عروبة الإخباري – أكدت هيفاء النجار وزيرة الثقافة في المملكة الأردنية الهاشمية أن التعاون الثقافي بين دولة قطر والأردن يعزز ما تمتلكه الدولتان من متشاركات سياسية وثقافية ما يمكّن من تقديم نموذج استثنائي في العلاقات الثنائية وخاصة العلاقات الثقافية، وعلى أكثر من مستوى ولتكون الدولتان في طليعة الفعل الثقافي العربي المؤثر عربيا ودوليا .
وقالت سعادتها في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية / قنا/ خلال زيارتها للدوحة “هناك علاقة خاصة تجمع بين بلدينا وفيها كثير من التشابه من أهمها الموقف الثابت على المستوى القومي من قضايانا العربية الكبرى أو علاقة الدولة بكافة مكوناته بشعبها وحالة الوجدان الذي يجمع الشعب بقيادته في كلا البلدين، فضلا عن التشابه في العلاقة الجيوسياسية ، وصلابة بلدينا ، ومشروعنا العروبي وحضارتنا العربية الإسلامية، والتي تنطلق منها صلابة مواقفنا في البلدين، فضلا عن ايماننا بالتعددية وما يمت إليها ثقافيا” .
وأشادت بأهمية تعزيز الشراكة الثقافية بين البلدين، مثمنة نتائج زيارتها ولقائها سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة ، حيث بحث اللقاء سبل تناول تعزيز الشراكة الثقافية بين الجانبين، مشيرة إلى إنه سوف يتم ترجمة نتائج هذا اللقاء عمليا من خلال برامج ثقافية مشتركة أبرزها مشاركة وزارة الثقافة القطرية بأسبوع ثقافي في فعاليات /إربد/ عاصمة الثقافة العربية هذا العام، كما تم توجيه الدعوة لسعادة وزير الثقافة لحضور الافتتاح، مؤكدة أن الأهم من الاتفاق على مجموعة من الفعاليات هو وجود علاقة ثقافية مستدامة بين البلدين، لتعزيز التبادل الثقافي، فيقدم الأردنيون ثقافتهم بشكل موسع في الدوحة ويقدم القطريون ثقافتهم في عمّان، حيث تمتلك قطر بنية رائعة.
وقالت سعادتها :” سوف نسعى لتقديم حفلات موسيقية في الحي الثقافي /كتارا/ وعروض مسرحية على مسرح قطر الوطني، وسوف يتم العمل ضمن أجندة زمنية واضحة في هذا المجال” ،وأضافت بالقول : ” نريد أن تكون ثقافة دولة قطر حاضرة في اربد عاصمة الثقافة 2022 لأن اربد تملك من المقومات الثقافية، ما يتصل بأهداف الثقافة القطرية” .
وأكدت سعادة وزيرة الثقافة الأردنية على السعي لبناء علاقات وبناء شراكات فاعلة مع الدوحة على مستوى الترجمة والنشر في مختلف المجالات وخاصة الأطفال وما يستلزم ذلك من ثقافة علمية وأدبية وإبداعية، بالإضافة إلى رفد المكتبات في عمان والدوحة بمختلف الابداعات الفكرية.
و حول تقييمها لما تشهده قطر على مستوى الحراك الثقافي وعلى مستوى البنية الثقافية، عقب زيارتها لعدد من المؤسسات الثقافية في الدوحة ، قالت:” أنا سعيدة بمشاهداتي الثقافية في قطر ، فعلى مستوى الحراك الثقافي تأكد لي أن قطر تمتلك رؤية استثنائية فيها كثير من الوعي، والحرص والقدرة على التنبؤ بالمستقبل، فهي تقدم نموذجا رائعا في التمسك بعاداتنا وتقاليدنا العربية والاسلامية”، مشيرة إلى أن هذا الحراك الثقافي يظهر فيه بوضوح مشروع الهوية الوطنية في قطر ، بما يعزز للإنسان القطري مواطنته وعزته وكرامته.
