مقلق، في الوقت الذي تمر فيه الذكرى الحادية عشرة لاندلاع الأزمة، قائلاً “من الواضح أنه لا بديل عن حل سياسي بوساطة الأمم المتحدة، بناء على قرارات مجلس الأمن الدولي، وبالنسبة للأردن كدولة مجاورة، فآثار الصراع واضحة جدا”.
وجدد المستشار شولتس إدانته الحرب في أوكرانيا، داعيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف أعمال العدوان وسحب قواته من أوكرانيا.
وكانت المباحثات بين الملك والمستشار الألماني ركزت على سبل مواصلة تعزيز وتطوير العلاقات بين البلدين في المجالات كافة، خاصة في مجالات الطاقة والصحة والاستثمار.
وفيما يتعلق بقضايا التغير المناخي، أكد أهمية تضافر جهود الجميع لمواجهة قضايا المناخ، وضرورة مواصلة تعزيز التعاون الدولي في هذا الشأن، لافتا إلى أهمية الدعم الذي تقدمه ألمانيا للمشاريع التنموية في الأردن، وخصوصا في مجال البيئة من خلال برامج التغير المناخي، ودعم مشروع الناقل الوطني.
كما تم التأكيد على أهمية التعاون والتنسيق المستمرين في الحرب على الإرهاب ضمن رؤية شمولية تستند إلى الأبعاد العسكرية والأمنية والفكرية.
ولفت الملك إلى أهمية بناء علاقات اقتصادية بين دول شرق المتوسط وأوروبا بخاصة في مجال الربط الكهربائي والطاقة البديلة.
وأشار إلى أن هنالك مجالات واسعة للتعاون الإقليمي في البنى التحتية والربط بين الدول لدعم التنمية والاستقرار، مبينا أن آلية التعاون الثلاثي بين الأردن ومصر والعراق هي خطوة أولى بهذا الاتجاه.
وثمن الملك الدور الألماني في دعم وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مؤكدا ضرورة استمرار دعمها لتمكينها من تقديم خدماتها وفقا لتكليفها الأممي.
وتناولت مباحثات الملك والمستشار الألماني آخر التطورات والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، ومنها الأزمة السورية، إذ تم بحث جهود التوصل إلى حل سياسي لها يوفر الاستقرار ويحسن الأوضاع الإنسانية.
وبين الملك أن عمليات التهريب المنظمة عبر الحدود مع سوريا تشكل تهديدا للأمن الوطني، وأن القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي تقوم بالتصدي لهذه العمليات بحزم وشدة.
وحضر المباحثات نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ومدير مكتب الملك، الدكتور جعفر حسان، وعدد من كبار المسؤولين الألمانيين.