عروبة الإخباري – بقلم : منيب رشيد المصري
لبنان يمر بأيام جدا عصيبة، وصفها البعض بأنها مرحلة من مراحل انهيار الدولة، فهي تعاني من أزمات مركبة ومتراكمة، أساسها اقتصادي سياسي، ولم تنجح كل المحاولات الداخلية والخارجية، لغاية الآن، لإعادة ترميم الوضع أو على الأقل وقف الانهيار الحاصل في هذا البلد الصغير بمساحته، الكبير في عطاءه.
لبنان الذي أحببت، وعشت فيه فترة من الزمن، كانت إحدى الفترات الأجمل في حياتي، يعاني من إضرابات كبيرة، ومشاكل ليس لها حصر، وأزمات متلاحقة، نعم كيف لا وهو البلد المستهدف بمؤامرات الحركة الصهيونية منذ تأسيس الدولة اللبنانية حتى الآن، فهو رمزاً متقدما في الثقافة والعلم والمقاومة، وهو الذي أخرج من بين أرزه الكثير الكثير من الشخصيات التي ساهمت في بناء الحضارة الإنسانية على اختلاف تفرعاتها.
لا شك أن لبنان بما يحمله من أهمية جيوسياسية، يشكل هدفاً للطامعين في السيطرة على المنطقة العربية، ولا شك بأن وجود المقاومة في لبنان وأيضا النفس المقاوم لدى الغالبية العظمى من مواطنيه يشكل أرقاً للحركة الصهيونية التي تسيطر على صناعة وتنفيذ سياسات البيت الأبيض، التي هدفها حماية دولة الاحتلال ودعم سياساتها العدوانية التوسعية التي تهدف إلى إقامة الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات.
إن ذهاب الرئيس الأمريكي ترمب من رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لا يعني انتهاء الرؤية الامريكية للشرق الأوسط، وبخاصة الترتيب المتعلق بصفقة القرن، التي يعمل على تنفيذها الرئيس الحالي جو بايدن، الذي يرى بضرورة كسر جناح المقاومة الأهم، وهو لبنان، من أجل تنفيذ هذه الصفقة التي لا تعني فقط إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل أيضا إنهاء الصراع مع الحركة الصهيونية لصالح مشروعها الأهم وهو احتلال العالم العربي، والذي يبدأ من لبنان عاصمة العزة والكرامة العربية.
أعتقد جازماً أن قيام الرئيس اللبناني ميشيل عون، قبل حوالي الشهر، بتكليف رئيس الوزراء السابق، نجيب ميقاتي، بتشكيل حكومة جديدة، وتأييد 72 نائبا، من أصل 115 نائبا شاركوا في الاستشارات، لم يأتي من فراغ بل من ايمان مطلق بأن هذا الرجل هو الأنسب والأقدر لقيادة هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان.
وبذلك يكون ميقاتي قد حاز على ثقة أهم كتل برلمانية وهي كتلة تيار المستقبل، وكتلة الوفاء للمقاومة، وكتلة التكتل الوطني، وكتلة الحزب التقدمي الاشتراكي، وكتلة الوسط المستقل، والكتلة القومية الاجتماعية، وكتلة اللقاء التشاوري، وكتلة التنمية والتحرير، وبذلك فإنني من معرفتي الشخصية بهذا الرجل الفذ والوطني الحر، فإنني مؤمن تماماً بأنه قادر على تشكيل الحكومة الجديدة كخطوة أولى باتجاه إعادة ترميم الوضع اللبناني الداخلي، وتقوية الجبهة الداخلية للوقوف في وجه كل المؤامرات التي تستهدف هذا البلد الحبيب، المزروع حبه في قلوب العرب.