عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
أتمنى أن ينضم الآخرون ممن يهتز لهم قصبة أو يحسون بغيرة على الفقراء أوالمحتاجين من موجة البرد التي بدأت تحط بيننا لتضيف نفسها إلى عوامل الضيق الأخرى المتعلقة بالطعام والشراب وقصور الأيدي وزيادة الحاجة.. أتمنى أن ينضم هؤلاء إلى “البنك العربي” الذي بدأ حملة توزيع البطانيات من خلال “تكية أم علي”، لأن “تكية أم علي” إطار جاهز اثبت انه مؤهل في اكثر من مستوى ولديه إمكانية كبيرة من خلال وقوف الأميرة هيا بنت الحسين وراءه، فإن هذه الحملة في اعتقادي هي الأصدق والأكثر أهمية فالدفء مسألة أساسية تفوق الغذاء أحيانا، وأنا أقول أحيانا وليس دائما ، ولذلك فإن الأدعية الصاعدة من أفواه الأمهات والآباء وهم يرون أطفالهم يتنفسون بشكل طبيعي لأن الدفء بدأ يتسرب لأجسادهم ويوقف عظامهم من الاهتزاز وكذلك أسنانهم عن الاصطكاك..
لقد سرني قراءة الخبر وتمنيت أن يكون العدد أكبر، ولكني أعتقد أن الكثيرين من القادرين سوف يقلدون “البنك العربي” الذي يقلدونه في أشياء كثيرة ، وها هو بسن سنة حسنة فليقلدوه فيها ويجعلون الرقم يتصاعد من (1200) بطانية إلى خمسة أضعاف هذا الرقم إن قام عشرة بنوك في حملة تطوعية في مطلع هذا الشتاء بما قام به العربي و أنضمت شركات أخرى ليكون طابع هذه الحملة الشتوية أو ميزتها تحقيق الدفء والكساء، وهي دعوة لتحريك بنوك الملابس القديمة التي لابد من تفعيلها الآن لتقوم بجمع الملابس القديمة من الأسر بالوصول إلى بيوتهم، ولذا أقترح أن تقيم “تكية أم علي” حملة جمع ملابس قديمة من البيوت أو إعادة نشر مواقع تجميع هذه الملابس على أبواب المولات والأسواق العامة، ويمكن للمواطنين الذين لا ملابس لديهم أن يتبرعوا بها أن يتبرعوا بملابس يقومون بشرائها ووضعها في الصناديق التي تنتظر من يملأها، وهناك مستويات عديدة في هذه الملابس، حتى التي تكون في البالات فإنك تستطيع بها أن تتقي البرد وقد قيل “إتقاء البرد مجرد”..
“البنك العربي” يقدم دائما النموذج ويجترح الجديد في هذه النماذج ،هذا ديدنه الذي أتابعه منذ سنوات طويلة ، فهو الأدرى و الاعلم لاتساع قاعدة زبائنه وقدرته على تلقي ردود الفعل في القضايا الاجتماعية والاقتصادية على وجه التحديد..
التكية كانت بارعة في توفير الطعام والشراب وهي قادرة أن تتوسع في ذلك مع عدد كبير من المطاعم والفنادق التي تستهلك الطعام بالحصول على الفائض الصالح منه وأعادة إنتاجه للتناول، فهناك من ينتظره بفارغ الصبر ويعلق عليه استمرار عيشه ، وهذه المسألة وإن كان فيها بعض التعقيدات اللوجستية إلا أن فعل الخير إن توفرت الإرادة فيه فإنه لا يعدم الوسيلة، وتصبح الوسيلة ممكنة تماما ، وقد رأينا في مواسم الحج كيف يأكل الفقراء اللحم الواصل من الأضاحي ، وكيف يستمر ذلك على مدار السنة لما توفره التكية من طعام وشراب..
كانت التكايا والزوايا جزء من تقاليد الأمة وعاداتها وتقاليدها في الماضي ، وإن اتخذت في مراحل لها الطابع الديني كما في الزوايا، وخاصة في مصر وبلاد الشام وحتى مع خروج الزوايا من التقاليد وبقاء التكايا، فإن هذه التكايا اخذت شكلا ومهمات أخرى شبيهة بما تقوم به “أم علي” التي اخذت طابع التنقل في المكان واختراق الحدود، لتصبح على مستوى وطني وحتى عالمي، إن تكاثر أبناء الخير وآمنوا بعملهم..
ولذا فإننا مدعون الآن أكثر من أي وقت مضى ونحن نرى أنحدارات الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وتغول كثير من الإجراءات على ما تبقى من قليل خير المواطن و حاجاته الأساسية بعد انكشاف الدعم وارتفاع الأسعار وغياب كثير من الحاجات الأساسية واعتبارها رفاهية..
ندعو إلى مزيد من تأسيس التكايا على أن تكون بسويات إنسانية عالية، و رقابة كافية، وأن تأخذ شكل الوقفيات المستمرة التي تضمن المصادر، و أن ينبري الأغنياء وأصحاب العقارات المنقولة وغير المنقولة تحديدا إلى وقف عقاراتهم عليها.. كما كان يحدث في التاريخ، وقد عرفنا ذلك في الخليل والقدس ومدن أخرى منها الطفيلة التي ما زالت حتى الآن تطعيم الضيوف في واحدة من أبرز تكاياها قامت في محطة استقبال الحجيج ومازالت..
إن الوقفات الواسعة في التاريخ على التكايا حافظت على اهليتها وحافظت على العقارات والأبنية، فللأقصى عشرات القرى الموقوفة عليه، وكذلك للحرم الإبراهيمي ولغيرهم، كما كان لسكة الحديد الحجازي وقفيات على السكة ولها لتغطي الانفاق وتضمن التبرع..
أن هذا اللون الإسلامي لا بد من اطلاقه في الناس بدل اطلاق الشعارات الفارغة وادعاء أن الاسلام هو الحل دون أن نرى حلا واحدا كافيا أن نأخذ نموذجا يتبع ، فالبلدات الإسلامية الجائعة والبردانة وفي عالمنا العربي وفي وطننا الأردن تحديدا هي أحوج للدعم من سلوكيات الفخرة و تغطية عقد النقص وبلوغ سعر تذكرة حفلات 1000 دولار في السوق السوداء ..