عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
يتصرف الصديق الدكتور حسين الصعوب بتركيز شديد واهتمام ملموس في تتبعه لحاجات الاردنيين للماء في منطقة الشمال، حيث مسؤوليته عن الماء في اربع محافظات..
فمنذ تولى المسؤولية عقد العديد من الورش التي شارك فيها اجانب ممن دعموا واستثمروا وقدموا منحا ملموسة للماء او البنية التحتية او الدراسات في حالة من شد الهمة اشبه بمن يقوم بالانقاذ، فقد وضع الوزير السابق الصعوب في اولوياته العمل لأقصى قدرة ممكنة لتحسين الحالة في الشمال، وهو يرى ان هناك فرص مناسبة الآن من الممولين والمهتمين لتقديم الافضل على كل المستويات..
كنت حضرت ورشة اقامها الهولنديون الشهر الماضي وكانت ناجحة، حضر فيها شخصيات متخصصة أبدت درجة عالية من الاهتمام بالحالة المائية، وقد زاروا اربد وتفقدوا مناطق في الشمال لم يتفقدها مسؤولون اردنيون..
حين يضرب انقطاع الماء بعض الاحياء ويتوقف عن الانسياب الى البيوت لا يحس بذلك إلا من عاش الحالة التي تتكرر في بلادنا كثيرا رغم تطاير الرسائل في هواء الاذاعات وشكاوي وسائل التواصل الاجتماعي عن انقطاعات مزمنة وصلت لأشهر في بعض الأحيان، ولجأ الكثيرون ان يشحدوا الماء من بعضهم وخاصة الاسر الفقيرة التي تذهب لتعبئة الابريق ومنهم من يلجأ الى المسجد وغيره..
الورشة الثانية كانت للألمان في اربد ايضا ، وحين وضع حسين الصعوب يده على الألم ببساطة في شرح مبسط دون تعقيد بدأ الخبراء يدونون ملاحظاتهم، ولعل اكثر ما جذبهم حين قال عن توزيع برنامج الماء الاسبوعي وعن انقطاعات تزيد عن ذلك او تنقص، ويبدو انهم استعظموا ذلك وتصور بيوتا بلا ماء لاسبوع او حتى لأيام، فكانت هذه افضل من الخطابات والكلام عن المواسم والسدود والتحلية والحصاد وغيرها لأنها توصيف انساني لحاجات الانسان الأساسية..
الماء كلمة.. الماء مفردة.. وقد استعملت على يد الشاعر الاسباني الشهير لوركا الذي دعا الى التعرف على بعض اسرارها المدهشة ودلالاتها المتعددة التي قد لا يعيرها الكثيرون الاهتمام، فقد قال الشاعر الاسباني أن شعراء الماء هم الذين رأوا وتأملوا اشياء اهملتها حشود الانهار الواسعة..
وهي نفس الحالة التي وصف فيها الفنان والشاعر الانجليزي اوسكار وايلد “ضباب لندن” ليدخله بعد ذلك الرسامون الى لوحاتهم ويبدعوا في رسمه، ولم يكونوا من قبل مهتمين او ملتفتين، فكانت لوحاتهم في رسم الضباب قد صنعت مدرسة جديدة في الفن، ولفتت الانتباه اليه كمادة فنية.. حين قال ” “بقي ضباب لندن مجهولا الى ان اكتشفناه”، اي رسمناه في لوحاتنا، وهذا ما قاله لوركا عن الماء وقاله بعد ذلك شعراء عرب كثيرون لا مجال لذكرهم ..
اعتقد ان محافظات الشمال محظوظة بهذا الاهتمام الذي بدأ جادً في دعم المنطقة الشمالية من المملكة بمصادر اضافية وامكانيات وخبرات ودراسات ومشاريع، وكلها تشير الى ان الايقاع في البحث عن الماء وتوفيره وصيانة مصادره وزيادتها بدأ يزداد لادراكنا لأهمية ذلك..
وهنا أعيد المهتمين والمتابعين لمواضيع المياه الى كلمة الدكتور حسين الصعوب المسؤول عن ادارة مياه الشمال في المحافظات جرش وعجلون واربد والمفرق حيث الزيادة المفاجئة في عدد السكان والذي وصل في المحافظات الى ثلاثة ملايين نسمة وزاد عدد المشاركين عن 370 الف اشتراك..
و شركه اليرموك للمياه وهي شركة وطنية أسست عام 2011 وتعمل على تشغيل وصيانة انظمة الانتاج و توزيع مياه الشرب التي تعتمد على المياه الجوفية، الى جانب مجموعة من الينابيع والمصادر المائية المختلفة، اضافة الى جمع وتنقية مياه الصرف الصحي في محافظات الشمال الاردني الأربع..
ومياه اليرموك تواجه نفس التحديات التي تواجهها المياه.. ومن يرمي حجرا في بركة الماء لمعرفة مدى العمق والغزارة والانسياب والعلم بالاحتياط والقدرة على توفير الماء قبل وصول العطش او فرض الصيف لشروطه القاسية..
يستحق الهولنديون ومن قبل ال(usaid) الامريكيون وبعد ذلك الالمان الشكر على ما قدموا ، مقدرين لهم دوافعهم كلها فالماء الذي جعل الخالق منه كل شيء حيّا.. هو مادة الحياة والسلعة التي لا تعوض بغيرها ولا يجوز التحكم فيها، لأنها من اسباب الصراعات والنزاع ان لم تحسن ادارتها..
واخيرا نكرر الشعار الذي رفعه الدكتور الصعوب “ان كنت على البير اصرف بتدبير”!!