عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
صباح الخير يا دكتور محمد خريس، صباح الخير يا دكتور علي حياصات، و منكما الى العلامة التاريخي الطبيب الشهير “الكندي” بتسكين الكاف، فقد جسدتم بجهودكم الطبية من خلال هذا الصرح الجديد “مستشفى الكندي” عبقرية ذلك العلامة بالممارسة حين حملتم اسمه من التاريخ الى التسويق العملي..
اكتب هذه الورقة التي انتزعتها من اوراقي لأتوقف قليلاً حين وصلت الى الكندي في حالة طوارئ في شهر شباط الماضي، وقد بسطت جائحة الكورونا انتشارها على الاردن، فلم يعد هناك سرير لمريض وكنت قد وصلت الى الطوارئ في حالة ارتفاع درجة الحرارة، بعد ان حملتني ابنتي الية قريب الفجر، حين وصلت لم أعرف أنني مصاب بالكورونا فقد تحصنت منها بالاعتزال في المنزل ودوام العمل منه، وقد سألت عن الدكتور محمد خريس الذي أعرف مواظبته على العمل واستنفاره الدائم، ليجعل من الكندي معلما طبيا مميزاً، وحين سألت بالهاتف رد على الدكتور نفسه، فاخبرته، فقال: اين انت؟ فقلت: في الطوارئ، فقال: سأكون عندك، وبعد خمس دقائق كان موجودا، وقد أمر لي بفحص الكورونا لاتبين أنني مصاب، وبدأنا البحث عن مكان في مستشفى وسألت أكثر من مستشفى كان بعضها لا يستقبل مرضى الكورونا ويكتفي بانه مستشفى جراحي مثل الكندي نفسه، والبعض الاخر يعتذر بالازدحام وعدم وجود اسرّة، واخيرا قال الدكتور خريس سأفرد لك غرفة ونجهزها حتى نرى، وبالفعل قام مشكورا في إفراد غرفة خاصة، وادخلت الى المستشفى وبدأت العلاج ،وقد استفحل بي المرض ورآى الدكتور حياصات مشكورا ان اتحدث الى مستشفى الأمير حمزة الذي كان الاكثر شهرة في استقبال مرضى الكورونا ،وربما ما زال حتى الان، وطلب من الدكتور ماجد نصير مدير المستشفى ان انقل الى هناك ، و كنت تحدثت ساعتها مع الدكتور المحترم الدكتور نذير عبيدات وزير الصحة وقد شجعني وألح الى ان انتقل الى حمزة باعتباره متخصصا..
وقد تابع الدكتور حياصات الحالة ووفر الاسباب، وانتقلت وهناك بقيت لشهرين ونصف تلقيت العلاج (البروتوكول) كاملا وسط مئات المرضى، وكان مستشفى الأمير حمزة مفخرة، وقد عبر تلك المرحلة باقتدار، ووفر أطباء وزارة الصحة فيه كل الامكانيات المتاحة وسط مرض لا يعرف الطب عنه الكثير ، ولكن العمل كان مستمرا بحيث فاض عدد المرضى لينقل الكثيرون منهم الى المستشفى المتنقل الذي بني الى جوار حمزة، والذي افتتحه جلالة الملك والقوات المسلحة ليضاف الى الانجازات الطبية الكبيرة..
كان الدكتور نصير مدير المستشفى انذاك حاضراً ساعة دخولي المستشفى وكان لا يتوقف لحظة عن تفقد أقسام المستشفى والمرضى الذين عرفوا حرصه ومواظبته وقد كان يدخل أعلى المعنويات الى النفوس، و يقول:” الكورونا تحتاج الى صمود، قاتلوها واشتبكوا معها حتى تهزم”، و قد فعلنا وكنا كمرضى محظوظين بطواقم حريصة من التمريض والتمريض التنفسي..
وفي الاشهر التي أمضيتها في مستشفى الأمير حمزة تعلمت الكثير وادركت حجم العمل الانساني المبذول، وحجم الانفاق الحكومي الكبير في المستشفيات، فقد علمت ان المريض الواحد يكلف حوالي الف دينار في اليوم، وان المستشفى كان يوفر كل اسباب العلاج المتاحة..
اعود الى البيئة العلاجية التي توفرت، الى الدور الذي يمكن ان تلعبه العناية والوعي، فالأمر لا يتعلق كون المريض في مستشفى خاص او حكومي بمقدار ما يتعلق ايضا في وعي المريض و حرصه ومتابعته..
في مستشفى الأمير حمزة جاءني طبيبان أحدهما الدكتور اللوزي والاخر الدكتور نفيسة وقالا: من قال لك ان لدينا إبرة إن أخذها المريض يشفى فورا؟ فابتسمت و قلت: لم اقل حين نقلت هذا، قالا: انك قلت هذا، قلت :ربما هذا من قبيل التفاؤل وانا ادرك انه لا يوجد مثل ذلك، فقالا: لو كان هذا موجود بين ايدينا ربما لجرى خطفنا من هنا، لا يوجد مثل هذا ونحن ما زلنا نجرب، فتذكرت نصيحة طبيبي الذي نقلني الى مستشفى الامير حمزة مشجعا..
ما أود ان أقوله في هذه السطور من الورقة ان “مستشفى الكندي” الذي قدم لي خدمة البدايات وانا أحمل المرض، ظل على متابعة لي حتى وانا في مستشفى حمزة، والفضل الى الدكتور علي حياصات وزير الصحة السابق الذي ترك بصمات في وزاره الصحة رغم اقامته السريعة فيها ..
اليوم وانا اشعر بالتعافي بعد شهور طويلة من المعاناة، فإنني أتقدم بالشكر باسمي وباسم كل من اصابه المرض “الكورونا” الى هؤلاء الاطباء والممرضين وإلى الفريق الكبير من اطباء الاردن الذين سهروا وعملوا حتى اخرجوا البلاد من الجائحة، وسجلوا باعتزاز انهم اهل لذلك، وانهم قادرون ان يوفروا بيئة علاجية مناسبة للاردنيين والعرب، وكل من قصد بلدنا للعلاج وهذا “الكندي” نموذج على ذلك..