عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
زيارة الرئيس أبو مازن الى تركيا حملت الكثير الجديد، فقد كانت العلاقات الفلسطينية التركية التي يمثلها رسميا الرئيس عباس والسلطة الوطنية الفلسطينية بحاجة الى ترميم واعادة ترتيب واعراب الكثير من جملها، بعد ان ظلت هذه العلاقات تستغلها حركة حماس بدعم دولي وقطري، الى ان ضاقت تركيا الرسمية التي يقودها الطيب اردوغان بهذا الاستغلال الحماسي الذي عرض السياسة التركية للنقد من اطراف عربية ودولية..
توقفت تركيا عن شراء موقف حماس ووجدت تركيا ان حماس حتى في علاقاتها معها تستقوي باطراف اخرى لتمارس ضغطا او تجمّل صورتها، او لتنال من دور السلطة الوطنية الفلسطينية..
الرئيس عباس بدأ واثقا من ان لتركيا مواقف مسؤولة لا تغادرها و لا تخطئ فيها حين يتعلق الامر بالتعامل مع عنوان الشعب الفلسطيني وما يتفرع عن ذلك من قضايا ..
رجب اردوغان قائد سياسي وليس رجل دين ، ومصالح تركيا عنده هي المقدمة لأنه يحكم من خلال حزب له انداد ومنافسين ومعارضة، واذا كان ممثل حماس في تركيا صالح العاروري قد بلغ بالعلاقات اوجها وهو من دعاة المصالحة الفلسطينية من خلال شراكته في المحادثات الاولى عنها مع الفريق جبريل الرجوب، حيث فتحا باب التفاوض المفضي للتحرك فإن تركيا لم تعد تسمح بمزيد من استغلال حماس للعلاقة منبهة الممثل (اذا كان صاحبك عسل..).
وهو الامر الذي نقله عضو المكتب السياسي لقيادته التي ظلت تضغط باتجاهات اخرى..
نضجت رؤية تركيا للموقف الفلسطيني الذي يمثله الرئيس عباس، وتجدد علاقة الرئيس عباس في الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الذي يُقر له بالقيادة، ولذا وجدنا تركيا تدعو الرئيس عباس و تستمع له وتستفيد من رؤيته للصراعات، وتعد بدعم سياسي كان يدركه الرئيس عباس منذ اجتماع كل الفصائل وفتح في تركيا في محاولة من الرئيس عباس لدفع المصالحة للامام..
ادركت تركيا الان وهي تتحدث مع الرئيس عباس ان الصورة التي تنقلها حماس ليست دقيقة او صحيحة، وان فيها بعداً استعدائياً ضد السلطة و ضد القيادة الفلسطينية ، وان فيها اتهامية لم تعد قائمة، ولذا فان اردوغان الذي يهمه ارث العثمانيين في القدس استمع بشكل جيد للرئيس عباس، واكد دعمه للمصالحة والانتخابات وحتى لموقف السلطة من الحكومة الاسرائيلية..
تركيا التي وجدت اخيرا ان عنوان تعاملها مع فلسطين هو من خلال الرئيس محمود عباس ذهبت ابعد من ذلك حين استعلمت عن تدخلات اقليمية في القضية الفلسطينية كان يجري التغطية عليها بوسائل مختلفة، وقد ابدى الاتراك حيرتهم بلقاء الدعم القطري والاماراتي من منظور تحالفات مدفوعة مع حماس في غزة بعد العدوان عليها، حيث تعتقد تركيا الان ان الاعمار لا بد ان يكون شفافا وعبر التمثيل الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله ..
تركيا اعادت في المرحلة الاخيرة موضعة موقفها ، فهي اكثر انفتاحا على مصر واقل استفزاز، وتعمل على تقييم موقفها، كما انها اكثر حذرا في التعامل مع دول الخليج ، سيما وان بعض هذه الدول مولت تدخلات في الشان التركي كما فعل محمد دحلان المنشق والذي دخل في مواقف معادية لتركيا وتناول بالشتم موقف اردوغان..
كما ان تركيا تعيد النظر في المواقف الاقليمية من غزة وفي مشروع اعمارها.. وحتى في الموقف المصري والقطري والاماراتي وفي سياسات التطبيع المجانية..
اعادت تركيا مواقفها الاساسية والرسمية والثابتة من القضية الفلسطينية و من القدس امام الرئيس عباس، و وعدت بدعم يترك اثرا سياسيا ودبلوماسيا ،واكدت على ضرورة ان يتم اعمار غزه عن طريق القيادة الفلسطينية الشرعية، وحذرت تركيا من استمرار الانقسام الفلسطيني و مخاطر التدخلات فيه، ورأت ان تتوقف حماس عن حملات الانقسام والتشهير و ان تقترب من رؤية السلطة في الوحدة الوطنية وحتى في طريقة تسوية قادمة..
الرئيس عباس في زيارته الاخيرة كما فهمت بني مواقف جديدة متصلة، وهو يثق ان تركيا لن تذهب بعيدا في مواقفها، وهي حريصة على استمرار دعم موقف الرئيس عباس و تفهم وجهة نظره ،وتقديم اشكال من المساعدة السياسية له عبر اي مواقف دولية قادمة..
زيارة عباس لتركيا وان جاءت مفاجئة فقد حملت كثيرا من النتائج الايجابية التي صححت مواقف واراحت الرئيس ابو مازن.
عباس في تركيا.. كسب جديد وتصحيح مواقف خاطئه!!
8