وأوضحت السيدة هيفاء النجار أن متابعتها لمعرض الدوحة الدولي للكتاب ومشاركتها فيه بمحاضرة حول آفاق التعاون الثقافي العربي، يؤكد أن معرض الكتاب يعد نموذجا استثنائيا من حيث التنظيم ومن حيث كم ونوعية الكتب المعروضة، مشيرة إلى أن الأردن كان شريكا في هذه الاحتفالية الثقافية من خلال تواجد 36 دار نشر اردنية، قدمت مواضع وعنوانين هامة.
وأشادت باهتمام وزارة الثقافة القطرية وسعادة وزير الثقافة بمعرض الكتاب بشكل شامل ، لافتة إلى أن المعرض لم يكن لبيع الكتب فقط ، بل لتقديم عناوين يستنير بها القارئ من كتب فلسفية وفكرية وعلمية، وتوثيقية وغيرها، منوهة بأن لاحظت وجود تكامل واندماج بين عناصر الثقافة في معرض الكتاب فكان هناك التصوير والفن التشكيلي، وكذلك الموسيقى وفعاليات فكرية متنوعة ما زاد الزخم الثقافي .
وأضافت سعادتها أن البنية الثقافية في قطر تظهر اهتمام الدولة بالثقافة والربط بين السياحة والثقافة في نفس الوقت، فالمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا نموذج للقرية الثقافية والسياحية التي تشمل كافة مجالات الإبداع وكل ما يتصل بتجليات الثقافة من فنون وموسيقى فتوجد بنية تحتية ثقافية رائعة من مسارح واستوديوهات وصناعات إبداعية، وتصميم وصناعة أفلام، فضلا عن جماليات السياحة، كما أن متاحف قطر لها تميزها الخاص.
وقالت ” شاهدت متاحف كثيرة حول العالم وزرت كثيرا من المتاحف الوطنية في العالم لكن زيارتي لمتحف قطر أعطتني قصة قطر، فالمتحف ينطلق من روح قطر، وقد تجاوز الشكل التقليدي للعرض المتحفي، بكل فعالياته التربوية والثقافية ، فالزائر يرى فيه قصة قطر التي تحمل بين ثناياها الكثير من الصمود والصبر والاستدامة والإصرار والشجاعة والكثير من قصص الإبداع والالهام ، فالمتحف فيه مزج جميل بين الفعل المتحفي و بين استخدام التكنولوجيا بما يستحق التقدير والاعجاب .
وحول مدى انعكاس تظاهرة الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021 والتي شهدت سعادة السيدة هيفاء النجار وزير الثقافة الأردنية حفلها الختامي ، والمشاركة الاردنية في كثير من الفعاليات قالت : “الأردن لديه حب وانتماء كبير للأمة العربية كما أن أهل الأردن يحبون دول الخليج وقطر، فالأردنيون يؤمنون بالتجربة القطرية وسيبقى الأردنيون جزءا من هذا الفعل الثقافي، وقطر تنطلق من الخليج إلى عنان الابداع” ،متسائلة كيف لا يكون هناك تفاعل اردني في ظل هذا الحراك الثقافي والابداعي الكبير .. مؤكدة أن المبدعين الأردنيين فاعلون ومساهمون في هذا الحراك الثقافي .
