عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
أمام الرطانة التي بدأت تسري منذ زيارة الرئيس محمود عباس الناجحة الى الاردن فلا بد من التأكيد ان الرئيس عباس لا يأخذ شرعيته من اي نظام عربي، وان كان يحرص ان تكون علاقة الشعب الفلسطيني الذي يمثله علاقة طيبة مع كل الاطراف العربية، ولذا فان الرئيس لا يأخذ شرعيته من اي نظام سواء رضي ذلك النظام او غضب.. وقد تقوم بعض الانظمة العربية او بالأدق هي قامت بالتنمر على مصالح الشعب الفلسطيني والتدخل في شؤونه، ورغم التحولات المحسوسة في المجتمع الدولي الذي ابطل تنمر ادارة ترامب على المشهد الفلسطيني واعطاء اسرائيل مواقف لا يمكن قبولها خاصة حين سمّت ادارة ترامب القدس عاصمة لاسرائيل و مسائل اخرى اطلقت حينذاك يد نتنياهو في سياسة التهويد والاسرلة ..
والسؤال لماذا تغضب بعض الاطراف العربية على القيادة الفلسطينية او تحاول لومها او تستهون اسوارها، وهي تعلم ان هذه القيادة تحدت ادارة ترامب حين كانت ترتعد فرائض واقدام تلك الانظمة لمجرد ان ترامب لم يتصل او تأخر في السؤال عنها .
ما يهم الرئيس عباس هو استمرار العمل مع المجتمع الدولي للوصول بفلسطين الى دولة كاملة معترف بها ، وهذا ما يجري الآن ،حيث تكون زيارة ابو مازن القادمة الى الامم المتحدة في خطوة غير مسبوقة، اذ سبق ان صوتت فلسطين اخيرا في الأمم المتحدة كما لو كانت دولة كاملة السيادة.. المرحلة القادمة التي تحاول اطراف عربية واقليمية تعكيرها والاصطياد فيها ستشهد علاقات امريكية فلسطينية افضل، بعد جملة الكلام الذي أكده “بيرنز” رجل المخابرات المركزية الامريكية المتخصص في شؤون الشرق الاوسط، والذي قلب كثيرا من المفاهيم، حين تحدث عن قنصلية للفلسطينيين في القدس، وعن مكتب لهم في واشنطن، وعن مساعدات وكالة الغوث وعن امتدادات في المنطقة (ج) التي لم تفوضها ادارة بايدن لاسرائيل، ولا قبلت ما ذهبت الية ادارة ترامب..
المشكلة ان بعض الانظمة العربية الهشة التي آمنت بما سمي بالسلام الابراهيمي لادخال اسرائيل الى غرف النوم العربية.. هذه الانظمة ما زالت تصلي وراء الامام الاسرائيلي نتنياهو، الذي تبع سياسة ترامب ومذهبه السياسي ونسيت الى حد كبير ان ترامب ليس في البيت الابيض وليس في القرار، ولكنها ما زالت تعبد مرحلته.. وما زالت ترجو عودته وهي تستلهم احلام اليقظة هذه من نتنياهو الذي توجه الى سان فرانسيسكو للقاء نائبة الرئيس من اجل بناء علاقات مختلفة معها ومحاولة اقناعها بصلاحيته وسط استهجان الحزب الديمقراطي وحتى الاسرائيليين انفسهم، ويبدو ان نتنياهو كذنب الافعى لا بد من قطع رأسه وليس ذيلة في مقولة:
لا تقطعن ذنب الافعى وترسله ان كنت شهما فاتبع رأسها الذنبا
فهل جرى قطع ذنب نتنياهو وبقي رأسه؟ وما هو الحل اذا ما عمل الرجل للعودة الى موقعه؟
والسؤال ماذا انجز أبو مازن في زيارته الأخيرة في عمان، وما هي الاسئلة الصعبة التي طرحت عليها وهل أجاب عليها كلها أم أجل بعضها الى حين تخطى مرحلة معينة..
ثم لماذا أجلت زيارة ابو مازن لمصر وما هو جدول اعمالها؟ ولماذا اجلها المصريون وطلبها الاردنيون؟ الم تكن دعوة نفتالي بينت رئيس الوزراء الاسرائيلي الى القاهرة جزء من هذه الزيارة الاسرائيلية التي تريد التمهيد لجلوس فلسطيني اسرائيلي؟..
في كل المرات الماضية كان الاردن ينجح في اجلاس الفلسطينيين مع الاسرائيليين في مفاوضات وكان ذلك قد بلغ أوجه في زمن حكومة الديمقراطيين زمن “اوباما” حين عمل “كيري” على ذلك، ويومها حركت القاهرة او رسمت الماكيت الاردني وجمعت الرؤوس معا قبل ان يعطل نتنياهو ذلك ويلغي امكانية التواصل..
اليوم هل تعيد مصر فعل ذلك؟ وما الذي يمنعها؟ هل يعطي عباس ذلك ويشترط؟ ولذا جاء الاعتراض على زيارته ام أنه يريد لأي لقاء ان يتم على قاعدة مناقشة حالة الاحتلال وليس معاودة شراء الوقت وادارة الازمة؟..
لا بد من وقف الحالات العربية التي تواصل التدخل او تحاول التدخل في الشأن الفلسطيني تحت حجج وذرائع تصب كلها في المصالح الاسرائيلية.. فالفلسطينيون لن يعبدوا الالهة التي نسبها النظام العربي لتكون آلهة للفلسطينيين غضب من غضب و رضي من رضي، و على النظام العربي ان يلعب غيرها وان يخيط بمسلة اخرى إذ “ما بقاش بدها” على رأي الرئيس عباس..
الفلسطينيون يحاربون الارهاب وهم يميزوا الارهاب عن المقاومة، والفلسطينيون اصدقاء للمجتمع الدولي و دول العالم بما في ذلك الولايات المتحده، ولا تستطيع اسرائيل الآن او غيرها ان تحرمهم من ذلك، فقد لاحظت الادارة الامريكية ان الرئيس عباس رقم صعب لا يمكن العبث بموقعه وانه يستند الى شرعية فلسطينية جرى بنائها عبر سنوات طويلة ،وتمثيل تؤمن به الادارة الامريكية، وعلى الذين ينتظرون الخراب او الفوضى بعد عباس او في زمنه ان يبحثوا عن فرصة الشفاء من اوهامهم، فالرئيس باق ومؤسساته باقية وهي التي تقرر، ولا خوف على الفلسطينيين من الفراغ او غيرة، فالمؤسسة الفلسطينية اكثر رسوخا وقبولا من كثير من المؤسسات العربية الهشه التي يضر بها الفساد والتآكل والاعتماد على الاجنبي.. لقد اصبحت دروس افغانستان ماثلة والشاطر هو الذي يتعلم ويعتبر من غيره وليس من جيبه..
عباس لا يأخذ شرعيته من أي أطراف اقليمية!!
10
المقالة السابقة