عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
الرئيس سمير الرفاعي رئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية يعمل ليل نهار لانجاح مهمته.. فسمير الأمس ليس سمير اليوم في الادراك والمعرفة وقراءة الشارع، فقد أخذ الرجل فرصتة من خلال اكثر من ثلاث سنوات أمضاها والاتصالات بمجموعات مميزة من المهتمين بالعمل العام، حيث جال كل انحاء المملكة والتقى بالالاف من المواطنين على مختلف المستويات، وقد استفاد من الاطلاع على كافة وجهات النظر وناقشها سواء التي يتفق معها او تلك التي يختلف..
والحقيقة ان الرئيس الرفاعي اجرى حوارات فيها طرفين هو من جانب والجمهور من جانب اخر، وتلقى اراء واسئلة وسمع اجوبة، وقد وقدم اجوبة ايضا وهذا الامر يختلف على مجرد اللقاءات لطرح الكلام، وكأن الشخص يلقي محاضرة او يقول كلمته ويمشى، لقد وفر الرفاعي مع من التقاهم مناخات الحوار وأسس لارضية صلبة يستفيد منها الان وهو يقود لجنة تحديث المنظومة السياسية.. ركيزة اخرى تحمل جهود الرفاعي وتشير الى انه سينجح بالاضافة لاكتنازه رأي الجمهور هو قُربه من الفكر الهاشمي الملكي والاطلاع عليه والاخذ به من خلال المواقع التي تولاها في الديوان الملكي كأمين عام للديوان وكمستشار ومواقع اخرى وايضا من خلال توليه موقع رئيس الوزراء وتقديمه برنامج مكتوب بل يكاد يكون كما اعلم رئيس الوزراء الوحيد الذي قدم برنامجاً وناقشه مع جمهور بحضور المعشر “ابوصالح” نائبه في المركز الثقافي الملكي، و قد حدد لحكومته سقفا وعتبة والزمها بمواعيد لولا انها غادرت قبل الاوان..
اذن ركيزتان او رافعتان لعمل الرفاعي.. الاول الاطلاع على مواقف الشارع من خلال اللقاءات والجولات التي تميزت ، والثانية هي التأثر بالفكر الهاشميين وتوجيهات الملك عبد الله الثاني ولذا جاء خيار الرفاعي لرئاسة اللجنة مدروسا ومعولاً عليه..
في الايام الماضية التي قطعتها اللجنة في العمل بدأت الجديّة والمسؤولية، وقد قطعت اللجنة مسافة معقولة وبدأت الملامح لعملها تظهر، وقد افادت من تقسيم اللجان التي بعضها شارف على تقديم تصورات دقيقة..
توجيهات الرفاعي للجنة كانت بهدف المنهجية، فالرجل لم يتدخل في الاراء وانما اراد استثمار الوقت وعدم تبديده ،واشار الى ان هناك فرق بين العصف الفكري الذي تكاثر بداية وبين وضع النقاط على حروف لتشكيل جمل مقروءة وفقرات حيّة تُمكن اللجنة من تحديث المنظومة.. لأن ما هو قائم ليس فاسدا او لا يصلح انما يحتاج الى تحديث وتجديد ، وهذا ما ارادت اللجنة ان تنجزه في قانون الانتخاب وقانون الاحزاب والقوانين الاخرى الناظمة للحياة السياسية بكل تفرعاتها..
اثبت الرفاعي كما وردنا من داخل اللجان والحوارات انه يتمتع بوعي وثقافة وسعة صدر وتحمل وقدرة وافية على النقاش، وانه يعد الافكار التي تولدها اللجنة وتتوافق عليها ليبنى المشروع السياسي المنوط به انجازه، والذي سيختصر المسافات الزمنية ويقرب ميلاد الحكومة البرلمانية والحكومة التي تضم احزاباً وكتلاً حزبية قادرة على دفع انجازاتها للامام والتنافس في ذلك..
الرفاعي يدرك انه لا يتدخل في شؤون البرلمان ولذا اكد لمن سأل ان البرلمان والحكومة وحلهما يعود لجلالة الملك، فهو صاحب الصلاحية الدستورية في هذا المجال، ولكن اللجنة تعد من اجل حكومات لاحقه تتوفر لها الوسائل العملية لادوات الاصلاح ،وتعمل من خلال كتل وتيارات برامجية..
يدرك الرفاعي اننا اضعنا وقتا طويلا قبل الان، ومنذ تشكيل اللجنة الملكية لصياغة الميثاق الوطني وما تبعه من لجان واجندات وحوارات و انه لم يعد هناك ترف الوقت لمزيد من ذلك، وان الوقت والحاجة والضرورة تحاصرنا لنقف في صف الاصلاح و نستوي ونعتدل و نقدم واجباتنا في خدمة بلدنا و وطننا وشعبنا، ونلبي الرغبة الملكية التي ظلت تراهن على وعي المواطن حين قدمت الاوراق الملكية للنقاش ولم تفرضها كقوانين، رغم اننا كنا نتمنى الموقف الاخير وهو فرضها.. ولذا فان هذه المهمة يبدو انها اعطيت الان للجنة تحديث المنظومة مستفيدة من الاوراق ومطوعة لكل العمل يكون نهجا جديدا نبدأ به الاصلاح..
