عروبة الإخباري – كتبت أمل العقرباوي..
في لقاء مفعم بالعذوبة وذات كرمٍ كان لقاء شعري متميز مع الشاعر العراقي
بمُفردَتة الشاهقة في المكتبة الوطنية
د سعد ياسين يوسف
هو شاعر من شموخ العراق وعطره
ومن حبة وانتمائة لفضاء الطبيعة والأشجار
بالاحاسيس ومشاعر الحب ونبض القلم الصادق بالشعر والادب يطل علينا شاعر لطالما امتعنا وابهرنا بشعره العذب الممتدد من شموخ العراق وعزة اهله ….
شاعر تضعف اقلامنا امام قلمه الذي يرقص بين انامله بكل شيء جديد وليس بغريب على استاذنا وشاعرنا الدكتور سعد ياسين بمجموعته الشعريةالسابعة (الاشجار تحلق عميقأ)التي صدرت مؤخرا عن دار أمل الجديدة في دمشق وضمت اثنين وثلاثين نصا حيث جميع قصائده مستلهمة من الطبيعة والحياة والانسان…
وبحضور نخبة من المبدعين الاردنيين والعرب وبتنظيم من منتدى البيت العربي الثقافي ممثلاَ برئيسه المهندس صالح الجعافره وفراشة المنتدي المنسقة الأديبة ميرنا حتقوة في المكتبة الوطنية في عمان
ومن حبة وانتمائة لفضاء الطبيعة والأشجار وبدون وعي منه ينهل منها صوراً شعريّة باذخة الجمال وبانزياحات مدهشة وشخوص نصية أنزياحية وطبيعية تتألق قصائدة وتتوهج. لتعزف اناشيد عذبة
والحروفة لهفة يستمد منها روحه لعزف نشيد الريح وهي تراقص قامات أشجاره الباسقات
فقد أضاء الشاعر المكان بصوته الدافئ، وهو يطوف على بساتين المفردات وانتقل بقصائده وحكاياته بنبرة خافتة ولغة دقيقة تتجنب الشاعرية الجاهزة والمتوقعة، ملقيا ثلة من قصائد ديوانه الجديد وسط حضور نوعي في احتفالية منتدى البيت العربي الثقافي
ومن خلال مجموعته يدعو بضرورة أنْ يعمّق الإنسان جذوره في الأرض ليحلّق في فضاءات العطاء الإنسانيّ
ولأن حروفه ذات لهفة تراقص أشجاره بموسيقى تواشيح الطبيعة أشواقها أخاديد شوق وحنين وتبث الوهج النابع من أعماق وجدان شاعرنا الدكتور سعد ياسين
ولأنة يحمل بقلبه كم هائل من الصخب المؤلم لما آل اليه وطنه الحبيب العراق يحاول ان ينهض من رمادة بأشعارة العاصفة التي تعتمد الرمزية في الكثير من كتاباتة
فقد حصلت له قصيدتان هما( قذائف وشناشيل ) و( قيامة بابل ) الرائعتين
على المركز الأوّل في مهرجانين للشعر في بلغراد
وبكل رُقي واناقة حرف قدمتة المهندسة قمر النابلسي حيث فاضت بمكنون الكتاب والشاعر معاَ
كما قدم الناقد والشاعر المبدع عبدالرحيم جداية صاحب مقولة القصيدة المثقفة قراءة نقدية ملهمة فجر وأثمل الذائقة بوليمة دسمة.
وعزف على اكف الورق ولست مُبالغة ان قُلت ان مثل هذا الناقد لايُقرأ بالكلمات
مثله من يرتل كما االآذان
نداء تلو نداء.
ونعود لشاعرنا الذي قرأ عددا من القصائد المختارة
واختتم بقصيدة “شجرتها” التي تتسم باختزال عالم من العاطفة والحنين
لقد كانت ملحمة برؤية جمالية وفكرية وفلسفية مدهشة ليحلق بنا عميقاً إلى عوالم الدَّهشة والجمال والفكر والارتقاء بالصّورة الشّعريّة إلى آفاقها الرحبة ..
(شجرتها )
إلى أمي شجرة الأشجار “حفظها الله”
معَ أوّلِ صرخةٍ
وأوّلِ إبصارٍ للنورِ
كانتْ خضرتُك تُربّت على صدري
– أنْ لا تخفْ ….
وكلَّما أدلهمَّ ليلٌ
أضاءتْ أغصانُ شجرتِكِ قناديلَ
البهجةِ
فتنطلق الكركراتُ ….
ناعمةً بيضاءَ
مثل رفيفِ نوارسِ شطِّ العمارةِ
حتى علتْ وجهي سَحابَة ُ
الحريق* … في غفلةٍ منكِ
وحينَ رفعتِ يديكِ إلى السَّماء
زمجرَ الأفقُ بالبريقِ
وبصوتٍ راعدٍ
قالَ للشمسِ : أنْ أشرقي على مُحياهُ
وكمثلِ معجزةٍ نَضَى الغيمُ ثوبَهُ
فانتشرَ الضّياءُ …..
وهكذا كلّما مرتْ بروحي سحابةٌ
لذتُ بكِ أنِ ارفعي يديكِ ،
وتمتمي بما أعرفُ ،ولا أعرف
وارتقي سُلَّم التمتماتِ المُقدَّسةِ
….. ….
فبها ما يُوصلُ نبضَكِ إلى السَّماءِ
مثلما الهلاهلُ التي كانتْ تصعدُ
لسماءِ المحلةِ كلّما عدتُ رافعاً يديَ
بالبشارةِ …..
كانتْ أناملُكِ
تُرتّبُ شكلَّ العيدِ وترسمهُ
على ملابسي ….بالمسكِ والقرنفلِ
ولم أكُ أعلمُ
أنَّ قلادتَكِ التي صاغها أبي
تفقدُ كلَّ عيدٍ
واحدةً من “ليراتِها” الذهبيَّة
لتصيرَ قمصاناً وأحزمة ً جديدةً
فتستبدلينَ بريقي ببريقِها
وتزهرينَ كشجرةِ ياسمين…
كلّما مررتُ أمامَكِ
قلتِ : هوذا !!!!
ومازالتْ لهفتُكِ محفورةً
على جدارِ ذاكرتي الغضَّةِ
يوم غرقتُ في زحمةِ السُّوقِ العتيقِ
لتسرقَني عباءةُ الغجرِ*
كانَ الأسودُ يسرقُ صوتَي
وكنتِ كمثلِ “هاجرَ” تبحثينَ عن بريقِ وجهي
وأنتِ تركضينَ بينَ “مروةِ” مدخلِ السوقِ
“وصفا “نهايتهِ
حتى أشارَ لي الواقفونَ وأخرجوني
لينهمرَ نهرُ ضياعِك
يقيناً وعناقا ….
وحينَ كبرتُ
كتبتُ القصائدَ لنساءٍ كثيراتٍ
ويالجحودي !!!!
لم اكتبْ لك ِ
إلا السَّاعةَ بعدَ أنْ أدركتُ
أنَّ القصيدةَ التي
لا ترسمُ بريقَ عينيكِ
يا أُمّي ….
صلاةٌ باطلةٌ
لن تبلغَ السَّماواتِ
وجزيل الشكر لمن اضاء ليلتنا بحجم الألق الذي تولد فنينا