14
تشرفت بزيارة جديدة لقطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة والتي جاءت بعد أسابيع قليلة من زيارتي الأخيرة وبعد العدوان الغاشم والمعركة البطولية التي خاضها أبناء شعبنا وأطلق عليها ” سيف القدس ” انتصارا لمدينة القدس ولما تتعرض له من تهويد ومحاولات التهجير للمقدسيين والاعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى المبارك وانتصارا للهبة الشعبية في يافا وحيفا واللد والرملة وبيت لحم والخليل وكل مدن فلسطين .
الحرب على غزة هذه المرة كانت الأكثر شراسة من حيث عدد الغارات الجوية التي نفذت بالمقارنة مع الفترة الزمنية للحرب ، ورغم ذلك صمدت غزة وانتصرت ، وكان انتصار يليق بالقدس وفلسطين ، وتبع هذا الانتصار المزيد من الصمود الذي بعث الأمل والتفاؤل والإرادة عند أهل غزة وهذا ما لمسته وعشته خلال زيارتي الأخيرة وقد كنت أتوقع أن يطغى اليأس والبؤس على الحياة في غزة إلا أنني تفاجأت بأن الغزيين أكثر قوة ولسان حالهم كل شيء يهون فداء للقدس .
بدأت الزيارة بوضع إكليل من الورد على نصب الجندي المجهول وقراءة الفاتحة على أرواح شهداء فلسطين ، وانطلقت بعدها لزيارة عائلات الشهداء والمواقع التي تعرضت للقصف والتدمير .
كان برنامجا حافلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى فقد زرت العديد من المؤسسات أبرزها جامعة الأزهر وشاركت بالمحكمة الصورية التي نظمت بشأن مسؤولية بريطانيا عن الآثار عن الناتجة عن تصريح بلفور ، وزرت جامعة غزة وشاركت بندوة حول دور الإعلام في دعم القضية الفلسطينية ، والتقيت بالقائد العزيز يحيى السنوار (أبو ابراهيم )وممثلي الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة كذلك اجتمعت بعائلة المصري في غزة والتي قدمت أكثر من 6 شهداء في العدوان الأخير.
ومن الجدير ذكره بأن لقاء القائد يحيى السنوار (أبو ابراهيم ) لم يكن عاديا حيث أكد التزامه وحرصه الشديد على إنهاء الانقسام بأسرع وقت ممكن ولم الشمل الفلسطيني .
وخلال الزيارة تشرفت بلقاء نقابة المحامين ونقابة الصحفيين وبحثنا سبل التعاون والشراكة وزرت المعهد الأزهري الذي وضع حجر تأسيسه الراحل أنور السادات بقرار من الزعيم الخالد جمال عبد الناصر .
غزة قدمت لفلسطين الكثير وقدمت للعالم وأحراره المزيد من العزة والكرامة وواجبنا أن نقدم لغزة ولأهلها كل ما نستطيع ولهذا كان قرار مؤسسة منيب وانجلا المصري المساهمة بخمسة ملايين دولار لإعادة إعمار القطاع موزعة على برنامج للمساعدات الإنسانية وتحديدا لدعم ضحايا العدوان من الجرحى وذوى الشهداء ، وبناء مركز للابتكار والتميز في جامعة الأزهر بالشراكة مع جامعات غزة ، وكذلك بناء مبنى جمال عبد الناصر ومنيب رشيد المصري في المعهد الأزهري ، وبناء مدرسة ابتدائية في خان يونس .
غزة ليست مجرد مدينة فلسطينية هي مصنع الرجال ومعززة الإرادة وباعثة الأمل ، وصانعة الأحلام ، وأرض البطولات ، غزة ليست كأي مكان في العالم رغم الحصار ورغم الدمار إلا أنك تشعر بأنها أقوى مكان في العالم .