ولأن الرفاعي يؤمن ان رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة، فقد بدأ مع المجموعة اللجنة الملكية بعدة خطى وهو يعمل ان يكون سريعا، فالوقت قصير والملك يستعجل الانجاز ويرى ضرورته..
الرفاعي يعول على النتائج ولن تكون بعض الحشرجات والمواقف ومحاولات وضع العصي في دولاب اللجنة من الداخل والخارج قادرة على التعطيل او التشوية، لأنه يراهن على الحوار “البساط الاحمدي” ووضع كل شيء على الطاولة، فلا شيء لا يناقش حين يحكم الدستور والمصلحة الوطنية..
يحرص الرفاعي ان يضع الجمهور المنتظر في الصورة ، ولذا جاء لقاء الثلاثاء في المؤتمر الصحفي الذي قد يتكرر لأن الراي العام يعلق الكثير من الاهتمام على اعمال اللجنة التي من شأنها ايضا في نتائج اعمالها ان تعيد بناء الثقة بين النخبة السياسية وبين الشارع، بين الدولة وبين مواطنيها بشكل افعل واصوب وانفع ..
لا يوجد شيء تخجل منه اللجنة ولا يوجد شيء يخفيه رئيسها، خاصة أن سقف الحوار في اللجنة عاليا واللجان هي سيدة حواراتها الى ان تتوفق لاحقا مجتمعة على كل ما توصلت اليه اي لجنة بمفردها في اللجنة العامة..
المناخات التي يعمل فيها الرفاعي هي من النضج والصحية والسلامة وافضل من اي مناخات سابقة عملت فيها جهات عديدة لنفس المهمات، او ما يشبهها لأن اللجنة تأتي في زمن حساس لايجوز تبذير الوقت فيه ،وتأتي مسلحة بإرادة ملكية وكفالة وحماية من التدخل او التغيير الذي كان يُفسد ويُبطل عمل اللجان السابقة التي كانت تخضع لعمليات قصرية ولحالة من التعويم تفقدها مبررات اعمالها ..
لا يوجد امامنا الآن الا ان نتفاءل وقد كتبت منذ اليوم الاول لتشكيل هذه اللجنة “تفاءلوا بالخير تجدوه” ، واليوم اعتقد ان الترياق قد يأتي ولن يتأخر مثل كل مرة ، وان على الرئيس الرفاعي ان يجند الآن كل طاقة ممكنة داخل اللجنة اوممن يسندونها للخروج بالقرارات المطلوبة، فالروشيتة التي ستكتبها اللجنة هي التي تحمل الدواء، ولا بد ان تصرف فلم يعد احد قادر ان يوقف صرفها او تأجيلها او وضعها في الادراج، ان كنا نريد ان نخرج بهذا الوطن الجميل الى افاق المزيد من الحرية والعطاء والقدرة على تحقيق الذات والاعتماد على النفس..
لا محرمات في بحث اللجنة العامة ولجانها.. وسيكون هناك تحديث واسع وعميق لقانون الانتخاب وآخر للاحزاب، وستلد الكتل واضحة المعالم وستكون هناك تيارات برامجية هي ادوات اصلاح كل النشاطات في التعليم والصحة وغيرها.
كما سيعاد النظر في قضايا قد يعتبرها البعض مسلمات او “ابقار هندية” فالتطور يفرض على شعبنا ودولتنا التحديث والابتعاد عن كل ما يصنع الفروق والتمييز، ولذا سيعاد النظر في الكوتات وغيرها..
ادخل الرفاعي الطمأنينة مرة اخرى الى نفوسنا بالتاكيد على ما أكده جلالة الملك من ان اللجان لن تخضع لأي تاثيرات او تدخلات بشأن اي موضوع من الموضوعات التي ستعرض على جهات التشريع واتخاذ القرار النهائي من لدن جلالة الملك.. الذي وسم اللجنة بارادته وكفلها من التدخل.. لا بد من ان يكون مجلس النواب حليفا ومعاضداً وداعما لا معطلا، و نحن لا نخشى ملاحظاته و لكننا نخشى ان يتكرر ما كان زمن حكومة السيد مضر بدران التي استقبلت الميثاق الوطني بفتور ووضعته في الادراج.. لكن الامس غير اليوم والحاجة والقدرة والضرورة غير، و سمير الرفاعي عليه ان يلبس الثوب الذي فصله ليثبت انه مناسبا وانه لم يفصله ليكون واسعا أو ضيقا عن جسم اي حكومة.. فمجلس النواب صاحب ولاية وعمله كفيل بحماية الدستور ايضا..
ستكون اعمال اللجنة بين يدي البرلمان يناقشها وسيكون شعبنا رقيب على الجميع لنرى ما العمل؟
حين يُفصل الرفاعي الثوب له ولغيره..
9
المقالة السابقة