بالتأكيد فان هذا اللقاء مهم جدا في توقيت أهمّ، ليس فقط على صعيد الملف الاكثر الحاحا وسخونة وهو الملف السوري وتحديدا الوضع الامني المتصاعد في الجنوب السوري، وتطورات الأحداث في درعا المتاخمة للحدود الاردنية، والتي دفعت بالاردن لاغلاق كامل حدوده مع سوريا في 31 يوليو/ تموز الماضي.. بل وعلى صعيد تطورات عديدة ذات اهتمام مشترك اقليميا وعالميا.
العلاقات الدبلوماسية بين المملكة الاردنية الهاشمية والاتحاد السوفييتي (سابقا) وروسيا الاتحادية (حاليا) بدأت في (21 آب 1963) أي قبل نحو (58) عاما بالتمام والكمال، وآخر لقاء بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان في تشرين الاول/ اكتوبر 2019 خلال مشاركة جلالته بمنتدى «فالداي» للحوار في مدينة «سوتشي الروسية».. وفي (11 يونيو/ حزيران 2020) جرى اتصال هاتفي بين الزعيمين بحثا فيه – بحسب الكرملين – «توحيد الجهود لمكافحة جائحة فايروس كورونا وملفي سوريا وليبيا».
العلاقات الاقتصادية والتجارية بين عمّان وموسكو شهدت خلال السنوات الماضية تطورات ملموسة، ويرتبط البلدان باتفاقيات سياسية واقتصادية وثقافية وسياحية متعددة، كان لها دور كبير في تمتين العلاقات بينهما وبناء شراكة حقيقية واستراتيجية في المجالات المختلفة، وهناك لجنة أردنية روسية مشتركة تجتمع بشكل دوري لمتابعة مجالات التعاون المشترك، خاصة في مجالات الزراعة والسياحة والنقل والطاقة، ولتطوير التعاون بين البلدين في المجال السياحي، أهدى جلالة الملك عبدالله الثاني روسيا قطعة أرض قرب منطقة المغطس، شُيّدت عليها كنيسة أسهمت في زيادة أعداد الحجاج المسيحيين لهذا الموقع الديني التاريخي، وكان الأردن – ولا زال – يعوّل على عودة السياح الروس الى المملكة وتحديدا العقبة ومأدبا لتعويض ما لحق بقطاع السياحة من أضرار جرّاء جائحة كورونا.
اللقاء المرتقب اليوم بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يأتي في أعقاب حراك سياسي نشط جدا شهدته المملكة منذ عودة جلالة الملك عبدالله الثاني من زيارة تاريخية ناجحة الى واشنطن، التقى خلالها بالرئيس الامريكي جو بايدن، وغرف صنع القرار، وبحث خلال تلك الزيارة مختلف الملفات والقضايا الاقليمية والعالمية.. وقد شهدت العاصمة عمّان مؤخرا لقاءات تتعلق بالقضية الفلسطينية والسلام في الشرق الاوسط، اضافة الى ملفات العراق وسوريا ولبنان.. وكذلك القضية الاكثر سخونة عالميا في الوقت الحالي وهي تطورات الوضع في افغانستان.. وكل هذه القضايا والملفات مهمة جدا للاردن وروسيا، وتدرك موسكو أهمية الدور الاردني في حفظ الأمن والأمان والاستقرار في الشرق الاوسط الجديد (من افغانستان شرقا وحتى المحيط الاطلسي غربا)، وتدرك موسكو حرص وأحقية الاردن بحفظ حدوده الشمالية، خصوصا مع تصاعد الاوضاع في درعا، كما تدرك موسكو دورالاردن الفاعل بمحاربة الارهاب ومكافحة التطرف وتعاون كل من الاردن وروسيا بمحاربة داعش.
الملف السوري بكافة تفاصيله: (العسكرية والامنية – والاقتصادية والتجارية -.. وحتى سبل ايصال الكهرباء والغاز الى لبنان عبر سوريا) ملفات من المتوقع أن تتصدرالمحادثات بين الزعيمين وأن يتم التوصل الى النتائج المرجوّة، وهي ملفات متداخلة مع تطورات الاقليم المتشابكة سواء في «الدورالايراني» في سوريا ولبنان واليمن، و»الدور التركي» في سوريا والعراق وليبيا، وتطورات الاوضاع في «افغانستان» وآثارها على الدول المجاورة وخصوصا روسيا والصين وايران،.. وانعكاسات كل ذلك على منطقة «دول الخليج العربي» ودورها الفاعل والمهم أيضا في كل الملفات المذكورة.. والتي تدرك كل من الاردن وروسيا أهمية دور كل طرف منهما وعلاقاته بكل تلك الملفات وأطرافها، وقدرة كل منهما على تحقيق الاستقرار في المنطقة انطلاقا من الشراكة الاستراتيجية بين المملكة الاردنية الهاشمية وروسيا الاتحادية، والعلاقة الدائمة والمتواصلة بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.