عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
ما زالت الأعلام الأردنية ترفرف في سماء العقبة.. ومازال علم الثورة العربية الكبرى مرتفعا شاهدا على مائة سنة من تحريرها بالثورة التي اطلقها الشريف حسين وجسدها أبناؤها وعلى رأسهم عبد الله الأول، وما زال منزل الشريف حسين في العقبة شاهدا وها هو الحفيد الحسين بن عبدالله يصون المكان ويأمر بإعادة ترميمه و إبراز مكانته في امتداد من الوفاء البعيد عن العقوق او الإنكار .. فالحسين الامير ولي العهد بدأ بذلك ملهما في إحياء مجد المكان والتذكير بدوره حين تقاطر العقباويون يسلمون على الحسين بن علي الذي وصل العقبة وبنى بيته فيها، وقد ساعدوه في ذلك ووقفوا معه حتى اللحظات الأخيرة، بل انهم وقعوا له عريضة البيعة بإمارة المؤمنين قبل أن يغضب الإنجليز منه وقد نكثوا عهدهم معه ونفوه إلى قبرص..
أحفاد العقباويين الآن يتذكرون جيدا فما زالت أسماء أجدادهم ترصع وثيقة البيعة وما زال التطور شاهدا .. فالعقبة التي ضربتها (الكوليرا) عام 1916 ولم يزد عدد سكانها عن المائتين نسمة ولم يكن فيها مكان للوضوء حين طلب الشريف حسين أن يأتي له بماء للوضوء فجيء له من بئر الأسد (والد الدكتور الراحل ناصر الدين الأسد).. هذه العقبة الآن في المئوية تتربع على منصة الازدهار، فقد تغيرت وتجددت فيها أشياء وأشياء حتى غدت حديثة بمعنى الكلمة..
العقبة استبدلت الميناء القديم بجديد متطور هو الأفضل، واستبدلت مواقع عديدة ممتدة حتى الحدود مع المملكة العربية السعودية التي مكنت الأردن في الستينيات من القرن الماضي من مد حدودها البحرية بإضافة حوالي 20كم امتدت حتى نقطة حدود حقل، وهذه المنطقة مزدهرة الآن بعديد من الموانئ والمراسي والمواقع والصناعات..
لقد تطورت العقبة بالاستثمارات المتنوعة فيها و إبرزها الاستثمارات وخاصة الإماراتية التي عادت بنفع كثير فقد جرى ترحيل الميناء القديم إلى جديد أفضل ، كما جرى استحداث ساحات و موانئ أحدها للركاب وبمواصفات حديثة.. في العقبة الآن جملة من المشاريع الكبيرة والسياحية والناجحة .. مثل واحة ايلة والاتفاقيات الجديدة الموقعة مع مجموعة موانئ أبوظبي وتتعلق بتطوير منطقة مرسى زايد، ومحطة السفن السياحية، ونظام رقمي متقدم لمنظومة الموانئ، وتحديث وتطوير مطار الملك حسين الدولي وتطوير وتحديث ميناء متعدد الأغراض، وهي مرشحة للمزيد.. ومن يستمع إلى رئيس السلطة في منطقة العقبة الاقتصادية الجنرال نايف بخيت يدرك حجم الإنجاز ، ويدرك أن مرحلة جديدة من الإقلاع قد بدأت، وأن الأمير الحسين في زياراته الأخيرة المهمة للعقبة حرّض المخلصين على العمل و دفعهم للإسراع، ووفر دعما معنويا هائلا وما زال.. العقبة على وعد بأن تنتقل إلى مرحلة أفضل الآن، وستكون هناك مرحلة توزيع اراضي بأسعار مدعومة وبامتيازات لأبناء العقبة، كما ستتحرك السياحة والإستثمارات الأخرى..
المهندس بخيت فتح العديد من الملفات وأعرب الكثير من الجمل وفك الجمود عن كثير من المشاريع التي وضعت في دواليبها عصي التأجيل والتأخير بعد أن رفض الذرائع وطرح البدائل ودافع عنها وأصلح الكثير من المواقع.
تجدد الآن ذراع العقبة التنفيذي شركة تطوير العقبة بإدارة جديدة جاء يقودها حسين الصفدي الشاب الذي خبر العمل في العقبة وغيرها، وجاء متحمسا ليتسلح بالتوجيهات الملكية ويحرص على ترجمتها، فقد كان الاستماع إليه في مكتبه أخيرا مدعاة للتفاؤل، وهو يجيب على اسئلتي التي سأنشر الكثير من إجاباتها لاحقا.. فحسين الصفدي ينفتح على الجميع وقد التقيت عنده شخصيات عقباوية يستمع إليها، وكان إحداها وهو الوجيه “أبو راكز” قد حدثني عن حاجات العقبة وعن سر نجاح أي إدارة من عدمه، وعن ضرورة خدمة الإنسان في العقبة، لأن الغاية هي الإنسان ومعيشته وكرامته..
بين يدي حسين الصفدي أربع ملفات ملحة وفي اكثر من اتجاه كلها تستهدف ترجمة التوجيهات الملكية منذ البداية، وعدم ابقاء أي ملف معلق بل التعامل مع كل القضايا وعدم القفز عنها أو الابطاء أو التأجيل..
العقبة تنجح بالادارة الجيدة واهل الاختصاص وعدم التدخل أو الابتزاز أو محاولات ثني المنفذين عن واجباتهم بأساليب غير مقبولة .. في العقبة ضمانات ملموسة من جانب جلالة الملك وسمو ولي العهد الذي يستوطن العقبة حتى تنجح.. ولعل الميناء الجديد الذي اطلعت على تفاصيل إقامته وجاهزيته خلال ساعتين رافقت فيها الرجل المحترم الدكتور خالد المعايطة الذي لديه من الصبر والحنكة والخبرة ما مكنه من تجاوز الكثير من الاستهدافات المغرضة للذين يربطون الليل بالنهار وهم يعملون..
الميناء جميل وواسع وعليه مساحة كبيرة و مجهز بأحدث الوسائل وإلى جواره مباشرة صوامع الحبوب التي أنجزت ويعتز بانفاذها المهندس علاء المصري في شركة الاوسط للمقاولات حيث جاءت بأفضل مما كانت عليه الصوامع الأولى التي هدمت لتقوم هذه بمواصفات أفضل وأقرب للميناء وأقل كلفا لوجستية..
ما شرحه لي الدكتور خالد المعايطة مدير عام شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ طويل وكثير ويحتاج إلى سرد موسع في غير هذا المكان، لكني ادركت انه يسابق الزمن و أن الزيارة الملكية للميناء وكذلك زيارة ولي العهد ادخلت السرور إلى نفسيهما، لأن العقبة تنجح بالبنية التحتية التي أبرزها الميناء..
العقبة الآن تتنفس الأفكار فيها عن عشرات المشاريع، فقد بدأ الشريان الأساس يرتبط بالعاصمة برحلات طيران اقتصادية ويربط مع الخارج أيضا وفي هذا المجال يمكن سؤال عضو المفوضية شرحبيل ماضي نائب رئيس مجلس مفوضي السلطة ..
سافرد عن العقبة في آخر تطوراتها ملفا موسعا يروي تجديد رحلة النجاح التي تقودها السلطة بدون التفات للوراء .. سيكون ذلك تتويجا لمسيرة أكثر من عقدين وفي مسيرة وطنية تجازت القرن إنها المئوية..