عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
رحمة الله على روحك يا ابا شاكر “توفيق فاخوري”، وأبقى ذكرك قائما، فقد كنا على موعد هو يوم الافتتاح للفندق الذي حرصت على ان تقيمه بمالك الخاص بلا شركاء ولا قروض، ليظل اسمك متقدما في الاستثمار في البلد الذي احببته وعملت من اجله، وقد أورثت راية المحبة لمن جاءوا من بعدك ممن حفظوا الوفاء والامانة والعهد، لكن هذا اليوم لم يأت لأن يد القدر كانت قد سبقت فرحلت وفي نفسك ان تشهد يوم الافتتاح، بعد ان بشرت به طويلا..
سنظل نذكرك ويذكر من يعرفوك ومن لا يعرفوك وهم يرون هذا الصرح المميز او يقرأون عنه او يستفيدون منه، وآمل أن تنقش على مدخله لوحة تؤرخ لذلك وتؤرخ لعصاميتك يا “ابا شاكر”، وانا اخاطب هنا من أحبوك وارادوا لذكرك أن يبقى..
فقد توجهت الى الاغتراب وأنت شاب حين غادرت قريتك “جبع” من قرى مدينة جنين، وقد اشتهرت برجالها الاقتصاديين والمستثمرين، وكانت وجهتك الى المملكة العربية السعودية التي اقمت فيها لعقود..
الطريف انك حين نويت الاغتراب واخبرت والدتك لم تكن تملك مالا تزودك به، فسعت لدى الجارات ونساء الحي والقرية لتقترض ما تستطيع، فجمعت كما اخبرتني (87) دينارا هي كل الحصيلة التي حملتها للطريق وللعيش، وهناك حين وصلت عملت مع العمال في مقاولات صغيرة في الطرق والمباني ، واجتهدت وامدك الله بالعزيمة والرزق، وكنت تؤمن يقول الحديث القدسي ” والله لو أن عبدا من عبيدي عبدني حق عبادتي و(العمل من العبادة) إلا رزقته كما يرزق الطير، تغدو خماصاً (جائعة) وتروح بطاناً (شبعانة)، ومضيت حتى بلغت سن التقاعد او قبل، وأردت أن تعود لبلدك فاستقبلت عمان وبدأت العمل، وساهمت في أكثر من بنك ثم في (بنك الأردن) الذي آلت معظم اسهمه اليك، وكذلك أدرته فاحسنت الادارة وحافظت على اموال المودعين وحقوقهم، ونجحت في تجنيب البنك العثرات حتى حين كانت البنوك الأردنية قبل عدة سنوات قد اصيبت وجرى مساءلة بعضها نتاج صفقات أو في البورصة، استطعت أن تحافظ على بنك الأردن نظيفا بعيدا عن الاجتهادات الخاطئة والمغامرات غير المحسوبة، و واستفدت من الفرص القائمة وبقيت تراقب وتصحح وتستأنف مسيرة النمو والانماء في البنك، وبقيت تجتهد ليكتب لاجتهاداتك الصواب الذي كان يُقره باستمرار مجلس الإدارة..
اليوم البنك حين اودعته وأوصيت من اخترته عليه ليظل قادراً على استئناف دورته الحياتية معافا قادرا متكيفاً مع اصعب الظروف التي عاشها الاقتصاد الوطني الأردني.
نعم يا ابناء توفيق فاخوري..انكم تعتزون باسمه الذي تحملونه كما يعتز كثير من الاردنيين، وخاصة الذين عملوا معه في البنك (الأردن) فقد تدرب ابنه شاكر بين يديه حتى اصبح رئيسا لمجلس الإدارة بامتياز وغدا واحدا من اميز مدراء البنوك الاردنية وحافظ الى الاسم وعلى نظافة البنك ، و وايضا في شركاته المختلفة هنا وفي الخارج، والتي تفوقت و جرى تداولها في افضل البورصات وعادت بأرباح وفيرة.. كالدخان والاقبال و شركة المعسل الفاخر التي تولى قيادتها احد ابرز المديرين من ابناء الفاخوري وهو “سامر” في حين يعمل وليد في اسبانيا في مجال العقار ويسجل نجاحات ملحوظة تبرر اغترابه..
لقد ظل فاخوري الأب الذي نذكره ونترحم على روحه اكثر العاملين في البنوك حساسية، اذاء الاوامر وتعليمات البنك المركزي والابتعاد عن كل ما يخالف الاقتراب من كل ما يدعم و يمكن..
كنت ازوره واستمع اليه وتعرفت على كثير من المشاكل وقدرته الرهيبة وحكمته في حلها، فقد كانت تأتية الصفقات المعقدة ليجعلها سهلة، ويساعد كل من تعثر ليقبله من عثرته ما استطاع بنصائح لم يكن يبخل بها ..
سيكون يوم افتتاح فندق الريتز-كارلتون مناسبة اخرى رائعة لنتذكر توفيق فاخوري، وسيكون اول المبتهجين ايضا المدير المميز “عماد كيلاني” الذي وثق به “ابو شاكر” واختاره ليكون الى جانبه، وما زال يحدوا المسيرة ليقرب يوم الافتتاح..
اليوم الذي يكمل فيه “ابو شاكر” وصيته ويحقق احدى امنياته قبل الرحيل..
“ابو شاكر” يهدي الاردن فندقا مميزا بأكثر من خمس نجوم” يحمل اسم الريتز-كارلتون” الشهير ليكون معلما بارزا في موقع بارز في حي الفنادق الشهير في عمان، حيث تقع الفنادق الخمسة الشهيرة في نفس المربع..
سيكون يوم افتتاح الريتز-كارلتون” يوما للراحل بامتياز وستأتي ذكرى رحيله السنوى لنتذكر الجهود العظيمة التي بذلها “ابو شاكر” في خدمة الاقتصاد الوطني، وهو يستحق التقدير وان يحمل احد الشوارع الاساسية في عمان اسمه، وان ينقش على مدخل الفندق جزء من سيرة هذا العصامي الذي نفتخر به و بمسيرته..