وحول استثمار هذه التظاهرات الثقافية الكبيرة مثل الدوحة عاصمة للثقافة الاسلامية أو اربد عاصمة للثقافة العربية وأهميتها بما يحقق تطلعات المواطنين، قالت كل ما نقوم به خلال هذه التظاهرات يأتي في إطار الاهتمام بالمواطن، وقد رأيت أن الفعاليات التي أقيمت في قطر كان المواطن شريكا فاعلا فيها ، وأن وزارة الثقافة القطرية لا تعمل بعزلة عن المواطن، وكذلك نحن في الأردن لا نعمل بعزلة عن المواطن، وكل ما نقدمه ينطلق من مبادئ المواطنة الصالحة ونعمل من أجل بناء وتجسير جذور الثقة بين مؤسسات الدولة ورموزها وبين الشعب فضلا عن تحقيق الأمن الاجتماعي، وهذا يتطلب تفعيلا عمليا للثقافة المنتجة، لتحقيق الازدهار والتنمية بمفهومها الشامل، كما نسعى أن تكون الثقافة مدخلا رئيسيا للتحولات المطلوبة على مختلف المستويات ولتكون ثقافتنا حاضرة على مستوى العالم.
وحول استعداد وزارة الثقافة الأردنية لإطلاق /إربد عاصمة للثقافة العربية/ هذا العام قالت :” نعمل بشكل جاد ونسأل الله التوفيق لتقديم عاصمة للثقافة العربية بشكل غير تقليدي، لأن إربد تمثل الشمال الأردني، وكل ما يتصل به من عناصر ثقافية ، مشيرة إلى أنه خلال أول أسبوعين من فبراير المقبل ستكون الخطة النهائية لـ/ اربد عاصمة الثقافة العربية/ جاهزة من البرامج الخاصة بهذه الاحتفالية، والتي سوف تشمل أسابيع ثقافية لمختلف الدول العربية من بينها دولة قطر وفعاليات ثقافية وفنية وإبداعية مختلفة ،مؤكدة أنه وعلى الرغم من محدودية الموازنة، فإننا قادرون على تقديم احتفالية كبرى تعبر عن خصوصية الثقافة في اربد ومنطقة الشمال الأردني بشكل عام لأنها مدينة أقرب للصحراء فلابد عن نعبر عن هذه الثقافة، وسنتحدث عن سهل حوران وعن الشعر النبطي، خاصة أن المنطقة غنية بالمبدعين من الفنانين والكتاب والموسيقيين.
وأشارت إلى أن الاحتفالية سوف تحمل معها كل ثقافة الأردن بكل مكوناتها وبمختلف المناطق، وفي ذات الوقت نحمل الثقافة العربية إلى اربد .
وحول أهم ما يميز الهوية الثقافية في الأردن قالت:” مشروعنا الثقافي مستمر وصامد واعتزازنا بالحضارة العربية والإسلامية مزروع فينا وهو ما سوف نعكسه في هذه الاحتفالية”، مؤكدة أن الهوية الثقافية الأردنية تنطلق من القيم الوطنية الأردنية من حب الوطن والاعتزاز بتاريخه القديم والحديث وحب القيادة وثقافة الاعتدال في تبينه لقضاياه العربية وإيماننا بسياسة بلادنا حول الثوابت الوطنية الأردنية ،وهي أن يعيش المواطن الأردني في سلام اجتماعي وأمن صحي وتعليمي وفي عزة وكرامة وأن الأردن لن يتخلى على ثوابته خاصة فيما يتعلق بالقضية لفلسطينية وعدالتها ، وكذلك الاشراف على المقدسات الفلسطينية .
وردا على سؤال حول منطلقات تحقيق التكامل الثقافي العربي قالت النجار إن المشتركات العربية كثيرة من تاريخ ودين وحضارة ولغة وغيرها ذلك ولكنني أرى أن الانطلاقة تأتي من اللغة والحفاظ عليها فهي عامل مهم في التقارب الفكري والوجداني والتواصل الثقافي والحضاري، ولذلك يمكننا البناء على هذا المشترك لتحقيق برامج عربية كثيرة تعزز قيمنا المشتركة وتحافظ على ارثنا الثقافي وتعزز في نفس الوقت الابداع والانتاج والاستدامة الثقافية مشددة على دور وزارات الثقافة والتعليم في العالم العربي على تحقيق هذا التكامل الثقافي .