عروبة الإخباري – قال جلالة الملك عبدالله الثاني، الأربعاء، إن التحديات الأبرز اليوم عالمية التأثير، كالجائحة القاتلة، والتغير المناخي، والصراعات العنيفة التي يستغلها المتطرفون حول العالم، والتصدعات التي تزعزع الاستقرار الاقتصادي، وأزمة اللاجئين العالمية التي ما زالت مستمرة.
وأضاف الملك، خلال كلمته في اجتماعات الدورة الـ 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انطلقت في نيويورك، أن الاجتماعات تأتي للتصدي للمخاوف المشتركة، والتنبه للأخطار العالمية المحدقة، وللمضي قدما وبسرعة لتحقيق ما تستحقه الشعوب، بدون ترك أحد خلف الركب.
وأوضح الملك أن “من مصلحة البلدان المشتركة، التصدي لهذه التحديات بنجاعة، ما يتطلب العمل المشترك، بحيث يكون التركيز على الإنجاز، فمن غير الممكن تحقيق التغيير الإيجابي الذي نصبو إليه بالتمني، ولذلك يجب أن يكون عملنا منسقا ومنظما ليترك أثرا عالميا حقيقيا”.
وتابع الملك “لطالما اتخذ الأردن العمل المشترك نهجا”، مضيفا: “منذ تأسيس دولتنا قبل 100 عام، ونحن نعمل عن كثب مع شركائنا الإقليميين والدوليين لتعزيز السلام والازدهار والاحترام المتبادل حول العالم”.
وأضاف “ندرك الصعوبات والتحديات، لكننا نرى أيضا الفرص الكبيرة لبناء عالم أفضل”.
وقال الملك إن “الشراكات العالمية مطلب حيوي لحل أحد أقدم الصراعات في التاريخ الحديث، وهو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.
“ذكّرتنا الحرب القاسية على غزة هذا العام أن الوضع الحالي لا يمكن له أن يستمر، وأن المعاناة التي نراها تؤكد ضرورة مواصلة دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التي تعمل وفقا لتكليفها الأممي وتوفر خدمات إنسانية حيوية لـ 5.7 مليون لاجئ فلسطيني”، بحسب الملك.
وأضاف: “لكن كم بيتٍ سيدمر وكم طفلٍ سيموت قبل أن يصحو العالم! لا يمكن أن يتحقق الأمن الفعلي لكلا الطرفين، بل للعالم بأسره، إلا من خلال السلام المبني على حل الدولتين، الذي يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة على خطوط حزيران/يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل”.
وتابع الملك “والقدس الشريف في قلب هذا السلام، فهي مدينة مقدسة بالنسبة لمليارات الأشخاص حول العالم”.
وأكد الملك أن “الأردن سيستمر بالعمل على الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، من منطلق الوصاية الهاشمية عليها”.
“أؤمن بأنه من الممكن، بل ومن الضروري، أن تجمع القدس الشريف بين المسلمين والمسيحيين واليهود، ويمكن للمدينة المقدسة وبجهد دولي، أن تكون رمزا للوحدة وليس للفرقة”، أضاف الملك.
وأوضح الملك أن “لبنان يواجه وضعا إنسانيا واقتصاديا حرجا، والظروف المعيشية الصعبة تلقي بظلالها على الملايين، فتجد أسرا بلا قوت يومهم، وبيوتا بلا كهرباء أو مياه، وشركات غير قادرة على العمل”.
وأضاف “في هذا الوقت العصيب، يحتاج الشعب اللبناني لدعمنا الكامل، لتمكينهم من النهوض من هذه الأزمة، ويتطلب ذلك استجابة دولية محكمة التخطيط ودقيقة التنفيذ، نشارك فيها جميعنا، وعلى العالم ألا ينسى ملايين اللاجئين في الدول المستضيفة مثل لبنان”.
وتابع الملك “الأردنيون يعرفون جيدا الأثر الكبير للجوء. فعلى مدى الأجيال، قدم الأردن الكثير من التضحيات لمساعدة ملايين اللاجئين الفارّين من الاضطهاد والخطر. ولكن رعاية ملايين اللاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم، مسؤولية دولية، فلا بد من استمرار دعم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي والمنظمات الأخرى التي ترعى اللاجئين والمجتمعات المستضيفة، وتمنحهم الأمل”.
وقال الملك إن التخلي عمن يحتاجون المساعدة، وترك الأبرياء عرضة للخطر، وترك الصراعات تستشري دون حلها، يخدم المتطرفين حول العالم، الذين يستغلون اليأس والإحباط والغضب الناجمة عن هذه الأزمات”.
وأضاف: “رغم أننا قد كسبنا بعض المعارك، إلا أن الحرب على الإرهاب والتطرف لم تنته بعد، ولا تزال هناك حاجة ملحة للعمل العالمي المشترك بهذا الصدد”.
للتصدي لهذه المشكلة برمتها، قال الملك: “يستمر الأردن بالعمل عن قرب مع شركائه، فمن خلال النهج الشمولي الذي تتبناه اجتماعات العقبة، عملنا على تقريب وجهات النظر ورفع التنسيق بين القادة المعنيين، وساعدنا في تبادل أفضل الممارسات وتطوير استراتيجيات جديدة، وغير ذلك”.
وعن التغير المناخي، قال الملك “حتى لو لم تكن هناك مخاطر أخرى تواجه الإنسانية، سنظل بحاجة لنتحد في مواجهة الخطر الوجودي في عصرنا، وهو التغير المناخي، وكواحد من أفقر البلدان مائيا على مستوى العالم، يعي الأردن تماما خطورة هذا التحدي”.
وأوضح أن “الخطة التنفيذية الوطنية للنمو الأخضر في الأردن صممت لضمان كفاءة الطاقة وتعزيز منعتنا في قطاعي المياه والزراعة”، مضيفا أنه “ليس باستطاعة أي بلد أن يواجه التغير المناخي منفردا، وهذا تذكير مهم لنا بأهمية تطوير أساليب جديدة للتصدي لهذا التحدي وكل التحديات التي تواجهنا كعالم واحد وإنسانية واحدة”.
وتابع الملك “لطالما دعا الأردن لبناء شبكات إقليمية لتعزيز المنعة، بهدف تجميع المصادر وتطوير القدرة على الاستجابة للتحديات بسرعة وسهولة حال ظهورها، ونحن على استعداد للإفادة من الموقع الاستراتيجي للأردن على نقطة تلاقي آسيا وإفريقيا وأوروبا، لتسهيل أوسع استجابة عالمية للتحديات”.
وأضاف الملك: “لكل بلد نقاط قوة وقدرات يمكن تسخيرها، ولكل منطقة إمكانيات تساعد على تسريع استجابة عالمية أوسع، ولكل جهة دولية القدرة على المساهمة، والإرشاد، والتعزيز والتنسيق بشأن العمل الدولي المشترك”.
ودعا الملك إلى إعادة التفكير سوية، وإعادة توجيه العالم بعيدا عن الخطر، مضيفا: “نحن نعلم ما هي المخاطر، ونعلم ما هي الفرص، فلنتخذ الآن الخطوات التي نحتاجها معا”.