عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
حين يكون الوطن في مرمى النار والاستهداف، فإن الحياد يكون خيانة وغدر وعدم وفاء.
لقد جاءوا مسلحين حتى الأنياب، فاسدين يحملون السم والمخدرات ويتبعون آخرين كادوا لوطننا وتربصوا صموده..
المخربون الذين تسلحوا بالمخدرات وزحفوا أثناء النهار وآناء الليل و تستروا وبالضباب، وأعتقدوا أن الصقيع والثلج والموجة الباردة يمكن أن تفل حديد جنودنا وقعوا في شر أعمالهم وقد اصطادهم جنودنا اصطياد الذباب وردوهم خاسرين واسقطوا العديد منهم قتلى..
نعم كانت أوامر رئيس هيئة الأركان اللواء الركن الباشا يوسف الحنيطي واضحة صلبة، فلم يعد هناك متسع للصبر أو الانتظار على من جاء يحمل نار الحريق لإشعال بيدر الأمن في بلدنا، فكانت تمارين تغيير الاشتباك قد طبقت رأسا، وجرى تفعيلها ورأينا مفاعيلها ليدرك المهاجمون أنهم سقطوا في الجحيم وأن جنودنا وضباطنا تحولوا إلى متاريس بصدورهم لحماية الحدود و الثغور حتى لا يؤتى من قبلهم او يعابوا بالتقصير..
هذه العصابات من المهربين جاؤوا يفرغون سموما في بلدنا، وجاءوا ينتهكون حرمة الأمن ويعبثون فسادا ويقدموننا على اننا عاجزين، وخلفهم جهات عدة ادمنت ذلك وواصلت المغامرة بالامة وتدمير استقرارها ،وحولت الساحة السورية إلى فوضى وبركة دم.. جلبت كل ذئاب العالم إليها منفردة حتى أصبح على الأرض السورية اكثر من(68) تنظيما وجهاز مخابرات اجنبي، كل يذري على هواه ويحفر الخندق الذي يريد..
نحن نعرفه الحاوي الذي أعطى الإشارة وأجهزتنا تعرف لكننا الآن في لحظة الدفاع والآنخراط في التصدي وتقديم التضحيات كما في تلك الليلة الباردة وما بعدها..
لقد اختطفت الشهادة الشهيدين الخضيرات والمشاقبة الذين خرجا للمهاجمين ببسالة وتصدوا بكل قوة لا يخشون إلا الله وحرمة وطنهم ، خرجوا لأنهم على حق.. لم يترددوا ولم يسألوا عن حجم الهجوم وطبيعته، بل تمسكوا بمهمتهم واعربوا جملتها على اكمل وجه.. كانوا ينطقون بالشهادة وباسم الوطن حين فاضت ارواحهم وسكبت دماؤهم الزكية على ثرى الوطن الذي أحبوه، وتجندوا من أجله لييخبرونا بدورهم وبسالتهم..
كانت مدننا وقرانا واريافنا ومخيماتنا تغفوا في ليل قاس، بما توفر لها من أسباب الحياة، كانت أمهات كثيرات قد اوين إلى الفراش وكان أباء قد عادوا وكان طلاب قد اكملوا دراستهم.. كان الليل يحاول أن يخلي ليسلم إلى نهار ليس أقل قسوة، فجاء هؤلاء القتلة الإرهابيين ليتسللوا ويلاقوا مصيرهم..
قواعد الاشتباك الجديدة الآن مرتبطة بشرايين الوطن وأصابع يديه، وهي تقوم من الأحساس بالواجب واليقظة والإيمان وقطع دابر القوم الظالمين رسائل عديدة طيّرها اللواء الركن الحنيطي وطيرها جيشنا الباسل الذي يحتفي بمئوية بناء دولته، وهي أن لا صوت فوق صوت الوطن، و أن لا شيء مقدس اكثر من ترابه وأمنه واستقراره، وأن الغزاة مهما تذرعوا فهم خاسرون وأن جنودنا على قلب رجل واحد، هو قائدهم الأعلى الملك عبدالله الثاني الذي استلهم رئيس الأركان رؤيته ونهجة وآمن بصلابته..
والرسالة الثانية ان قواتنا المسلحة قادرة ومستعدة لخوض أي معركة تحاول أي جهة أن تدوس التراب الوطني بغير حق أو موافقة..
وثالثا: أن لا وقت لاختيار الاستشهاد حين يتعرض الوطن للخطر فالجميع في المرمى والجميع في نفس الأهبة والاستعداد ..
رابعا: على الاجيال كلها أن تعلم أن الحوارات والنقاشات والرأي والرأي الآخر شي وأن الدفاع عن الوطن وحرماته شيء آخر لا حوار فيه ولا وجهة نظر حين تهجم عليه قوى الشر والضلال..
لقد خربوا سوريا وجاءوها من أصقاع الدنيا لمكاسب أعتقدوها، ولما أفلسوا وبدأت حاجتهم للمال لمواصلة ذبح الأبرياء ذهبوا إلى تجارة المخدرات، ولما كان الأردن سداً منيعا اغلق دونهم الطرق والمنافذ، حاولوا إقتلاع حراسه فهجموا فوجدوا انه صلب صامد لا طاقة لهم به، فارتدوا قتلة وجرحى خاسرين..
الرسالة الأخرى أن خيرة الخيرة هم الشهداء وأن الشجرة التي تتثمر الشهداء هي شجرة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية على مختلف تخصصاتها، فقد أخذت على عاتقها ذلك، وارتضت أن تفتدي الوطن بالغالي والنفيس، ولها علينا أن نمكنها من مهامها و أن نضعها في المكانة الوطنية التي يجب أن تكون عليها..
ودرب الشهادة طويل وهو ليس سهلا، ولكن الأردنيين دشنوه على الأرض العربية في فلسطين وغيرها ، وعلى الأرض الأردنية في كل شبر حاول المعتدون أن يصلوه..
ليكن معلوما الآن وقبل كل شيء أن لا صوت يجب أن يرتفع فوق صوت الواجب الوطني وتمكين القائمين على أداء هذا الواجب من دورهم، فتحية لقواتنا المسلحة الأردنية و اجهزتنا الامنية كافة، تحية لكل ضابط وضابط صف وجندي، تحية لأسرهم وعائلاتهم وذويهم، تحية لكل شهدائنا في القافلة الطويلة..
تحية لقادة جيشنا .. تحية لرئيس هيئة الأركان الذي أمر وأشرف على تطبيق تغيير قواعد الاشتباك، وتحية للقائد العام للقوات المسلحة الأردنية الذي وجه ورعى ونحن في عيد ميلاده اليوم ليهدي الأردنيين المزيد من السلامة والأمن وحفظ حقوقهم وحرماتهم..
تحية لكل الذين وقفوا وما زالوا يقفون مع الوطن.. تحية لهم ونحن معهم..